دينية وطنية وعلمانية طائفية

تم نشره الثلاثاء 04 كانون الثّاني / يناير 2011 12:19 صباحاً
دينية وطنية وعلمانية طائفية
ياسر ابو هلالة

شهد لبنان أول وأسوأ حرب طائفية بعد نشأة الدولة العربية الحديثة، ولم يكن في لبنان حزب إسلامي. القوى الفاعلة والمؤثرة في الحرب اللبنانية كانت طائفية وعلمانية في الوقت ذاته. وأول ظهور لحزب إسلامي فاعل كان لحزب الله بعد نهاية الحرب الأهلية، وظل دوره وطنيا مقاوما، وعلى رغم دخوله مؤخرا في اللعبة الطائفية لم يتورط كما الأحزاب "العلمانية". لا يعني ذلك ان الأحزاب الإسلامية ليست طائفية، ففي العراق أثبتت تلك الأحزاب (الدعوة، المجلس الإسلامي، الحزب الإسلامي...) أنها لا تقل طائفية عن الأحزاب العلمانية، بما فيها الحزب الشيوعي.

مقابل ذلك، وفي غضون مرحلة الاستقلال، قدمت الحركات الإسلامية تجربة وطنية جامعة في غير بلد، وكان يمكن لولا المراحل الانقلابية التي لم تنته آثارها أن تنضج كما تجربة الأحزاب المسيحية في أوروبا وتجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا. في سورية لم تدرس تجربة فارس الخوري إلى اليوم ولم تتكرر. فالمسيحي الذي ينتسب لأصغر الطوائف في العالم العربي "البروتستانتية" صار رئيسا للوزراء في نظام نيابي منتخب ورئيسا لمجلس النواب.

كان الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، وعميد كلية الشريعة في جامعة دمشق، حليفا للخوري وداعما له. وكان طريفا في دمشق المدينة المحافظة أن تكون بنات الخوري حاسرات الرأس في الحملة الانتخابية للسباعي. كان ذلك في منتصف القرن الماضي، هل يمكن في ظل الأنظمة والأحزاب "العلمانية" اليوم أن تتكرر التجربة؟

لا شك أن تلك المرحلة تشكل استثناء، ولكنها تثبت أن الشعوب مهيأة لثقافة التنوع وقابلة أيضا لثقافة الإقصاء. القضية سياسية بالمقام الأول، فثقافة الإقصاء كما في المثال اللبناني الصارخ هي صنيعة زعماء الطوائف، فهو لا يكون زعيما إلا إذا كان يكره السني أو الشيعي أو المسيحي (والفلسطيني بالتأكيد!). حصلت مذابح طائفية في التاريخ، وهو ما لا يستثنى منه بلد في العالم، لكن أن نبقى أسرى ثقافة المذابح فهذا قرار سياسي.

يخلط بين التدين والطائفية بشكل غير علمي، فزعماء الحرب الأهلية في لبنان لا يعرف عنهم تدين إلا من حيث المظاهر لغايات إبراز الهوية الطائفية. في المقابل كان السباعي، وهو فكرا وتجربة غير طائفي، شديد التدين وعالم دين. وفي المثال الشيعي نجد أمل الأكثر طائفية أقل تدينا وحزب الله الأكثر تدينا أقل طائفية. ولك أن تتخيل أي دين كانت تؤمن به المليشيات المسيحية التي نفذت مجازر صبرا وشاتيلا. كانت عشيرة علمانية تثأر بشكل أعمى لشيخها بشير عقب اغتياله.

القضية سياسية بالمقام الأول، والسياسي هو الذي يضع المناهج في المدارس، وهو الذي يقدم الخطاب الإعلامي وغيره، وللأسف استخدم السياسي في العالم العربي سهام العنصرية وكثيرا ما ارتدت عليه.

المذبحة البشعة التي شهدتها الإسكندرية، أكدت أن النظام "العلماني" طائفي، في المقابل فإن الإخوان المسلمين في مصر وخارجها نجحوا في الاختبار، ليس في استنكارهم للمذبحة فقط، بل في دعوتهم العملية لمشاركة المسيحيين في احتفالاتهم بعيد الميلاد في الكنائس حماية لها.(الغد)


 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات