2017 عام الهجمات الدموية العابرة للقارات.. فماذا يخفي 2018؟
المدينة نيوز:- على غرار السنة الماضية، شهد العالم عام 2017 ارتفاعاً في عدد الهجمات الإرهابية التي أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن معظمها في إطار تنفيذ سياسة استهداف الدول المشاركة في التحالف الدولي بعقر دارها.
بداية عام 2017 كانت دموية بامتياز، فخلال احتفالات رأس السنة فتح أحد مقاتلي تنظيم الدولة النار على رواد ملهى "رينا" الليلي بحي أورطاكوي في منطقة بشكطاش بمدينة إسطنبول التركية، ليقتل 39 شخصاً ويجرح 69 آخرين.
الهجوم على ملهى "رينا" كان إيذاناً ببداية عام جديد لا يقل دموية عن سابقه، وتأكيداً على نية تنظيم الدولة مواصلة نقل معركته من سوريا والعراق إلى العمق الغربي، وهو ما ترجمه أحد ذئابه المنفردة في 22 من شهر مارس، عندما دهس مواطن بريطاني، يدعى خالد مسعود، مجموعة من المارة على جسر "وستمنستر" في العاصمة لندن، قبل أن يطعن ضابط شرطة ويلقى مصرعه على أثر ذلك، مخلفاً 3 قتلى وعدداً من الجرحى.
ورغم تشديد إجراءاتها الأمنية، لم تَسلم المدن البريطانية من تواصل الهجمات التي يقف خلفها تنظيم الدولة؛ ففي 22 مايو، قُتل 22 شخصاً وأُصيب نحو 50 آخرين في انفجار عبوات ناسفة بقاعة "مانشستر أرينا" للحفلات الموسيقية في مدينة مانشستر.
وبعد أقل من أسبوعين من تفجير مانشستر، لقي سبعة أشخاص حتفهم وأصيب 48 آخرون، بعد أن صدمت حافلة بيضاء مجموعة من المارة على جسر لندن بريدج، ثم ترجَّل ثلاثة أشخاص وطعنوا عدداً من المارة في سوق "بورو" القريب قبل أن يُقتلوا برصاص الشرطة، ليتبنّى تنظيم الدولة لاحقاً العملية.
وشهدت مدينة برشلونة الإسبانية في 17 أغسطس، هجوماً هو الأعنف في تاريخها، عندما دهست سيارة من نوع "فان" يقودها أحد المنتمين إلى تنظيم الدولة، المارة في شارع لارامبلا؛ ما أدى إلى مقتل 13 شخصاً جراء الدهس وشخص آخر طعناً من سائق المركبة الهارب، وإصابة ما لا يقل عن 100 شخص بجراح.
الولايات المتحدة الأمريكية هي الأخرى، لم تكن أفضل حظاً من تركيا وبريطانيا وإسبانيا؛ ففي أكتوبر، أطلق مواطن أمريكي، يدعى "ستيفن بادوك"، النار على مشاركين في حفل غنائي بالمدينة، فقتل 59 شخصاً وأصاب 527 آخرين بجروح ثم انتحر.
وبعد ساعات قليلة من الهجوم، تبنَّى تنظيم الدولة عملية إطلاق النار، معلناً أن منفذ الهجوم يدعى "أبو عبد البر الأمريكي"، وأنه "اعتنق الإسلام" قبل 6 أشهر من تنفيذ العملية، وفق ما نقلته مجلة النبأ الناطقة باسم التنظيم.
وفي سياق تعليقه على تنامي الهجمات الخارجية لتنظيم الدولة في عام 2017، قال الباحث الأردني في الجماعات الجهادية حسن أبو هنية: إن "عام 2017 شهد إعادة تموضع للجهادية، بشقيها تنظيم الدولة والقاعدة، نتيجة الضغوطات العسكرية والأمنية التي تتعرض لها هذه الحركات في مختلف مناطق انتشارها، وخصوصاً مركز ثقلها في العراق وسوريا من جهة؛ ونتيجة الخلافات التي عصفت بالحركات الجهادية وترتيب أولوياتها، سواء الخلافات بين القاعدة وتنظيم الدولة أو داخل بنية هذه التنظيمات، كتنظيم الدولة الذي شهد صراعات عميقة حول أيديولوجيته وأولوياته الاستراتيجية، وكذلك الخلافات داخل القاعدة، وخصوصاً مع انفصال جبهة النصرة والصدامات مع ممثلي القاعدة المُعولَمين داخل سوريا".
وأضاف أبو هنية لـ"الخليج أونلاين": "لذلك، شهد عام 2017 محاولة لإعادة الهيكلة ولم ينفذ تنظيم الدولة هجمات خارجية منسقة مع تنامي ظاهرة الذئاب المنفردة. أما القاعدة، فلم تنفذ أي عمليات خارجية في أوروبا وأمريكا، وكانت أولوياتها تتمثل في تثبيت وجودها، وخصوصاً في سوريا واليمن وجنوبي الصحراء والساحل وليبيا".
وعن رؤيته لمسار الهجمات الخارجية في العام المقبل، أكّد الباحث الأردني أن "هذا المشهد سوف يتغير نسبياً عام 2018، وسوف تتصاعد محاولات تنفيذ العمليات الخارجية، وخصوصاً من قِبل تنظيم الدولة، على خلاف الأسس الأيديولوجية والاستراتيجية لتنظيم القاعدة، الذي ترتكز أولوياته على العدو البعيد، فهو سوف يحافظ على مناطق نفوذه ومحاولة توسيع نطاق انتشاره وسيطرته، فالفرع الأكثر نشاطاً ونمواً في اليمن والذي قاد العمليات الخارجية منشغل بتكوين تحالفات محلية وإعادة سيطرته. وفي سوريا، تخلت جبهة الجولاني عن الاستهداف الخارجي، والمكون الجديد للقاعدة في سوريا منشغل بتأسيس هياكله، والقيادة المركزية للقاعدة بزعامة الظواهري منشغلة بهيكلة العلاقة مع طالبان وهي غير ملتزمة بتنفيذ هجمات خارجية".
ورأى الدكتور حسن أبو هنية أن عام 2017 كان عام امتصاص الهجمات والصمود، وعام 2018 سوف يكون عام إعادة الهيكلة للجهادية العالمية، وسنشهد هجمات منفردة، وربما مع منتصف العام القادم ستبدأ بعض الهجمات المنسقة.
وختم الباحث في الجماعات الجهادية حديثه لـ"الخليج أونلاين"، قائلاً: "تعمل أمريكا ودول أوروبا على الإبقاء على تشديد الضغط على الحركات الجهادية وعدم السماح لها بالتقاط الأنفاس وتوجيه ضربات في الخارج، لكن ذلك لن يمنع من هجمات الذئاب المنفردة"، مشيراً إلى أن "العالم العربي سينزلق إلى مزيد من العجز والفشل، ولن نشهد انفراجات وإصلاحات حقيقية في مناطق النزاع كافة، وخصوصاً سوريا والعراق واليمن وليبيا وسيناء؛ ومن ثم فإنّ تحوُّل تنظيم الدولة إلى تكتيكات حرب العصابات يعني مزيداً من الهجمات الانتقامية، إضافة إلى أن مطالبة القاعدة أتباعها بالالتزام بحرب العصابات لا يمنعها هي الأخرى من شن هجمات انتقامية".