تأمين صحي ... غير صحي

تم نشره الثلاثاء 28 كانون الأوّل / ديسمبر 2010 02:17 مساءً
تأمين صحي ... غير صحي
عز الدين الفضول

مجبرين لا مختارين، علينا كموظفين حكوميين الدخول تحت مظلة التأمين الصحي الحكومي، وبما أننا مجبرين على الدفع فنحن مجبرين كجزء من التعويض أن نراجع المراكز الصحية الحكومية بغض النظر عن الطبيب والموقع أو الخدمة المقدمة.
وبما أنني مواطن أولا وموظف حكومي ثانيا، سأبوح بما يخالج النفس من ملاحظات على التأمين الصحي قد يكون ببثها على الأقل علاجا نفسيا ومخرجا عقليا لما يعترينا من حس بالظلم والقهر:
- ليس لي كمتلقي خدمة حق في اختيار موقع الخدمة المقدمة سواء كان مركزا صحيا أم مستشفى حكومي، ويكتفى برأي أشخاص من ذوي النفوذ والمحسوبين على المنطقة (إن لم يكن شخص) في كثير من الأحيان لم ولن يدخلوا المرفق الصحي إلا لأخذ الصور التذكارية أو بهاتف لتقضية مصلحة لقريب مريضا كان أم طبيبا.
- تتفاخر الحكومة بأنها ستدخل معظم الأردنيين إن لم يكن كلهم تحت مظلة التأمين الصحي المجاني، وهذا من أقل واجباتها، ولكن ما لا يعرفه الكثير بأن هذه الأعداد ستكون خدمتهم على حساب المؤمنين أصلا الدافعين مسبقا، حيث لن تدفع الحكومة بالخدمات والتجهيزات أو الأطباء والعلاجات بشكل مواز للأعداد المتوقع استقبالها، مما يشكل نقصا في الخدمة المقدمة للجميع نوعا وكما.
- العلاج اللازم غير متوافر في كثير من الأحيان، وليس الكلام عن العلاجات المتخصصة فقط بل والموصوفة من قبل ألأطباء العامين، وكثيرا ما يقلب الطبيب الوصفة الطبية ويكتب على ظهرها لتشتري العلاج من الخارج بحجة أن الدواء الموجود لا يفيد أو لا يوجد علاج أصلا، وعند السؤال عن عدم صرف العلاج على حساب التأمين الصحي يكون الجواب بان هنالك بديل لهذا العلاج في قائمة التأمين الصحي ولكنه غير متوافر حاليا في الصيدلية!، ولدى مراجعة الطوارئ ليلا عليك بشراء العلاج لأن الصيدلية مغلقة أو يعلق ألمك لدوام صباح اليوم التالي حتى يبدأ دوام الصيدلية.
- نتائج المختبرات الطبية غير موثوقة وبرأي الكثير من العاملين في القطاع الصحي وفي أولهم الأطباء، ولا بد لك من مراجعة المختبرات الطبية الخاصة للتأكد من النتائج أو لعمل تحليل غير موجود أصلا في المختبرات الحكومية.
- نظام البطاقات البيضاء المعنونة بمنطقة بعينها للموظف لا أعتقد أن له سببا مقنعا، فنحن جميعا مواطنين ننتقل من منطقة إلى أخرى داخل الوطن من أجل لقمة العيش أو حتى الاستجمام، فلماذا نعاقب بدفع بدل تغيير منطقة بما أن الخدمة نفسها ستقدم من مركز حكومي لا يختلف سوى موقعه.
- دوام أطباء الاختصاص في القطاع الحكومي أصبح مثلا للموظف المتأخر عن عمله، حيث تخاطب لدى تأخرك من قبل رئيسك (شو دوام دكتور)، حيث لا يبدأ الدوام قبل التاسعة صباحا ولا يستمر بعد الواحدة ظهرا ويستقبل خلالها ليس أقل من خمسين مريضا بدون مبالغة، أي بمعدل خمس دقائق لكل مريض تتضمن الإجراءات الإدارية والطبية والفنية...
- للحصول على إجازة مرضية يجب أن تكون من مركز طبي حكومي وعليك أولا أن تحصل على نموذج موقع ومختوم من قبل مؤسستك ليشرح عليه الطبيب ويوصي بالإجازة إن رأى ما يستحق ذلك، ولا تستطيع مراجعة الطواريء أثناء الدوام الرسمي لتحصل على إجازة طبية بنموذج طوارىء بدون إحضار النموذج من مركز عملك. إذن نرجو من حكومتنا الرشيدة توفير موقع عمل وبجانبه مركز صحي وسكن للموظفين ليستطيع الموظف الحصول على المعالجة اللازمة وبإرفاق جميع النماذج والبطاقات.
- يقول المثل "أطعم السن تستحي العين "، وفي عيادات أسنان الحكومة يقولون "اخلع السن حتى لا تراك العين " فالخلع هو الحل السهل والسريع للسن وصاحبه، والأدوات المستخدمة ليس لها الوقت من أجل التعقيم لكثرة المراجعين، وقد يفقد المريض حياته من وراء أدوات جراح الأسنان الملوثة بدم أو فيروس...، وإن وجدت طبيبا مناسبا فعليك الانتظار على الدور حتى تقع اسنانك جميعها فيتولى معالجة آثارها الملتهبة.
- لماذا أجبر كموظف حكومي على الدفع للتأمين الصحي بما أنه يمكنني الحصول على وثيقة تأمين صحي من أية جهة وطنية أخرى تضمن لي خدمة طبية مميزة وأدفع لها عن طيب خاطر، لكي تكون هنالك منافسة حقيقية وتشجيع للقطاعين الخاص والعام لتحسين الخدمة وتخفيف الجهد المالي والجسدي والنفسي للموظف.
- خصوصية المريض في غرفة المعالجة تقرأ فقط على ورقة على الباب ولا يكاد الباب يغلق حتى يفتح مجددا من مراجع أو محضر صور أشعة أو تقارير مخبرية أو وصفة للتعديل وكثيرا من ممرض أو عامل نظافة (للتوسط لمريض أو اللعب في الترتيب)، ولا يوجد من يفتح ويغلق الباب بشكل منظم ولا أعلم إذا كان هذا من اختصاص الممرضة، أما في غرف الطوارئ فالأمر أفضل حيث لا باب يفتح ولا آخر يغلق والجميع أمام الأعين مستلقين.
- ولكي لا أطيل سأشير للملاحظات الأخرى بشكل سريع: أحيانا عندما تراجع شباك المواعيد وتكون أول المراجعين صباحا تجد أن رقمك يبدأ بخانتين لأن الأرقام الأولى محجوزة ليلا أو متوقع حضور قريب لا يطيق الانتظار.
في كثير من الأحيان تجد ملاحظة مكتوبة على شباك المحاسبة أو الصيدلية (نرجو الانتظار 15 دقيقة فقط) وتبقى تنتظر ولا تعرف متى يبدأ العد التنازلي.
الإجازات الطبية التي تعطى بالأسابيع لمن لا يستحق أحيانا وبالهاتف، بينما لا يحصل من يستحقها على يوم أو بعض يوم، العلاجات التي تصرف للبعض دون الآخر وأحيانا يحصل عليها البعض من بيوت الصيادلة أو الأطباء الحكوميين وبدون وصفة طبية. عدم وجود طبيب الطوارئ لفترات قد تتجاوز الساعات وخاصة في المناطق المسمية النائية وما أدراك ما الوقت في غرفة الطوارئ. وجود طبيبين في غرفة واحدة (خدمة ممتازة) ولكن كل منهم يعاين مريضا مختلفا في نفس الوقت عسى أن يستفيد المرضى من الخبرة المرضية لبعضهم البعض.
قد أكون خلطت الأمور فلا تلومونني فكثرة العلاجات البديلة المصروفة من قبل طبيب الحكومة قد أخذت مفعولها.
استطراد: بعد نهايتي من كتابة هذه السطور على الحاسوب اضطررت لاصطحاب ابنتي البالغة من العمر خمس سنوات للطوارىء الساعة الخامسة مساءا من يوم الجمعة، بعد الوصول للطواريء عن طريق محول وبناية مؤقتة استقبلني موظف الاستقبال لكتابة المعلومات على الحاسوب (استبشرت خيرا بالخدمة الالكترونية)، لم يفحص الطبيب بل اكتفى بالسؤال عن عمر المريضة وما المشكلة قام بالتحويل مباشرة إلى قسم الأطفال وعلى ورقة حاسوبية جديدة، خرجنا لمبنى آخر فيه قسم الأطفال، وجدنا أكثر من عشرة مراجعين بالإنتظار، سألنا الممرضة عن الطبيب فأجابت بأنه يفحص طفلا حالته حرجه وعليكم الانتظار، بعد الانتظار بدون كراسي لأكثر من نصف ساعة جاء الطبيب من خارج القسم وتوجه مباشرة إلى غرفة الطفل المذكور مسبقا، أي أن الممرضة أجابت حسب ما تتوقع بعد حضور الطبيب، قنادت الممرضة مباشرة بأن على الجميع الرجوع للطواريء لأن طبيب الأطفال لا يستطيع استقبال أحد الآن، ذهبنا مسرعين والكل يحمل همومه وأطفاله للطواريء، استقبلني طبيب الطواريء مرة أخرى وبعد الفحص السريع كتب الوصفة الطبية، سألت عن توفر العلاج في صيدلية المستشفى فأجبت بأن عليك الحضور غدا صباحا، رميت بالوصفة الطبية وورقة الحاسوب ومسودة هذه المقالة في سلة مهملات الطواريء وقلت حسبنا الله ونعم الوكيل، وذهبت لصيدلية خاصة وصرفت علاجا على مزاجي ودفعت من جيبي ما طلب الجابي وقلت .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات