خطة (100) يوم ... انجاز
مع إعلان تشكيل حكومة دولة الدكتور عمر الرزاز، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي تغريدات أو آراء أو اقتراحات لمنحها (فرصة) وترددت أعطاء فرصة ال (100) يوم على لسان بعض المسؤولين دونما تحديد للأهداف المتوقع تحقيقها خلال تلك الفترة.
وللتعريف بهذه الفكرة التي دأبت الدول الديموقراطية على اعتبارها معياراً على صدق وقوة الأداء والوفاء بالوعود اعتماداً على آليات وضوابط لتقييم أداء السلطة التنفيذية بعد مضي ثلاثة أشهر (أو 100 يوم) ومدى تحقيق المطالب الآنية للمواطنين، والطموحات المستقبلية في برنامجها السياسي فأن من الأهمية الرجوع إلى أصل هذه الفكرة.
تعود فكرة (المائة يوم الأولى) إلى بداية الإدارة الأمريكية للرئيس فرانكين روزفلت (1933م): حيث كانت حوالي ربع البنوك الأمريكية على وشك الانهيار، وتتعرض الدولة لكساد اقتصادي وارتفع معدل البطالة إلى (25%) مما جعله يعكف على وضع خطة إنقاذ خلال (100) يوم لانجاز أولويات عاجلة وتأجيل القضايا الأخرى، وحظيت الخطة بدعم أمريكي مجتمعي، وبعد نجاحها الأولي، أطلقت عليها الصحافة الأمريكية بأنها (ال 100 يوم الأسطورية) و (100 يوم فرانكين روزفلت وانتصار الأمل) ومع أنه لم يقصد ال (100 يوم) تحديداً، إلا أنها أصبحت معياراً لقياس أداء رئاسته، وقد سار على هذا النهج كل الرؤساء الأمريكان فيما بعد، وعلى سبيل المثال، لا الحصر، فالرئيس (أوباما) تعهد بقضيتيْن أساسيتيْن، بالإضافة إلى قضايا أخرى فرعية، وهما: معالجة الأزمة الاقتصادية، وتحسين وجه أمريكا في الخارج بعد رئاسة (بوش الابن): فنجح في الحصول على دعم مالي لبرنامج إصلاحي لتحسين البنية التحتية، وبخاصة الطرق والاتصالات، وأبحاث الطاقة البديلة، ودعم نظامي التعليم والرعاية الصحية والتشغيل، متبعاً أسلوباً غير تقليدي في التنفيذ بحيث يلمسه المواطن الأمريكي، كما نجح في إيصال رسائل حضارية عن رؤيته الأمريكية والانفتاح على العالم، من خلال خطاباته في (استانبول والقاهرة وبروكسل وجاكارتا).
إن محاكاة هذا النهج، إذا ما أريد لها النجاح، تتطلب اعتماد خطوات ممنهجة ومدروسة لاختيار الأولويات الآنية أو العاجلة برؤية حكومية موحدة، على شكل (خطة أل 100 يوم) التي تنعكس على حياة المواطنين، وللتذكير فان اعتماد هذا النهج على المستوى الوطني أو الأردني لأول مرة كان في رئاسة المرحوم عبد الحميد شرف، ولعله كان متأثراً بالنهج الأميركي الذي عاصره أثناء عمله لدى منظمة الأمم المتحدة/ نيويورك، وفي السنوات أو العقود الأخيرة تولى مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية مهمته التقييم لأي حكومة بعد مضي مثل هذه المدة، مع الاختلاف في الهدف والأسلوب.
أما إعطاء حكومة الدكتور الرزاز الفرصة، ففي تقديري أنها تمتلك الفرصة دستورياً، من خلال تقديمها برنامجها إلى مجلس النواب، والدعوة الموجهة إلى الحكومة أن تخرج على المجتمع الأردني برؤية حكومية، لتحديد ثلاث قضايا مجتمعية عاجلة، وربما أكثر أو أقل، يعايشها المواطنون ويشعرون بأولويتها، وأن تضع خطة تنفيذية لمعالجتها خلال (100 يوم).
أما القضايا الأخرى، كالتشريعات المؤجلة، والحوار الوطني حول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية فأنها تصنف ضمن الأولويات المستقبلية، المتوسطة أو بعيدة المدى، فهل نسمع عما قريب مما يمكن وصفه ب (100 يوم ناجحة) من أجل الوطن والمواطن؛ واثبات الكفاءة والفعالية.