استقبال الملك للأعيان و النواب
المدينة نيوز- رفع مجلس الأمة اليوم رده على خطاب العرش السامي، الذي تفضل جلالة الملك عبدالله الثاني بإلقائه في الثامن والعشرين من تشرين الثاني الماضي، إيذانا بافتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة السادس عشر.
مجلس الاعيان
وفيما يلي نص رد مجلس الأعيان على خطاب العرش السامي، والذي ألقاه أمام جلالة الملك عبدالله الثاني في قاعة العرش في قصر رغدان العامر، رئيس المجلس طاهر المصري:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله يتشرف مجلس الأعيان أن يرفع إلى مقام جلالتكم، وافر الشكر لافتتاح الدورة الأولى لمجلس الأمة السادس عشر بإلقاء خطبة العرش السامي، التي جاءت مراجعة للمسيرة، واستشرافاً للمستقبل الزاهر الذي يتجه شعبنا إليه، بقيادتكم الفذة، مواكباً لاستحقاقات العصر ومتطلباته.
وإن مجلس الأعيان يؤكد قناعته والتزامه بكل ما تضمنته وأفصحت عنه خطبة العرش، من رؤية وتحليل وتوجيه، ويثق بأن السنوات المقبلة ستكون بإذن الله سنوات عمل وإنجاز تتميز بالتعاون المثمر بين السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، ليكون الإصلاح مسؤولية جماعية رائدها الجهد المؤسسي التكاملي المرتكز إلى مبادئ الدستور وعلى أساس مفهوم الشراكة في تحقيق المصلحة العامة، لبناء المستقبل المشرق الذي يستحقه شعبنا العظيم.
فقد تميزت مسيرة النجاح والتطور التي شهدتها المملكة دائما، بالمراجعة الشاملة، والنقد البناء، والتصحيح المستمر، من أجل أن تبقى للأردن صورته المشرقة التي عرفها عنه العالم.
ولقد أكدتم جلالتكم على ضرورة العمل وفق منهجية مؤسسية وعلى الاستمرار في الانجاز بثقة وشفافية وبدون تردد أو خوف من اتخاذ القرارات، وبعيداً عن سياسات الاسترضاء التي شكلت أكبر العوائق أمام التغيير الايجابي. وإن مجلس الأعيان الذي يشكل أحد جناحي السلطة التشريعية، ليدرك أن مسيرة الإصلاح، وتعظيم الانجازات، ومعالجة مظاهر الخطأ أو التقصير، يتطلب منا جميعاً العمل سوية لتحقيق الرؤيا الإصلاحية التطويرية الشاملة والمتميزة التي أصبحت عنوانـا لهذه المرحلة الجديدة من مراحل البناء والتطوير، وبهذا فلن يكون هناك مجالا لتجاوز أو تغول سلطة على أخرى. ويعدكم المجلس أن يكون عوناً وداعماً لأي جهد ايجابي في هذه المجالات.
صاحب الجلالة،،، وقد أكدتم جلالتكم على أن الإصلاح يشكل منظومة سياسية واقتصادية وإدارية واجتماعية متكاملة، يجب أن يتواكب مع إصلاح سياسي يحقق المشاركة الشعبية في صنع القرار، فإن مجلس الأعيان سيعمل بالتعاون مع كل من مجلس النواب والسلطة التنفيذية لإيجاد الظروف الكفيلة بتطوير الحياة السياسية. وستكون البداية إعطاء الأولوية لدراسة قانون الانتخاب المؤقت، والإطلاع على كل الآراء في هذا المجال، تمهيداً لاعتماده قانوناً دائماً يضمن استقرار هذا التشريع في حياتنا السياسية. وهذا سينطبق على قانون اللامركزية وكل التشريعات الناظمة للعمل السياسي، والكفيلة بتحقيق التنمية الشاملة التي لن تتحقق من دون مشاركة المجتمع المدني والأحزاب الوطنية.
صاحب الجلالة،،، إن توجيهكم الكريم للحكومة بالاستمرار في تطوير علاقاتها مع الإعلام، بحيث تقوم على احترام حق أجهزة الإعلام في العمل بحرية واستقلالية، وفي الحصول على المعلومة ونشرها، سيضع أساساً راسخاً لعلاقة سليمة ومستقرة مع الإعلام ووسائله المختلفة، فالإعلام الحر المتسم بالمسؤولية، هو سلاح بالغ التأثير، وأداة فعالة في إحداث التغيير والتطوير والتنمية.
وإن مجلس الأعيان سيكون حريصا على دعم المسيرة الإعلامية وتنقيتها من الشوائب، لتتسم الصناعة الإعلامية بالمهنية والاستقلالية والمصداقية، إضافة إلى التقنية، ليصبح إعلامنا الأردني مواكبا لتحديات العصر، مع الأخذ بعين الاعتبار، ضرورة توفير القوانين التي تكفل تحقيق هذه الغايات، وحماية المواطنين وحقوقهم من الممارسات الخاطئة في هذا المجال.
صاحب الجلالة،،، هناك تحديات كثيرة تواجه بلدنا، من بينها، مشكلة الفقر والبطالة وتزايد العنف المجتمعي وغلاء الطاقة، والمواد الغذائية، وشح المياه، وتراجع قطاع الزراعة، وارتفاع المديونية، والحاجة إلى تطوير قطاع التعليم في مختلف مراحله، وتحسين أوضاع المعلمين المعيشية والاجتماعية وتطويرها، بما ينسجم مع أهمية دورهم التعليمي والتربوي، والاهتمام بتمكين الشباب وتسليحهم بالعلم والمعرفة، وتعزيز دور المرأة بما يكفل قيامها بدورها في الحياة والمجتمع، وممارستها لحقوقها كاملة، ليقوم هؤلاء بدورهم ومسؤولياتهم الوطنية والمجتمعية. وكذلك الارتقاء بمستوى القطاع الصحي وتطوير الخدمات البلدية والاهتمام بدعم الحركة الثقافية والتطوعية.
ويؤيد مجلس الأعيان رؤية جلالتكم إزاء مواجهة هذه التحديات، من خلال تحسين أداء المؤسسات العامة، وتطوير عمل الجهاز الإداري والقطاع الرقابي ومحاربة كل أشكال الترهل والفساد بجدية وفاعلية.
صاحب الجلالة ،،، ولابد من توجيه الجهود والاهتمام الخاص، إلى ما ورد في خطابكم السامي من ضرورة الحفاظ على استقلال القضاء وتطويره ونزاهته، والارتقاء بمستوى أدائه وكفاءته، بما يكفل تحقيق العدالة على خير وجه، واستقطاب أفضل الكفاءات، واعتبار ذلك مهمة متقدمة يتعين العمل على تحقيقها كأولوية رئيسية في اهتمامات السلطتين التنفيذية والتشريعية.
صاحب الجلالة ،،، إن مجلس الأعيان، يقف إلى جانب حكومتكم الرشيدة، ويدعمها لتمكينها من السيطرة على عجز الموازنة وتعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي، والعمل على تحسين البيئة الاستثمارية، وتشجيع الاستثمار في القطاع السياحي، والاهتمام بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات التي يؤديها .
ولأن الإنسان الأردني كما جاء في خطابكم السامي، هو ثروتنا الأولى الحقيقية، وهو غاية التنمية ووسيلتها، فإن مجلس الأعيان سيكون داعما لجهود الدولة في سعيها المستمر لتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى، وحماية الطبقة الفقيرة، وكذلك في التوجه إلى تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص ومشاركته الايجابية في التنمية وفي توفير البرامج الرديفة في هذه المجالات.
صاحب الجلالة، القائد الأعلى،، تأكيدا لما أوردتموه في خطبة العرش السامي، فإن نعمة الأمن والاستقرار التي يتمتع بها بلدنا هي نتاج جهود رفاق جلالتكم في السلاح، نشامى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية. وإن مجلس الأعيان من خلال موقعه في السلطة التشريعية، سوف يعمل على توفير كل الدعم لجيشنا العربي المصطفوي، وأجهزتنا الأمنية، للاستمرار في أداء واجباتها في حماية وطننا الغالي من جميع الأخطار التي تهدد شعبنا ومنجزاته، بما فيها الإرهاب بكافة أشكاله. ويساند جهود جلالتكم في تمكين قواتنا المسلحة من الاستمرار في دورها الإنساني العالمي، والمشاركة في حفظ الأمن والسلام، وحماية الأبرياء في الدول التي تعاني من الاضطرابات وعدم الاستقرار.
وإنه من دواعي فخر الأردنيين واعتزازهم، أن يظل بلدهم المنيع الآمن والمستقر، سنداً للأشقاء ومدافعا عن القضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها قضية فلسطين المقدسة. فقضية الشعب الفلسطيني، هي قضيتنا جميعا كما جاء في خطبة العرش السامي، وستبقى المملكة الأردنية الهاشمية السند القوي لأشقائنا الفلسطينيين، إلى أن يزول الاحتلال عن وطنهم ويقيموا دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق مبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية، وفي سياق إقليمي يضمن السلام العادل والشامل.
وسيستمر دعمنا للعراق الشقيق والحفاظ على وحدته واستقراره وتمكينه من استعادة دوره في المنطقة والعالم، وكذلك سنستمر كما كنا دائما في الوقوف إلى جانب كل بلد عربي يتعرض للمساس بأمنه واستقراره ووحدة أراضيه.
صاحب الجلالة ،،، وكما أكدتم جلالتكم في خطبة العرش السامي، فإن هناك تحديات كثيرة تواجه الأردن، إلا أن هناك أيضا فرصا متاحة أكثر، لمواجهة هذه التحديات. فقد مرّ بلدنا بظروف صعبة تمكن من التغلب عليها وتجاوزها بتماسك الأردنيين ووحدتهم وحبهم لوطنهم والتفافهم حول قيادتهم الهاشمية.
إن شعبكم الوفي يتطلع بأمل وإصرار، نحو بناء مجتمع يعمل فيه المواطنون كفريق واحد، يقدمون الصالح العام على المصالح الخاصة، يحترمون القانون وسيادته، يكرسون ثقافة الديمقراطية، يبنون المؤسسات الفاعلة، يتسلحون بالعلم والمعرفة، يحمون الوحدة الوطنية، يتصدون صفاً واحداً لكل أصوات الفرقة والسلبية، يستمرون في مسيرتهم التطويرية نحو آفاق جديدة، يتمسكون بثوابت الأمة، يبنون على انجازات الآباء والأجداد، ينفتحون على كل ما هو خيّر وايجابي، يساهمون في بناء عالم أفضل مع كل قوى الخير، يحافظون على الوطن عزيزاً شامخاَ وعصياً على الطامعين.
صاحب الجلالة ،،، إن مجلس الأعيان، يعاهدكم على أنه سيبقى يتحمل بشرف وإخلاص، مسؤولية الأمانة الغالية التي أوليتموها له، وسنبقى الجنود الأوفياء في الدفاع عن وطننا الغالي ومنجزاته بقيادتكم الهاشمية الحكيمة.
نسأل الله أن يحفظ جلالتكم، وأن يكلأكم بعين رعايته، وأن يحفظ لشعبنا نعمة الأمن والاستقرار، لتظل المملكة الأردنية الهاشمية واحة سلام وازدهار وتقدم.
مجلس النواب
وفيما يلي نص رد مجلس النواب على خطاب العرش السامي، والذي ألقاه أمام جلالة الملك عبدالله الثاني في قاعة العرش في قصر رغدان العامر، رئيس المجلس فيصل الفايز:
بسم الله الرحمن الرحيم "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" صدق الله العظيم صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله وأعز ملكه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، بكل الفخر والاعتزاز والولاء لعرشكم الهاشمي، نتقدم نحن نواب الأمة من مقامكم السامي بأسمى آيات الشكر والامتنان لتفضلكم بافتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس النواب السادس عشر وإلقاء خطبة العرش السامي، والتي كانت نبراسا يضيء المسيرة ويحدد معالم الطريق، فهي الهاشمية التي آمن بها الأردنيون لتبقى الرايات والهامات عالية، فالخير يعم حيث حللتم ونصل إلى بر الأمان بقيادتكم، ويتشرف مجلس النواب أن يرفع إلى مقام جلالتكم السامي رده على خطبة العرش سائلين المولى أن يحفظكم وأن يسدد على طريق الخير خطاكم لتستمر مسيرة العطاء الهاشمي في بناء الوطن العزيز.
وإذ نثمن تهنئة جلالتكم لنا بالفوز بثقة الشعب، فإننا نعاهدكم أن تكون هذه الثقة في خدمة العرش وأبناء شعبنا الوفي لبناء وطننا المنيع، فمسيرتنا الديمقراطية تشق طريقها كما أردتموها لبناء الأردن الأنموذج حيث كانت الانتخابات النيابية الأخيرة نقلة نوعية على طريق الإصلاح السياسي المنشود.
صاحب الجلالة،، إن مجلس النواب إذ يقدر رؤية جلالتكم الداعية إلى تنقية المسيرة مما شابها من أخطاء الماضي والعمل على تحقيق التنمية الشاملة من خلال رؤية إصلاحية تحديثية تطويرية، فانه يرى أن اعتزازنا بالانتماء إلى الوطن الأردن يحتم علينا أن نرتقي إلى مستوى تطلعات جلالتكم نواباً وسلطة تنفيذية، وأن تصحيح الخلل في مسيرة العلاقة بين مجلس النواب والحكومة يبدأ من التأسيس على قاعدة فصل السلطات كما حددها الدستور فلا تغول من جهة على أخرى، ولا تجاوز على مرجعيتنا الأولى الدستور، وأن العلاقة التي بُنيت أحيانا على النفعية والاسترضاء كانت سبباً فيما اعتور مسيرتنا النيابية من خلل فادح.
ونعتز يا صاحب الجلالة بأمركم السامي للحكومة بإرسال قانون الانتخاب بصفة الاستعجال، وقانون اللامركزية إلى مجلس النواب مترجمين بذلك رؤيتكم الصائبة وعزمكم الأكيد على تواصل مسيرة الإصلاح السياسي الذي نرى أنه يجب أن يسير موازياً مع الإصلاح الاقتصادي ضمن منظومة واضحة المعالم تهدف إلى الارتقاء بمستوى الأداء العام ومواجهة التحديات التي يمر بها وطننا العزيز، ونعدكم يا صاحب الجلالة أن نعمل بكل جد ونزاهة على إنجاز قانون انتخاب عصري يكون ركيزة للإصلاح السياسي ويلبي طموحات جلالتكم وتطلعات أبناء شعبنا العزيز.
ونعاهدكم يا صاحب الجلالة أن يكون المجلس عند حسن ظنكم متعاونا ومتحملا لمسؤولياته متمسكاً بالثوابت الوطنية، لا يحيد عن دوره ولا يتوانى عن التعاون مع السلطات الأخرى، أميناً على رؤية جلالتكم ومخلصاً للوطن والشعب، وحتى يتحقق ذلك، فإننا نؤكد على أهمية تفعيل دور الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وتطوير القوانين المنظمة لعملها وتعزيز مشاركة المرأة وايلاء الشباب ودورهم أهمية قصوى، فتتحقق بذلك المشاركة الشعبية المنشودة على قاعدة المواطنة الحقة التي أساسها الولاء والانتماء والعطاء، وبدون شك فإن تعزيز هيبة الدولة والقانون وتحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين هي المدخل السليم ليكون البناء حصيناً منيعاً لا تهزه التحديات، خاصة وأن قدر الأردن أن يكون في قلب هذه المنطقة التي تعاني من اضطرابات سياسية ناتجة عن احتلال أراضٍ عربية وما ترتب على ذلك من تحمل الأردن مسؤولية كبرى نتيجة كل هذا الظلم الذي يلحق بأشقائنا في الجوار العربي.
وإذ نرى أن التضييق على الإعلام في عالم اليوم المنفتح لم يعد مقبولاً، فإننا نؤكد بالمقابل ضرورة التزام الإعلام بالمهنية والموضوعية والنزاهة، ولا بد من إعادة بناء جسور الثقة بين كافة السلطات وبين الإعلام حتى تتحقق المشاركة الايجابية المسؤولة لخير وطننا العزيز.
أما القضاء يا صاحب الجلالة، فهو وإن كان مفخرة وطنية إلا أن المجلس يرى ضرورة المزيد من العمل الجاد لتعزيز استقلاليته، وتحديث أدواته المختلفة حتى يواكب مستجدات العصر، فالسلطة القضائية الكفؤة النزيهة هي خير ضمان لمجتمع متطور ينشد التقدم. فكما أشرتم فإن العدل أساس الملك، وسيكون المجلس خير عون للسلطة القضائية وسيتعاون مع السلطة التنفيذية لتحقيق ذلك.
يا صاحب الجلالة،، إن إشارة جلالتكم إلى التحدي الاقتصادي هو دليل تلمس جلالتكم لهموم المواطن الأردني وحرصكم على تحسين مستوى معيشته وإذا كنا نسلّم كما أشرتم جلالتكم بتأثير الأزمة المالية العالمية علينا ونقدر ما تم إنجازه في سبيل تعافي اقتصادنا الوطني ونسعى للبناء عليه، فإن المجلس يرى أن جزءا من معضلتنا الاقتصادية كان سببه حزمة من السياسات والإجراءات والقرارات المحلية غير المتوازنة، وإذ يستشعر المجلس هموم المواطن الأردني المعيشية، فإنه يعد أن يكون خير معين للحكومة في تبني السياسات والبرامج التي من شأنها أن تسهم في إصلاح الخلل، خاصة في مجال المديونية وعجز الموازنة. ويرى المجلس أن إصلاح مالية الدولة وإعادة بناء الطبقة الوسطى هي المدخل السليم لإصلاح اقتصادي ذا مضمون اجتماعي، يأخذ بعين الاعتبار معاناة الشرائح الفقيرة في مجتمعنا متوازناً مع الإصلاح السياسي.
ولا شك أن تفعيل دور المؤسسة التشريعية والأجهزة الرقابية وترشيد قرارات المسؤولين وإيقاف الهدر في مقدرات الدولة أمر لا مناص عنه، ويعاهدكم المجلس أن يكون دوره الرقابي والتشريعي فاعلاً وموضوعيا لا يبتغي إلا مصلحة الوطن والحرص على مواردنا المالية وتوجيهها نحو ما يخدم مسيرة البناء. وما إشارة جلالتكم إلى شرور الفقر والبطالة إلا دليل على حصافة الإدراك بقصور برامجنا السابقة عن تحقيق مبتغاها، ونؤكد وقوفنا إلى جانب السلطة التنفيذية في تبني الخطط والمشاريع الهادفة إلى مكافحة هاتين الآفتين والحد من تفاقمهما.
ويرى المجلس أن البناء المؤسسي قد تعرض فيما مضى إلى اجتهادات خاطئة أدت إلى زعزعة هيبة القرار الإداري، وإضعاف كفاءة المؤسسة المركزية حيث أنشئت مؤسسات مستقلة عدة غدت تستنزف جزءا كبيراً من مواردنا المالية، وضعفت الرقابة على أداء هذه المؤسسات، وأن توجيه جلالتكم برفع مستوى أداء العمل العام هو عين الصواب، وهو برأي المجلس يبدأ بإعادة النظر في قرارات سابقة بإنشاء هذه المؤسسات نحو تقويم أدائها وإعادة هيكلتها وإلغاء ما لم يعد له ضرورة ودمج متشابه الغايات منها، بما يحقق كفاءتها في الأداء والانجاز.
صاحب الجلالة،، إن الإصلاح الاقتصادي لا يتم بمعزل عن الاهتمام بالقطاعات الحيوية المختلفة التي أشرتم إليها في خطبة العرش السامي، فالتعليم هو أساس بناء المواطن الأردني القادر على تحمل مسؤولياته والذي هو غاية التنمية ووسيلتها، وإذ كنا نفاخر بما تحقق لنا في مجال مكافحة الأمية، إلا أن هذا القطاع يحتاج إلى مراجعة شاملة تهدف إلى إصلاح ما اعتراه من قصور وخلل، ولا يتم ذلك بمعزل عن إعادة الاعتبار للمعلم وتحسين مستوى معيشته واعتباره رمزاً اجتماعياً ومشاركاً أساسيا في عملية التنمية نأتمنه على مستقبل أجيالنا، ويؤيد المجلس إيجاد مظلة للمعلمين ترعى شؤونهم ومهنتهم.
وأن الاهتمام بقطاع الزراعة وشؤون المزارعين أمر بالغ الأهمية للمحافظة على سلة الغذاء الأردني، وتعظيم دور هذا القطاع في الصادرات الوطنية واقتصادنا الوطني بشكل عام.
كما يتفق المجلس مع رؤية جلالتكم بضرورة الاهتمام بالاستثمار ومعالجة البيروقراطية ودراسة نماذج النجاح وتشخيص أسباب الفشل سواء في الانجاز أو في دور المؤسسات المعنية وقدرتها على تلبية الطموحات، وأصبحت الحاجة ملحة إلى بناء إستراتيجية وطنية جديدة تهدف إلى جذب مزيد من الاستثمار في القطاعات المختلفة وخاصة قطاع السياحة الذي يرى المجلس أنه مورد هام يمكن تنمية مساهمته في اقتصادنا الوطني.
ويرى المجلس أن دعم جلالتكم ورؤيته لمستقبل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كانت أساسا في تقدم هذا القطاع وتحقيق ما وصل إليه، ولا بد من الاستمرار في دعمه وتعزيز دوره.
صاحب الجلالة، إن تاريخ الهاشميين، وتاريخ هذا الوطن هو سجل انتصار وإنجاز على الدوام، وإن مجلس النواب يدرك التحديات الكبيرة التي يواجهها مجتمعنا، وما وصف جلالتكم لقدرة الأردنيين على مواجهة التحديات بالنصر الذي صنعته إرادتهم، إلا دليل على اعتزاز جلالتكم بالإنسان الأردني، ونقف مع جلالتكم في التأكيد المستمر على احترام القانون وسيادته وتعميق الوحدة الوطنية والتصدي لكل من يسعى للتفريق بين أبناء الوطن الواحد، فهي ثابت في حياة الأردنيين وكانت على الدوام أساسا متينا في مسيرة المجتمع الأردني.
يا صاحب الجلالة، نقف وقفة إجلال وإكبار، ونزجي تحية الفخر والاعتزاز لقواتنا المسلحة ولأجهزتنا الأمنية على الدور الذي تنهض به في السهر على حماية الوطن. وهي تستحق الدعم كله. ونحن في مجلس النواب خلف جلالتكم بإسنادها وتلبية كل متطلباتها، ونبارك همم الأبطال حماة العرش والوطن وصناع المجد وبناة الأمن والاستقرار.
إن مجلس النواب إذ يعتز بالمنجز الأردني والذي لم يكن له أن يتحقق إلا في واحة الأمن والاستقرار التي سهرتم على تحقيقها، ومن خلفكم أبناء قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، ليؤمن أن الأردن الآمن المستقر هو خير سند لفلسطين وأهلها، ونحن في هذا الوطن العزيز الأقرب لفلسطين والأكثر إحساسا بألمها وسنظل السند والعون لهم لرفع الظلم عنهم وإنهاء الاحتلال. ونقف خلف جلالتكم في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة في العودة وتقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية.
كما نساند كل الجهود الخيرة التي تبذلونها في الدفاع عن القضايا العربية، وخاصة قضية إخواننا في العراق حتى يتحقق لهم الأمن والاستقرار ليستعيد هذا البلد الشقيق دوره العربي والدولي.
صاحب الجلالة،، سيظل إيماننا بقدراتنا أقوى من التحديات، مستلهمين من عزيمة جلالتكم روح العمل الجاد والمخلص نحو الإصلاح والتطوير والتحديث وتعزيز منعة الوطن، آملين أن نكون دوماً عند حسن ظن جلالتكم بنا.
حفظ الله صاحب الجلالة، وحفظ أردننا الغالي كما أردتموه وطناً للأحرار وواحة أمن واستقرار.
"رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات ". صدق الله العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وحضر تلاوة الرد على خطاب العرش السامي عدد من أصحاب السمو الأمراء، ورئيس الوزراء، ورئيس المجلس القضائي، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومستشارو جلالة الملك، وكبار موظفي الديوان الملكي الهاشمي، ووزير الشؤون البرلمانية. (بترا)
.