الأمير الحسن: التحديث المادي حلّ مكان التطور العلمي للعلاقات

المدينة نيوز - قال سمو الأمير الحسن بن طلال أن "الفقر والإحباط هما من أهم الأسباب التي تؤدي إلى العنف المجتمعي"، مبينًا أنهما يؤديان إلى "خلخلة التركيبة الاجتماعية في المجتمع"؛ ومحذراً من أن التحديث المادي حلّ مكان التطور العلمي للعلاقات بين البشر.
جاء ذلك خلال ترؤس سموه ندوة أقيمت في جامعة البترا عن واقع العنف المجتمعي في الأردن، في ضوء دراسة علمية نفذها عدد من الأكاديميين، عن واقع العنف المجتمعي في الأردن وأسبابه. وحضر الندوة سمو الأميرة سمية بنت الحسن، رئيس مدينة الحسن العلمية والجمعية العلمية الملكية، وعدد من رؤساء الجامعات الأردنية والوزراء والأكاديميين وطلبة الجامعة.
ودعا سمو الأمير الحسن إلى إنشاء "معهد للخدمة المدنية، يتولى مهمة العمل على القضاء على الفقر المعرفي بالأمور القانونية لدى المواطنين، وعلى تمكينهم من التعامل القانوني"، معتبرًا أن "الفقر المعرفي يشتمل على فقر في ظل غياب المعرفة بكيفية التعامل مع الدولة التي يسود فيها القانون".
وجدد سموه الدعوة إلى إقامة صندوق للتضامن الاجتماعي في المنطقة، وإنشاء هيئة فوق قطرية لإدارة المياه والطاقة والبيئة الإنسانية لخدمة المجتثين والمقتلعين؛ مشدداً أن القدرة الاحتمالية للكرة الأرضية هي التي تنكمش نتيجة إهمالنا للمهمشين.
وأضاف الأمير الحسن أن "الفجوة الرقمية تشكل جانباً آخر من الفقر المعرفي"، مشيراً إلى أن العقلية العربية تتجه إلى استيراد التكنولوجيا، دون السعي إلى الاستفادة العميقة منها.
ودعا الأمير الحسن إلى إقامة صندوق معرفي في أقرب وقت ممكن لوضع المعلومة المطلقة في متناول يد المواطن صاحب العقل والضمير؛ مبيناً أن النخبة الوظيفية والمالية والثقافية عليها أن تدرك أن الاقتراب من الناس له أهمية كبرى، وإلا فإن المتزمتين والمتطرفين هم الذين سيقتربون من الناس.
وأشاد سموه بإنشاء اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) التابعة للامم المتحدة "مركز الإسكوا للتكنولوجيا" في الجمعية العلمية الملكية، والذي سيساعد على تقوية روابط التخصصات العلمية المختلفة.
وطرح سموه رؤية خاصة بمواجهة العنف المجتمعي ودور الجامعات في حماية الشباب من العنف؛ مؤكداً في هذا السياق على ضرورة تفعيل جملة من المحاور المتعلقة بالمواطنة وتكافؤ الفرص أمام الطلبة والعدالة الاجتماعية وتعزيز المنظومة القيمية والاجتماعية والبيئة التعليمية في الجامعات، إلى جانب اعتماد التخطيط الاستراتيجي منهجاً متلازماً مع المساءلة التي تستند إلى مؤشرات الأداء والتطوير المهني.
وشدد سموه على ضرورة أن تقوم وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم بدور أكبر في توعية المواطن بالقضايا الخاصة به والقضايا المهمة المعاصرة وتشابكاتها، قائلا إن التعليم الراهن مقتصر على الحفظ، ولا يأخذ بالمعايشة الحياتية للقضايا اليومية؛ كثقافة تعزيز حقوق الإنسان، والثقافة المدنية، والمواطنة، والتعددية الثقافية لدى الشباب.
وأضاف بأن المجتمع بكافة وليس الشباب فقط، يجب أن يكون معنياً بقضايا مهمة مثل الكوارث التي هي من صنع الإنسان، وأزمات الغذاء المعاصرة، والمجاعة، والتصحر، وإزالة الغابات، ومخاطر الطاقة النووية التجارية، والهندسة الوراثية، والكوارث الصناعية.
وأكد سموه على أهمية المحاور والتوصيات التي خرجت بها دراسة "العنف المجتمعي في الأردن: الواقع والأسباب والحلول"، والتي أعدها كل من الدكتور موسى شتيوي، والدكتور مجد الدين الخمش، والدكتور جميل الصمادي، والدكتور غازي أبو عرابي، والدكتور منير كرادشة، بتكليف من وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وليد المعاني.
بدوره، اعتبر رئيس جامعة البترا الأستاذ الدكتور عدنان بدران أن "إيجاد بنية ديمقراطية مستدامة يترعرع فيها الشباب، بالإضافة إلى ترسيخ مجتمع العدالة، والمساواة، وتكافؤ الفرص، وتعزيز الهوية الوطنية، هي من أهم العوامل المساعدة في التصدي لظاهرة العنف المجتمعي".
وأشار بدران إلى أن "أخطار ظاهرة العنف المجتمعي تأتي من تميّزه بالعصبية الشديدة، والفزعة القبلية، والتطاول على سيادة القانون وهيبة الدولة، بالإضافة إلى خطر تحوله من عنف اجتماعي إلى عنف سياسي وقبلي، يهدد كيان الدولة والوحدة الوطنية".
وقال بدران أن العلاج يتطلب "ترسيخ مجتمع العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، في حقوقهم وواجباتهم، دون تحيّز، على أن يكون التمييز قائما فقط على الجدارة والكفاءة، في منظومة من المصداقية والمساءلة والشفافية".
كما ألقى الدكتور وليد المعاني، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كلمة موجزة تحدث فيها عن بعض مكامن الخلل المجتمعي التي تؤدي إلى تفاقم العنف المجتمعي. وطرح في كلمته بعض الأسس التي يجب أخذها بعين الاعتبار في مواجهة هذه الظاهرة.
وأشار فريق إعداد دراسة "العنف المجتمعي في الأردن: الواقع والأسباب والحلول"، إلى أن ظاهرة العنف المجتمعي تعتبر ظاهرة شبابية بامتياز، حيث كان أغلب الجناة والضحايا من فئة الشباب، وذلك من خلال رصدها لـ752 مشاجرة سجلت لدى الأجهزة الرسمية منذ عام 2009 إلى نهاية أيار- مايو 2010.
واعتبر فريق الدراسة أن العنف المجتمعي هو أحد مظاهر الأزمة التي يعيشها الشباب الأردني، مشيرين إلى أن "البطالة والإحباط السياسي والاجتماعي كانا عاملين مهمين في الشكل والتعبير الذي أخذته تلك المشاجرات".
وأورد القائمون على الدراسة العديد من التوصيات التي خرجت بها الدراسة، لمعالجة ظاهرة العنف المجتمعي، مشددين على أن "معالجة هذه الظاهرة الخطيرة يجب أن يستند إلى قناعة، مفادها أنه لا يمكن معالجتها من منظور أمني فقط، بل تجب معالجتها بطريقة متكاملة، وألا ينظر إليها بطريقة مجزأة".