في يومها العالمي.. دعوات لربط اللغة العربية بالهوية الثقافية
المدينة نيوز:- في الوقت الذي يتم الاحتفال فيه باليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف بعد غد الاثنين للتأكيد على "مركزية" هذه اللغة وإبراز الإسهام المعرفي والفكري والعلمي لها ولأعلامها في مختلف مناحي المعرفة البشرية عبر التاريخ، دعا خبراء إلى مواجهة واقع اللغة العربية بين مختلف الأوساط الاجتماعية، وبناء استراتيجية وطنية شاملة للنهوض بها عبر مختلف الوسائل، وربطها بالهوية الثقافية، وتكريس صورة نمطية سليمة ومغايرة عن الاعتقادات السائدة بجدوى استخدامها.
وتقرر الاحتفال باللغة العربية في 18 كانون الأول كونه اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة.
وأشار الخبراء في حديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إلى ضرورة الإدراك بأن "الاعتزاز بلغتنا العربية يعد جزءا لا يتجزأ من الانتماء لهويتنا العربية والإسلامية، وتوجيه الأفراد والمؤسسات إلى الحفاظ على اللغة العربية وحمايتها، لما تشكله من مرجعية أساسية للأمة بوجه عام".
ويقول أمين عام مجمع اللغة العربية الأردني الدكتور محمد السعودي، إن الاعتقاد بأن اللغة العربية تتصف بعدم القدرة على مواكبة العصر من أبنائها جعلها تتراخى في مجال التقنية والتطور، الأمر الذي كرّس صورة نمطية عند العديد من الأفراد بعدم جدوى استخدامها بالشكل السليم في مختلف مجالات الحياة وحتى المعرفية منها، مبيناً أن معظم الأبحاث والدراسات التي تقدم من قبل الباحثين العرب في مختلف التخصصات تكتب باللغة الإنجليزية، ما يعيق من ايصال اللغة العربية وإبرازها لغير الناطقين بها من جهة، وعدم الاعتزاز بهذه اللغة الأصيلة من جهة أخرى.
ويضيف، ان الأردن تقدم عن مختلف الدول العربية عبر أخذه بزمام المبادرة للحفاظ على اللغة العربية وهويتها بإصدار قانون لحماية اللغة العربية في عام 2015، لافتاً بالوقت ذاته إلى أن المملكة أخذت السيادة في طرق هذا الباب لإصدار هذا القانون الموشح بالإرادة الملكية السامية وإخراجه لحيز التنفيذ، الأمر الذي يتطلب مشاركة مختلف جهود المؤسسات والجهات والأفراد للنهوض بواقع اللغة العربية لتعكس هوية المجتمع الأردني والعربي بالشكل السليم.
ويشير إلى أن مجمع اللغة العربية أعد احتفالية خاصة في هذا اليوم، يتخللها العديد من الأنشطة والفعاليات والمبادرات التي يحرص على تقديمها بشكل دائم، وذلك ضمن أهدافه التي يسعى من خلالها إلى الحفاظ على سلامة اللغة العربية والنهوض بها لمواكبة متطلبات مجتمع المعرفة وإحياء التراث العربي والإسلامي.
وبذات الصدد، يشير أستاذ العلوم التربوية في الجامعة الأردنية الدكتور ناصر الخوالدة، إلى ضعف استخدام اللغة العربية بالشكل السليم والصحيح من قبل أبنائها، إذ يميل العديد منهم إلى استخدام ما يعرف بــ "اللغة العامية"، كما أن أغلب التربويين باتوا يدرسون بالعامية أيضاً، الأمر الذي انعكس على الطلبة ولا سيما الأطفال منهم، حتى أصبحوا لا يستطيعون الحديث والتعبير عن ذاتهم بلغة سليمة، مؤكداً في الوقت ذاته ضرورة التدريس في مختلف المراحل باللغة العربية الفصيحة وتجنب اللغة العامية "الفضيحة"، كخطوة أولى في الاتجاه الصحيح نحو حماية "العربية" وتكريس استخدامها.
ويبين أن دخول اللهجات واللغات الأخرى واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي والشعور بدونيّة اللغة العربية وعدم جدوى استخدامها وغيرها من الأسباب، أضاع اللغة العربية وجدية الحفاظ عليها، ما يؤكد الحاجة إلى مواجهة حقيقية ومنظمة ومدروسة من مختلف الجهات والهيئات المعنية لحماية "العربية" والحفاظ عليها، فلا يمكن أن تكون وسيلتنا الاتصالية الأساسية ومرجعيتنا الحقيقية "مشوّهة" كما هي عليه الآن، مشدداً على رسم سياسات واستراتيجيات وطنية شاملة من شأنها النهوض باللغة العربية والارتقاء بها عبر مختلف الوسائل المتاحة، مع أهمية التركيز على التنشئة اللغوية السليمة لأطفالنا في مراحلهم التعليمية الأولى والبناء عليها.
ويرى أستاذ اللغة العربية في الجامعة الأميركية المفتوحة الدكتور بشار شريف، أن أبرز ما يمكن أن نستذكره في هذه المناسبة هو أن للغة العربية يوم عالمي يحتفل به، ما يعكس أهمية هذا اليوم لدينا كناطقين لهذه اللغة، إلا أن واقع الأمر يفيد غياب هذا التاريخ عن ذاكرتنا وبالتالي عدم اهتمامنا بلغتنا الأساسية، حيث أن مجرد وجود يوم يحتفل به العالم بمركزية اللغة العربية وحفظ تاريخه يعني الكثير لعل أقلها لفت نظرنا لمدى اهتمامنا بها، الأمر الذي يتطلب الترويج والتسويق له أسوة بباقي الأيام العالمية التي نحفظها عن ظهر قلب.
ويضيف، ان المطلوب يتحدد بأهمية ربط اللغة العربية بهويتنا وحياتنا العامة، حيث لا يزال أغلب الطلبة في مختلف المراحل الدراسية غير مقتنعين بجدوى استخدامها ومدى الاستفادة منها في الحياة العملية، الأمر الذي يدعو مختلف المعلمين والتربويين الى ربط اللغة بالحياة العملية، لخلق نوع من التقبل بجدوى استخدامها لدى أبنائنا، مبيناً أن العديد من الأحكام والفروض الدينية قائمة على فهمنا للغة العربية، كما هو الحال في النواحي القانونية التي تحدد أحكام القانون بناء على التعبير اللغوي الصحيح للقانون وبالتالي تطبيقه وفقاً لذلك، وغيرها من الشواهد التي تؤكد الحاجة للغة العربية السليمة في مختلف مجالات الحياة العامة، مع الأخذ في الاعتبار تكريس الأمثلة الحديثة في التعليم لتقريب الفهم السليم للغة وعدم عزل الطلبة عن لغتهم الأساسية.