يقفز في النهر ليثبت بطولته لحبيبته فكانت نهايته
المدينة نيوز :- كان أحمد ابن قرية العوامية بساقلتة شاباً وسيماً تتهافت عليه الفتيات منذ صغره، وتعلقت قلوبهن به، وكل واحدة منهن كانت تمني النفس بأن يكون فارس أحلامها، وبجانب وسامته كان خجولاً وذا أخلاق عالية وأدب جم أحبه أهل قريته وتوسموا فيه خيراً، ولكن قلب أحمد تعلق بواحدة فقط كان ينتظرها بشغف ووله وعيناه دائماً تفضحانه كلما شاهدها تغدو وتروح، ولاحظت «نورهان» نظرات الإعجاب التي كان يطلقها لها كالسهام حتى أصابت قلبها وتعلقت به هى أيضاً وانتظرت طويلاً حتي يفضي إليها بمكنون قلبه، ولكن خجله ألجم لسانه وفجأة أحس أنه لا يستطيع أن ينتظر أكثر من ذلك وقرر ان يبث إليها بمشاعره وكأنه ابتلع حبوب للشجاعة فجأة والتقى بها وكانت كلمات العيون أسرع وأقوي من عبارات الإعجاب التي نطق بها، ولم يدر بخلده أنها تبادله نفس الحب والمشاعر.
ولأن أحمد يعلم جيداً أنه يعيش في قرية بأقصى صعيد مصر لها عادات وتقاليد صارمة، ولحبه الشديد لها وخوفه على سمعتها هرول مسرعاً إلى أهله يخبرهم بمن اختارها وتعلق بها قلبه وسلبت عقله في آن واحد، ولأن الأسرة كانت تخطط للبحث عن عروس له وإقامة الأفراح وأمام إصرار أحمد للارتباط بحلم حياته «نورهان» رضخت الأسرة وتمت الخطبة وسط فرحة الأهل والجيران والأصدقاء، وكانت فرحة أحمد ونورهان لا توصف، تحقق الحلم.
وجاء اليوم الموعود لنهاية أحلام العاشقين وحسد فتيات القرية لنورهان التي فازت بقلب معشوقهن، وذهب أحمد إلى منزل خطيبته وألح على والد خطيبته للسماح له بالخروج معها فى نزهة بمدينة سوهاج بعيداً عن قريتهم يعتبر ذلك خروجاً عن العادات والتقاليد، وأمام إلحاح أحمد الشديد وافق والد خطيبته بعد أن اشترط عليه عدم التأخير والعودة قبل العصر إلى القرية.
غمرت السعادة قلب الشاب المسكين وأحس بأن الدنيا لا تسع فرحته، فهذه المرة الأولى التى يخرج فيها مع خطيبته بعيداً عن الزيارات المنزلية التى يكون فيها محاصراً بأهلها ولا يستطيع التحدث معها ليبث لها عبارات الغزل ويقص لها أحلام الحب والهيام التي باتت تؤرقه كل ليلة ويحكي لها عن ترتيبات حياتهما الزوجية القادمة وأحلامه.
اختار الشاب إحدى السفن النيلية لقضاء نزهته مع حبيبته والاستمتاع بجمال الطبيعة على صفحة نهر النيل «نهر الحب» كما يقال وتبادل الأحاديث التى استعرض خلالها أحمد قصص بطولاته عن السباحة فى النهر وما حققه من انتصارات على أقرانه وعندما أحس بأن نورهان تشعر بأنه يبالغ فى الحديث عن نفسه أخبرها أنه سيثبت لها صدق كلامه عندما ترى بعينيها مهارته فى السباحة، وكأنها أحست بالخطر المحدق بها حاولت منعه بكل الطرق، وصرخت أننى أصدقك، إلا أن محاولاتها لم تفلح أمام إصراره وفجأة قفز من أعلى السفينة إلى النهر دون أن يلتفت لصرخاتها وتوسلاتها له بألا يقفز فى النيل، وحاول السباحة، إلا أنه فشل وبدأ جسمه يختفى بين مياه النهر، بينما تملك الرعب من الفتاة التى صرخت بأعلى صوتها لنجدة خطيبها: الحقونى أنقذوا أحمد، صرخاتها ملأت الفراغ وغاصت إلى أعماق النيل ولكن لم يسمعها أحد، اختفى أحمد بين أحضان النيل، وظلت نورهان تصرخ: أحمد اخرج أرجوك لا تتركنى، جاءت قوات الإنقاذ النهرى ولكن بعد فوات الأوان، مات أحمد، سقطت روحه فى النهر إلى الأبد، خرج جثة هامدة لا حراك لها، لم تلتفت نورهان إلى كل من حولها احتضنت الجثة، صرخت: أحمد لا تتركنى، نحن لم نبدأ بعد، نحن سنبنى بيتاً وننجب أولاداً، لا تذهب، ولكن مجرد صرخات لميت لن يعود، عادت إلى القرية ومعها جثة أحمد، وكل العيون التى كانت تحسدها بكت بحرقة عليها، وعلى نهاية قصة حبها التى لم تكتمل بعد، أو لم تبدأ من الأساس، حملوا النفس إلى المدافن، انهارت الحبيبة فقدت وعيها، راحت فى غيبوبة طويلة وكأنها ترفض أن تراه ذهاباً بلا عودة، نقلت إلى المستشفى، رفضت الحياة، وما زال الجميع يحاول معها ولكنها ترفض أن تتخيل ما حدث وتهرب من عيون الجميع، وإذا ما فاقت لوقت قصير كانت تقول: أحمد لا تذهب، وانتهت قصة حب بريئة، والجميع حزين، غير مصدق، كيف هذا حدث، وما هذا القدر العجيب الذى جمع بينهما كى يفرق بينهما فى أسرع وقت، وكأن أحمد كان يسابق الزمن ليرتبط بها قبل أن يموت.