ثنائيات السياسة في زمن الاشتباك الكبير...

تم نشره الثلاثاء 10 نيسان / أبريل 2018 12:36 صباحاً
ثنائيات السياسة في زمن الاشتباك الكبير...
ياسر الزعاترة

العقول التي لا تفقه معنى السياسة من جهة، ومعها تلك التي لا تفقه معنى استقلالية البشر، وتفضل التصنيف، لا يمكن أن ترى موقفك من هذا الملف إلا بوصفه انحيازا للطرف المعاكس تماما، وبالتالي ستحسبك عليه، حتى لو كنت تتناقض معه أو تتحفظ على طريقة تعاطيه مع ذات الملف، أو تتناقض معه في ملفات أخرى.
لا يفقه هؤلاء وأولئك أن وقوفك ضد الحوثي الذي سرق ثورة شعب رائعة بمسلسل من الأكاذيب، ولحساب دولة معروفة (إيران)، وبقوة السلاح بطبيعة الحال، وبسيل من الجرائم أيضا.. هذا الأمر لا يعني تأمينك على ما يفعله الطرف الآخر، إن كان على صعيد التعاطي السياسي مع القضية، قبل انقلاب الحوثي، كما في المبادرة الخليجية، أم بعده كما في التعاطي مع القوى السياسة المهمة في البلاد، فضلا عن الموقف من 
وحدة البلد، أم كان على صعيد المعركة العسكرية وطريقة إدارتها، وما يترتب عليها من معاناة.
لا يفقه هؤلاء وأولئك أن وقوفك ضد طاغية يقتل شعبه في سوريا، لا يعني أن توافق على ممارسات كثيرة لجماعات مسلحة؛ إن كانت سياسية، أم في سياق من العمل العسكري والانتهاكات والصراعات فيما بينها.
لا يفقه أولئك أن وقوفك ضد الحشد الشعبي وما فعله في العراق، وقبل ذلك وبعده ضد سياسة الأرض المحروقة التي انتهجها الأمريكان بحق المدن التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة، لا يعني أنك تنحاز لصالح هذا الأخير الذي طالما اختلفت بوضوح مع نهجه وممارساته. والمصيبة هنا أن كثيرا من الأصوات إياها التي تعاملك على هذا النحو التصنيفي البائس، لا ترى بأسا في أن يقاتل الحشد التابع لسليماني تحت غطاء من طيران أمريكا، والذي من دونه ما كان بوسعه أن يتقدم من مدينة إلى أخرى، وصولا إلى الموصل.
لا يفقه كثيرون مثلا أن وقوفك ضد سياسات السلطة البائسة حيال المقاومة، والتعاون الأمني مع العدو، لا يعني أنك لا ترى في رفض “صفقة القرن” موقفا جيدا، فكيف وأنت تقول ذلك بالفم الآن، لكنك لا تراه موقفا كافيا في مواجهة المؤامرة الكبيرة على القضية، لا سيما حين يتواصل نهج تكريس سلطة تحت عباءة الاحتلال وفي خدمته.
لا يفقه أولئك القوم أو بعضهم مثلا، أن وقوفك ضد العدوان الإيراني في سوريا، وطائفيتها التي دمّرت العراق، وضد عدوانها في اليمن، لا يعني أنك تقف مع أمريكا التي تراها ألد أعداء الأمة، بخاصة حين يكون الابتزاز متعلقا بمصالح الكيان الصهيوني وحساباته.
يحدث ذلك لأن السياسة في المنطقة لم تكن بهذا التعقيد والتركيب الذي هي عليه الآن، فمن يتحالفون هنا، يمكن أن يقتتلوا هناك، ويتآمروا على بعضهم في ملف ثالث، وهكذا.
لم تكن حياة أصحاب الضمائر الحية، ممن ينحازون للإنسان صعبة كما هو حالها في هذه المرحلة التي تختلط فيها الأوراق على نحو مريع، فكيف حين يكون من المستحيل على المراقب أو الكاتب أن يقول كل شيء ما دام موجودا في هذا العالم العربي الذي أصبح في بعض تجلياته، يحاسب حتى على الصمت أحيانا.

الدستور - الثلاثاء 10/4/2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات