ثمانيني يطوع عشقه للالوان بلوحات تحتشد بقيم الجمال
المدينة نيوز:- طوّع الثمانيني صالح حوسة، خبرته في "الدهان" وتركيب الالوان ومزجها في ابتداع رسومات تحاكي جمالية الطبيعة وسحر الشرق وحكايات البيوت القديمة الآسرة في كل من الاردن وفلسطين..
منذ 50 عاما اختبر حوسة – ابو صلاح - علاقته بريشة الرسم فانتج عشرات اللوحات التي تفترش منزله في احدى ضواحي عمان، حيث يقول لوكالة الانباء الاردنية (بترا)، انه يعشق الرسم ويتخيل نتيجة رسوماته حتى قبل البدء بها، وهو لا يبيعها، ولا يفرط بها، اذ "ان كل واحدة منها بمثابة ولد من اولاده "، على حد تعبيره .
يضع الثمانيني خبراته في الحياة لينتج رسومات تعزز من ثقافة السلام، فرغم تقدمه بالعمر إلا ان ذاكرته خلاقة وقادرة على اجترار الصور لمصاعب الحياة وقصص الحرب والحب والسلام واللجوء والهجرة وحكايا الشتاء الدافئة، اذ انه يحمل ذكريات لا تنسى جسدها عبر رسومات تعكس وجدانياته وحنينه الى الماضي بكل تفاصيله.
ويضيف، ان زوجته كانت ولا تزال ملهمته، وزرعت في ارجاء البيت اسس السلام الداخلي والتصالح مع الذات وتعزيز الطاقة الايجابية، ما كان له ابلغ الاثر في استمراره بالرسم حتى هذه الايام التي يعكف فيها على انتاج رسومات جديدة، واعدا نفسه بانتاج لوحة ضخمة تحمل عناوين "التسامح والمحبة وثقافة السلام " .
"الرسم رياضة فكرية، حيث تنسيني المحيط الخارجي فاجدني منصهرا مع جماليتها منذ تخليها لحين الانتهاء منها " وفق ما يقول، لافتا الى ان علاقته بالتكنولوجيا مقطوعة لانه يرى فيها عالما يشوش فكره، فيما يريد الحفاظ على نقاء الصور في ذاكرته ليترجمها حنينا لا تشوبه صور الواقع الراهن من دمار وقتل وتشريد وعدم استقرار .
وينصح الرسام - وهو اب لـ10 من الابناء والبنات، الشباب بتفريغ طاقاتهم بالتوجه للرسم الذي يعده غذاء للروح، مشيرا الى ان انتاج اللوحة يستغرق معه من يومين الى اسبوع، واحيانا يزيد عليها رتوشا وفقا لما يراه مناسبا ..
تقول زوجته – ام صلاح - : ان حوسة ورغم حالته المرضية التي استدعت تركيب بطارية لقلبه لا زال يحمل ذات الشغف للابداع الذي اختبره ايام الشباب، لافته الى انها تحب كل لوحاته والتي تحكي كل واحدة منها قصة أو فكرة او ذكرى غالية، وانها فخورة به عندما يصر على تعليم احفاده الـ 33 على حب الرسم والتعلق بالالوان وجمالياتها.
"هذه النماذج مطلوبة اجتماعيا لانها تعزز الروح الايجابية والتفاؤل "، هكذا ترى عضو الجمعية الاردنية لعلم الاجتماع الدكتورة عبلة الوشاح، التي تؤكد ان الفرد في مرحلة متقدمة من العمر يتجه للقيم التفضيلية اي اختيار ما يناسب راحة عقله وقلبه، بعد ان كان يرنو للقيم الوجدانية والادارية وغيرها من القيم التي تفرضها طبيعة المرحلة العمرية.
وتضيف ان الرسام ابا صلاح ، يعد قدوة للاخرين خصوصا جيل الشباب، الامر الذي يحفزهم للتركيز على مواهبهم ونشاطاتهم التي تثري مداركهم، كما يعد دافعا لتغيير نمط حياة من يواجهون حالات من الاحباط لجهة الدعم النفسي والمعنوي والعلاج الذاتي دون الحاجة لاطباء او مسكنات.
وتلفت الى ان الانسان يكرم ذاته عبر اكتشاف طاقاته والبناء عليها تحقيقا لقيم الجمال والسلام .
بدوره، يشدد استشاري الامراض النفسية والعصبية الدكتور خليل ابو زناد، ان التقدم في العمر لا أهمية له بمقابل الشغف في ظل صحة جيدة تجعل من الانسان مقبلا على الحياة ويمارس نشاطاته بالطريقة التي يراها مناسبة.
ويزيد ان مقاييس الانجاز هي الدافعية والمزاج الجيد والعقل السليم والنشاط وليس العمر، رافضا فكرة قيام البعض باحباط من يصل لسن متقدمة، وثقافة " اقعد بالبيت وارتاح بعد التقاعد".
ويلفت الدكتور ابو زناد، الى ان خبرته العملية اظهرت له ان كثيرا ممن يتقاعدون وليس لديهم اي نشاط يمارسونه، هم اكثر عرضة للامراض كالقلق والتوتر والعصبية والاكتئاب واحيانا الجنوح نحو حالات الانتحار، معتبرا ان التقاعد بلا نشاط باعث للملل والكآبة.(بترا)