من فضلكم , استمعوا للمتشاجرين
في كل حالات العنف الطلابي في الجامعات لم يحصل أن استمع أحد بجدية لرأي المشاركين في المشاجرات. في الواقع يتعين على إداريي الجامعات والمحللين والباحثين أن يضعوا باعتبارهم احتمال أن حصيلتهم الفكرية والثقافية أو تحصيلهم الأكاديمي العالي وخبراتهم البحثية لا تكفي لفهم الظاهرة تمهيداً لمواجهتها.
ينبغي أن ندع المتشاجرين يتكلمون, فالمشارك في مشاجرة طلابية عشائرية يرى أنه يمارس موقفاً "مبدئياً" من منظور عشائري, وهو ينتظر الشكر على ذلك وفي كثير من الحالات يحصل فعلاً على ذلك الشكر.
إدانة المشاجرات تقتصر على المستوى "الرسمي" بما في ذلك "الرسمي العشائري", وفي ما غير ذلك سوف يدان من يقصر في الدفاع عن "مبادئه". لاحظوا أن أياً من الرسميين المنتمين إلى العشائر المشاركة في مشاجرة بعينها لا يدين مشاركة عشيرته على وجه الخصوص, هو في أحسن الأحوال قد يدين المشاجرات على العموم وعلى سبيل مجاملة المجتمع والدولة والمؤسسات.
في الفئة العمرية لطلاب الجامعات يعتبر البحث عن إطار للانتماء ولتشكيل جماعة أو شلة أمراً حيوياً وضرورياً وصحياً بالطبع, وفي حالة فقدان إطار طلابي أو نقابي أو سياسي أشمل من العشيرة والمنطقة, أو في حالة فشل ما هو متوفر من أطر معترف بها, فإن الطالب لن يستسلم.
في موسم انتخابات الجامعة الأردنية العام الماضي, أجريت بحثاً قصيراً, وقد شرح لي الطلاب خلاله الطريقة التي يتعاملون بها مع الطالب المستجد, وقالوا لي أنهم يعتبرون القادم الجديد "مْغَمّض", فيُستقبل في أيامه الأولى كل حسب "جماعته" التي تعمل على تفتيح عيونه بالاتجاه السليم من دون تعارض أو تعد على حقوق الجماعات الأخرى, وبعضهم قال لي حرفياً وبمنتهى الجدية: لا تستغرب يا أستاذ, إنها الديمقراطية.
أدعو إلى الاستماع جيداً للفاعلين في ظاهرة العنف والتعرف بعمق على قناعاتهم, ومن دون ذلك سوف تبقى المعالجات عند القشور.