التواصل الأسري مفتاح سحري لسعادة الأسرة
المدينة نيوز- يؤدي تواصل الابن الجيد مع أبيه وأمه وبره بهما إلى استقرار الآسرة ويشبع حاجات الآباء الجسمية والنفسية
يقصد بالتواصل الأسري لغة التفاهم والتحاور بين أفراد الأسرة التي تنقل أفكار كل منهم ومشاعره ورغباته واهتماماته وهمومه إلى الآخرين في الأسرة، وتشمل هذه اللغة: الكلام والحركات والتعبيرات والإرشادات والإيماءات وغيرها من الرموز اللفظية وغير اللفظية التي يقوم عليها التفاعل والتوافق بين أفراد الأسرة، وتجعلهم سعداء أو أشقياء بحياتهم الأسرية. فالتواصل الأسري الجيد مفتاح سحري لسعادة الأسرة يجعل التفاعل بين أفرادها إيجابياً، يجلب لهم الفرح والسرور، ويؤدي إلى تماسك الآسرة وترابطها ويجعلها كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الأعضاء بالسهر والحمى.
أما التواصل الأسري الردئ فمفتاح الشقاء في الأسرة لأنه يجعل التفاعل الأسري سلبياً يجلب لآفرادها الغضب والضيق والتوتر، ويجعل الأسرة مفككة وعرضة للهجر والطلاق، وهروب الأفراد منها، وقد يؤدي إلى العنف الأسري وتصدع الأسرة وزوالها. وتناول في هذا العدد:
مجالات التواصل الأسري:
ويحدث التواصل الأسري بين طرفين في الأسرة تربطهما علاقة، إما علاقة زواج أو رباط دم وصلة رحم، وهذا ما يجعل مجالات التواصل الأسري الثنائية عديدة أهمها الآتي:
1 التواصل الزواجي:
ويقصد به تواصل الزوجين معاً وتفاهمها معاً حول حياتهما الزواجية الأسرية، وتبادل مشاعر الود والاحترام بينهما، وبعد التواصل بين الزوجين اهم مجالات التواصل الأسري، لأهمية الزواج في بناء الأسرة وفي الإنجاب، ودور العلاقة الزواجية في استقرار الأسرة وتماسكها، فإذا كان التواصل الزواجي جيداً كان تفاعل الزوجين معاً إيجابياً يجلب لهما ولباقي أفراد الأسرة الفرح والسرور، أما إذا كان التواصل الزواجي رديئاً كان تفاعل الزجين معاً سلبياً، يجلب لهما الغضب والضيق والتوتر ويشقيهما ويشقي باقي أفراد الأسرة.
2 التواصل الأبوي:
ويقصد به تواصل الأب مع ابنه أو ابتنه، وحوارهما معاً وتفاهمها حول ما يريده كل منها من الآخر، وتبادلهما مشاعر الود والاحترام والاهتمام والرعاية والحماية، ويعد تواصل الأب مع أبنائه وبناته من أهم الركائز التي تقوم عليها التنشئة الاجتماعية، وبناء شخصية الابن أو الابنة، فإذا تفاهم الأب مع أبنه أو ابنته بأسلوب جيد فيه احترام متبادل وتشجيع في مواقف السرّاء، ومساندة ومساعدة في مواقف الضرّاء، كان تفاعلهما الأسري إيجابياً، وتوافقهما معاً حسناً. وسعد كل منها بالآخر وأسهم هذا التفاعل والتوافق في تنمية الشخصية السوية عند الأبناء وحماهم من الانحراف والاضطراب.
أما أذا كان التواصل الأسري بين الأب وأبنه أو ابنته منعدماً أو رديئاً، فيه إهانة للابن أو الابنه، أو إهمال له، أو إيذاء له، او قسوة عليه، فإن علاقة الآب بابنه أو بابنته تختل، ويتفاعل كل منهما مع الآخر تفاعلاً سلبياً، يجلب العضب والتوتر والخوف والقلق والشقاء، ويؤدي إلى أنحراف الابن والابنة أو اضطرابه النفسي.
3 التواصل الأمومي:
ويقصد به تواصل الأم مع أبنها أو ابنتها، وحوراهما معاً، وتفاهمها حول ما يريده كل منها من الآخر، وتبادلهما مشاعر الود والمحبة والاحترام والرعاية والحماية والاهتمام، ولايقل تواصل الأم مع أبنائها وبناتها أهمية عن التواصل الأبوي، إن لم يكن يفوقه تأثيراً في التنشئة الاجتماعية وبناء شخصية الابن أو الابنة، وينطبق ما اشرنا غليه من إيجابيات وسليبيات في التواصل الأبوي على التواصل الأمومي، لآن الأب والأم هما الكبيران في الآسرة المهيمنان في حياة الآبناء الأسرية، وتواصلهما الجيد مع الأبناء مصدر أمنهم واستقرارهم النفسي، وإشباع حاجاتهم ونمو شخصيتهم، أما تواصلهما الردئ، معهم فمصدر اضطرابهم النفسي وحرمانهم من إشباع حاجاتهم وإنحراف شخصيتهم.
4 تواصل البنوة:
ويقصد به تواصل الابن أو الابنة مع أبيه وأمه، وحوراه معهما، وتفاهمه معهما حول ما يريده كل منهما من الآخر، وتبادل الابن مشاعر الود والرحمة والاحترام مع والديه لاسيما عندما يبلغان عنده الكبر أحدهما أو كلاهما. فعلا يقول لهما أف ولا ينهرهما، ويقول لهما قولاً كريماً، أي يتواصل معهما تواصلاً جيداً، ويتفاعل معهما تفاعلاً إيجابياً في كل الأحوال.
أما تواصل البنوة فيكون من الأبناء إلى الآباء، حيث يدير الأبناء الحوار، ويؤثرون في الآباء، لاسيما في الكبر ويسمى هذا التواصل "بر الوالدين" إذا كان التواصل جيداً، و"عقوق الوالدين" إذا كان التواصل منعدماً أو رديئاً.
ويشغل تواصل البنوة حيزاً كبيراً في الأسرة المسلمة، فقد أمر الله أبناء المسلمين ببر الوالدين، وحرّم عليهم عقوقهما.
ويؤدي تواصل الابن الجيد مع أبيه وأمه، وبره بهما إلى استقرار الأسرة وتماسكها، ويشبع حاجات الآباء الجسمية والنفسية والاجتماعية والروحية، ويحميهما من الأمراض والأوجاع, ناهيك عن تأثيره على الأبناء والأحفاد، والبركة التي يحصلون عليها في العمر والرزق، ورضا الله في الدنيا والآخرة.
أما تواصل الابن أو الابنة مع أبيه وأمه تواصلاً رديئاً، وعقوقه لهما، فإنه يحرمهما من الاستقرار النفسي، ومن إشباع حاجاتهما، ويعرضهما للأمراض والأوجاع والانحرافات النفسية، ويحرم الأبناء من بركة العمر والرزق ويعرضهم لسخط الله.
5 تواصل الأخوة:
ويقصد به تفاهم الأخ أو الأخت مع أخيه أو أخته، وحوارهما معاً حول ما يريده كل منهما من الآخر، وتبادلهما مشاعر الود والاحترام والمساندة والمساعدة والمواساة في الضرّاء والتهنئة في السراء.
ويقدم تواصل الأخوة على رباط الدم وصلة الرحم التي تربط بين الأخ وأخيه وهو رباط إلزامي أو إجباري.. تقوم لعيه الأسر لاسيما في الأسرة المسلمة، التي حثّ الإسلام فيها على "صلة الرحم" وتنمية العلاقات الطيبة بين ذوي الأرحام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أحب ان يبسط الله له في رزقه، وينسأ له في أثرة فليصل رحمه"
ويعد التواصل الجيد بين الإخوة والأخوات من عوامل الاستقرار في الأسرة وتماسكها، أما التواصل الرديء بينهم فيقطع الأرحام ويؤدي إلى العداوة والبغضاء والعنف الأسري الذي يشقى به قاطع الرحم وأسرته، وقد نهى الإسلام عن التواصل الردئ بين الأخوة والأخوات والأقارب فقال تعالى: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الآرض وتقطعوا أرحامكم" أولكش الذين لعنهم الله فأصمهّم وأعمى أبصارهم" أي فهل يتوقع منكم إن توليتم أمور الناس أن تفسدوا في الأرض، وتقطعوا أرحامكم، أي تتواصلوا معهم تواصلاً رديئاً، وتتفاعلوا معهم تفاعلاً سلبياً يقطع روابط الدم التي بينكم . ( بوابة المرأة )