قرابين وجنائز غريبة.. هكذا تعامل البشر مع لغز الموت منذ القدم
المدينة نيوز:- لطالما كانت فكرة الموت محيّرة بالنسبة للإنسان منذ بداية وجوده وحتى الآن، فكيف لشخص كان يعيش ويتفاعل معك أن ينطفئ فجأة ويتحول إلى جثة هامدة؟
تحدّث باحثون كثر عن موقف البشر من الموتى، وعلى وجه الخصوص أسلافنا في مرحلة ما قبل التاريخ، فلم يكن مستغرباً أن إنسان ما قبل التاريخ، وممثليه من البدائيين المعاصرين، يعتقدون أن الميت يستمر في نوع آخر من الحياة بعد حادثة الموت.
الكثير من العادات القديمة ما زالت باقية لدى البدائيين المعاصرين، فالأموات في مناطق عدة من العالم يُحملون إلى مثواهم الأخير وأقدامهم إلى الأمام إشارة إلى إبعادهم، وأحياناً يتبع حاملو الجثمان خطاً متعرجاً في سيرهم لإرباك الميت ومنعه من التعرف على طريق العودة.
وقد يتم إخراج الميت من البيت بطرق غير اعتيادية، كأن يحمل من خلال نافذة أو فتحة في الجدار، على أن يتم إغلاقها بعد ذلك فوراً.
ففي حوض الكونغو يجري نثر الشوك على القبر وعلى طريق العودة إلى القرية، كي تخز الأشواك قدمي الميت وتمنع رجوعه. وقد تقام حواجز سحرية لصد الميت، مثل سياج حول القبر، أو أغصان كثيفة حوله، أو ترسم أخاديد كثيفة في الطريق تمثل نهراً يصعب اجتيازه.
هذه الإجراءات قد توحي، بحسب عدد من الباحثين بينهم السوري فراس السواح، بموقف عدائي من الموتى. لكن مثل هذا التفسير ليس دقيقاً، والأصح أن الأموات لا يميلون للابتعاد عن أمكنة إقامتهم السابقة قبل أن يجدوا طريقاً إلى راحتهم النهائية في العالم الآخر، إنهم يشعرون بالضياع ويطلبون المؤازرة من الأحياء، فإذا ما تم خذلانهم أصبحوا مزعجين أو حتى عدوانيين.
وبما أنه يصعب على الأحياء أن يعرفوا ما يشعر به الأموات من رضى أو سرور، فإن اتخاذ الاحتياطات واجب، لكن الأموات غالباً ما يكونون ودودين، خاصة الأسلاف المبجلين، ففي الحضارة الصينية القديمة يسود الاعتقاد بأن أرواح الأسلاف توّاقة إلى تقديم المساعدة للأحفاد الأحياء إذا هم قدّموا لها الاحترام اللائق.
وسعياً وراء تقديم الخدمات للأموات الباقين على مقربة من الأحياء، ومساعدة من هم على وشك المغادرة إلى العالم الآخر، نشأت عادة واسعة الانتشار في تقديم القرابين عند القبر، قوامها طعام وشراب يفي باحتياجات الميت كما لو أنه حي، حيث تبدأ، وفق "ناشونال جيوغرافيك"، عملية تهدئة أو مساعدة الموتى قبل الدفن، ثم تتضح بشكل خاص عند الدفن، حيث توضع مع الميت في مثواه أسلحة وملابس وأثاث وأشياء نفيسة، بما فيها نسخ مصغرة من أفران وأرغفة خشبية ومقاعد وخدم، كما هو الحال عند قدماء المصريين، وفي أزمنة قديمة كان الخدم والزوجات يُرسلون مع الميت، حيث يتم ذبحهم أو حرقهم أو دفنهم أحياء. (العربي الجديد)