أخبار سارة من العراق
أفهم جيدا أن يعترض أحد ما على فكرة القبول بخفض عدد سكان العراق سواء بالتخطيط، أو عفويا، ونتيجة لظروف سياسية وإقتصادية، فيقول: إن العراق بلد يمكن أن يتسع ليلبي حاجات 100 مليون إنسان. ولابأس، وليكن وهو الأمر الذي ينسحب على الكوكب الأزرق الذي يمكن أن يتسع لعدد من المليارات الإضافية.
المشكلة ليست في سعة الباص، لكنه قديم، وبطيء، ويكلف مبالغ إضافية للوقود اللازم لتشغيله، وهناك مطبات في الطريق، ومشاكل لها أول، وليس لها آخر.. الارض لايحكمها الملائكة.في الغالب هناك أنظمة رأسمالية، ومافيات كبرى، وإقتصاد حر يمكن أن يطيح بمستقبل عشرات الدول، وتغيرات مناخية هائلة ليس أسوأها إرتفاع درجات الحرارة، بل هناك تصحر يتقدم ببطيء ليلتهم المساحات الخضراء، وإنخفاض معدلات سقوط الأمطار، والتلوث البيئي والسلوك البشري الذي يؤدي الى القضاء على الغابات، ويلوث البحار والمحيطات، ويقضي على الزراعة، كما إن ذوبان الجليد في القطب الجنوبي يؤشر حالة الدمار التي تنتظر كوكبنا المتهالك الذي يواجه المزيد من المخاطر.
كل ذلك يجعل من الصعب ضمان إستقرار إقتصادي، ولايوفر المحاصيل الزراعية الكافية لإطعام السكان، ولايمكن تاكيد قدرة الحكومات على تأمين مياه صالحة للشرب، ولاإمدادات كهرباء كافية، ولا توجد فرص عمل للعدد المتزايد من العاطلين والباحثين عن العمل، وذلك يعود الى ضعف الموارد، والفساد الإداري، وعدم وضوح الرؤية، والإدارة السيئة للموارد، وبرامج التنمية.
مركز الإحصاء السكاني في العراق يشير في أحدث تقاريره الى إنخفاض محتمل في عدد سكان البلاد خلال سنوات قليلة مقبلة، ويعزو ذلك الى طرق منع الحمل المتبعة. في الواقع يبدو إن وعي الناس بالمستقبل غير الواضح جعل فئات من الشباب عازفة عن الزواج لانها لاتثق بماهو آت ولاتعتمد على الفرضيات فالأمور بمقدماتها، ومانعيشه الآن من اوضاع متردية يؤسس لما بعده من سوء وترد في قطاعات مختلفة من الحياة.
لم لانفكر بجدية أكثر، ونؤسس لمرحلة وعي ونضج أكبر بمايتعلق بالموارد والقدرات. فالمشكلة ليست في سعة الباص.
ولماذا يفكر الناس في زيادة أعداد المواليد الجدد، ولماذا لايكون عدد سكان البلاد بالقدر الذي يجعل مالدينا يفيض عن الحاجة بدلا من حالة النقص في مستلزمات الصحة والتعليم والعمل وظروف العيش غير الملائمة التي يشعر معها الناس إنهم يفتقدون الى شروط الكرامة؟ والله ماأدري.