النظام السياسي ومشكلة الجنوب في السودان

المدينة نيوز- صدر للأديب والكاتب صالح القاسم كتاب جديد يحمل عنوان النظام السياسي ومشكلة الجنوب في السودان ، ويتناول الكتاب بالدراسة علاقة توجهات النظام السياسي بمشكلة الجنوب في السودان في الفترة ما بين عامي 1969 و1989 .
يتناول المؤلف مشكلة الصراع في الجنوب منذ عام 1955 ، أي قبل الإستقلال بسنة واحدة تقريبا ، حيث ينطلق من قوله انه رغم تعاقب أكثر من نظام سياسي على الحكم في السودان النظام من النظام المدني في الفترات : (1956-1958) ، (1964-1969) ، (1985-1989) ، والنظام العسكري في الفترات : (1958-1964) ، (1969-1985) ، الا ان المشكلة لم تحل ، والقضايــا التي كان يدور حولها الصراع هي نفس القضايا منذ الاستقلال ، من حيــث مطالبة الجنوبيين بالانفصال ، او الاندماج ، او الحكم الذاتي ، او الفدرالية باوسع معانيها ...الى غير ذلك .
لقد فشلت هذه الانظمة في حل المشكلة , ولم تستطع تطوير تصورات ، او صيغ ملائمة لحلها ، باستثناء النظام السياسي في عهد النميري حيث استطاع هذا النظام عبر سلسلة من التوجهات السياسية التوصل الى اتفاقية سلام مع الجنوبيين جلبت الأمن والإستقرار للسودان مدة عشر سنوات تقريباً ، ولم تعد الحرب الأهلية والصراع في الجنوب إلا بعد أن تخلى هذا النظام عن توجهاته السياسية السابقة ، وبعد أن تنكر لاتفاقية السلام ولكل ما جاء فيها .
في حين لم تستطع الأنظمة السياسية المدنية تحقيق أي نوع من السلام أو التسوية رغم ما يوفره النظام الديمقراطي عادة من وسائل الحرية والتعبير عن الحقوق ،
وتكمن أهمية الدراسة من خلال محاولتها تصحيح وجهة النظر حول مشكلة الجنوب ، فالكثير يعتقد أن مشكلة الجنوب هي عبارة عن نزاع بين الحكومة المركزية وبين أهل الجنوب بسبب ضآلة التنمية الاقتصادية وقلة المشاركة السياسية ، أو أنها نزاع بين الافارقة وبين العرب ، أو نزاع بين المسيحيين والمسلمين ، أو بسبب الصراع القبلي ، أو الطائفي داخل الاقليم نفسه ... الخ ، غير أن تجربة السودان في الحكم وعدم قدرته على حل المشكلة ، دفع المؤلف الى دراسة المشكلة على نحو مختلف كما يذكر لأنه يرى الصراع في الجنوب من نوع الصراع الإجتماعي الممتد . Protracted Social Conflict حيــث يرتبط بالهويــة الثقافيــة والحضارية للأطراف الفاعلة فيه ، وتتداخل فيه العوامل الداخلية والخارجية ، ويستعصي على أدوات تسوية الصراع المعتادة ، بما فيها الحــل لعسكري لأن كل الأطراف فيه ستكون خاسرة .
ويؤكد المؤلف في كتابه على أن السودان دولة عربية مهمة جدا ، أمنها واستقرارها جزء لا يتجزأ من أمن الوطن العربي واستقراره ، وأن التخلص من ظروف الحرب سوف يتجه بالسودان الى إدارة موارده الطبيعية ،وتحقيق التنمية المتوازنة شمالا وجنوبا ، وتبني تجربة حكم ديمقراطي تساعد على توفير الإستقرار في كل أنحاء البلاد .