حماس القطاع والضغط بالمنع من السفر والعودة
لولا وساطة كويتية قام بها رئيس مجلس النواب جاسم الخرافي ، لما تمكن خمسة من نواب حركة حماس في المجلس التشريعي من العودة إلى قطاع غزة ، والسبب بحسب السلطات المصرية هو مخالفتهم للاتفاق معهم ممثلا في السماح لهم بالذهاب إلى الحج ومن ثم العودة مباشرة من دون المرور بأي بلد كان ، بما في ذلك ، بل في مقدمة ذلك سوريا ، وهو الاتفاق الذي خالفوه بقيامهم بجولة في عدد من الدول العربية.
والحال أن هذه الواقعة ليست استثنائية في سياق تعاطي السلطات المصرية مع قادة حركة حماس ، بل هي جزء من سياسة باتت هي الأصل خلال الشهور الأخيرة ، إذ يجري منع قيادات الحركة من الخروج ، بل يجري التشدد مع عناصرها وأنصارها أيضا ، حيث يُمنع كل من لا يملك جواز سفر أجنبيا أو إقامة في الخارج من مغادرة القطاع.
المصيبة بالطبع أن مصر هي المنفذ الوحيد للقطاع على العالم الخارجي ، الأمر الذي يجعل مسألة الدخول والخروج ورقة الضغط الرئيسة بالنسبة لمصر في سياق التعاطي مع ما تسميه \"الإمارة الظلامية\" وقيادتها ، وهي (للأمانة،،) تجيد استخدامها بشكل مميز. ولا شك أن طريقة التعاطي مع الناس (دخولا وخروجا وأسلوب معاملة) هي التي تعكس الرضا المصري عن هذا الشخص أو ذاك ، وهذا القيادي أو ذاك ، وقد لوحظ التساهل مع قادة الفصائل الأخرى خلال المرحلة الأخيرة.
الأكيد أن هذه المسألة ليست الوحيدة في سياق الضغط ، فهناك الأنفاق التي تستهدف بين حين وآخر ، مع التركيز المفرط على تهريب السلاح ، لا سيما الذي يمكن أن يساعد حماس على تحدي الإملاءات الإسرائيلية ، وقد أعلن مؤخرا عن كشف مخزن لصواريخ مضادة للطيران كانت برسم التهريب للقطاع. كما أن هناك الاعتقالات المستمرة لبعض كوادر الحركة ، لا سيما المشتبه بعلاقتهم بالجهاز العسكري ، حيث لا تخلو السجون المصرية من عدد منهم ، بل إن بعضهم معتقل منذ أكثر من ثلاث سنوات.
ولكن ما الذي تريده مصر من حركة حماس؟ سؤال لم تعد إجابته سرا من الأسرار ، وهي لم تكن كذلك في يوم من الأيام ، فالقيادة المصرية لا تتعامل مع حماس بوصفها حركة فلسطينية فحسب ، بل تتعامل معها بوصفها حركة أصولية تعتبر امتدادا لجماعة الإخوان \"المحظورة\" في الداخل.
من هذا المنطلق تصنف حماس بوصفها حركة معادية ، لكن الجانب الآخر يتعلق باستقلالية حماس في التعاطي مع الملف الفلسطيني ، وبرنامجها السياسي غير المنسجم مع الخط الذي تتبناه القيادة المصرية ممثلا في المفاوضات ، مع التذكير برؤية مصر لنفسها كمرجع للقرار الفلسطيني.
يضاف إلى ذلك كله ما يتعلق بالاستجابة للمطالب الأمريكية (هي بالطبع صدىً للمطالب الإسرائيلية) ، والتي تصر على إبقاء حماس في القطاع أسيرة وضع ليس مرتاحا ولا مستقرا ، وبالطبع حتى تقدم المزيد من القرابين السياسية التي تثير الإحباط في الشارع الفلسطيني والعربي ، ومن جهة مصر حتى يمكن إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الانتخابات في 2006 ، أي التخلص من \"الإمارة الظلامية\" ، الأمر الذي أعدت من أجله ما عرفت بالورقة المصرية التي رفضتها حماس ، وكان من الطبيعي أن ترفضها.
ليس لدى حماس من خيار سوى مواجهة الضغوط المشار إليها ، وذلك عبر التأكيد على تماسك الحركة وعدم السماح بإحداث اختراقات ، نقول ذلك لأن الخيار الآخر لا يعني غير تضييع الحركة والقضية معا.