(محمد علي طه) يستعرض تجربته الأدبية في رحاب "العصرية"
المدينة نيوز :- وصف الأستاذ الدكتور أسعد عبد الرحمن الكاتب والروائي الفلسطيني المعروف محمد علي طه برمز المقاومة الثقافية، وبالشخصية المميزة المجيدة لقراءة وفهم الأحداث السياسية، وبالمناضل الرفيع والقيادي المتصدر لطليعة طلائع أهلنا في مناطق الـ 48، كما وصفه بالقيمة الوطنية والقامة الثقافيّة الشامخة، مشيداً بدوره في إذكاء الوعيّ الثّقافيّ والوطنيّ لدى الأجيال القادمة من خلال إبداعاته القصصيّة والروائيّة والمسرحية التي رسم فيها الجرح والبسمة والألم والأمل، مستلهما واقع شعبنا الفلسطيني داخل الخط الأخضر وفي الضّفّة والقدس وغزّة ومخيّمات اللجوء؛ ومبرزا ومرسخا هويته الثقافية والحضارية من خلال تصويره حياته النابضة بالانتماء، وتسطيره لملاحم الصّمود التي يبدعها في الدّاخل ضد سياسة الترانسفير والتمييز العنصريّ والاقتلاع وتزييف الحقائق التاريخية، وأضاف د. أسعد: أنه لطالما قرأنا وكتبنا عن سياسة الحكم العسكري في فلسطين الذي امتد من العام 1948 إلى الـ 1966 حاملا في ثناياه أسوء انواع الإضطهاد ألا وهو "الإضطهاد الثقافي" الذي اضاء عليه محاضرنا في اكثر من كتاب، وهذا طبعا إضافة إلى الإضطهادين العسكري والسياسي.
جاء ذلك خلال تقديم الدكتور عبد الرحمن للكاتب في الأمسية التي نظمتها "مؤسسة فلسطين الدولية" والمدارس العصرية في منتدى الأخيرة في العاصمة الأردنية عمان، واستعرض فيها طه تجربته الأدبية التي تنشد للوطن والحب والحرية وطاف بجمالياتها واغراضها الوطنية، وسط حضور نوعي كبير وتفاعل واسع من أدباء ومثقفين.
وقال "طه": أن الكتابة بلغة عربية سليمة تعتبر قضية وطنية وقومية من الطراز الأول، وأنه بدأ كتاباته عن القرى المهجرة ومصادرة الأراضي، وأنه حريص –كل الحرص- دائما وابدا على ان يشتم من كتاباته رائحة الوطن وازهاره البرية، وان يتم التعرف من خلالها على أسماء المدن والقرى والبلدات والمواقع الأثرية التي دمرها الاحتلال وقام بتخليدها في أدبه الوطني، لافتا أن ما يميز أدبه على الساحة الفكرية –ساحة المواجهة الأهم مع الصّهيونيّة-؛ تقديمه لأدب مقاوم بقامة منتصبة ومتأججة وتسامح إنسانيّ متدفق، وهو التوجه الذي يعزّز مكانة شعبنا الفلسطينيّ في الجانب المشرق للشّعوب المناضلة من أجل الحريّة والاستقلال والانعتاق من القيود، ويجعله مصدر اعتزاز لكل الناشدين لعالم أكثر عدلاً وإنسانيّة، مشيرا إلى تميز نصوصه بالمذاق الجبلي، فالقصة عنده هي حق المسك الذي يضيف إليه ما قطره من روائح الريف الفلسطيني ونكهاته اللاذعة، وهي ملأى بالدبكة والفخاخ ومفردات الطبيعة والأمثال الفلسطينية، حيث أن كتاباته تتميز بالالتصاق بالبيئة الريفية والقرية الفلسطينية, وبالهموم اليومية للناس البسطاء العاديين والمستضعفين, وبتقديمه لشخصياته في نماذج اجتماعية حية وواقعية. تلا ذلك قراءة "طه" جملة من نصوصه التي حاكت الهم الإنساني بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص، والتي منها: "..أنا شقيق المكان وأخو النّبات والشّجر، ناطور الكرم وحارس الأسماء العربيّة. أنا القابض بأناملي على كوفيّة الوطن وعقاله وقنبازة. خبّأت الضّاد في كيس الطّحين في زمن الحكم العسكريّ وحميتُ التّراب برموش عينيّ. أنا الباقي هنا عند عين العذراء وعين الصّرار وعين عافية ورأس العين وبير الصّفا لأقول لأخوتي وأهلي العائدين يا يحيّى :يا هلا يا هلا...أنا الباقي لأقرع أجراس كنيسة البشارة وكنيسة كفر برعم، وأرفع الآذان من على مئذنة مسجد حسن بيك والجامع الأبيض ومسجد الجزّار..أنا الباقي هنا لأزرع القمح النّورسيّ في البطّوف والملّ ومرج ابن عامر، وأقطف الزّيتون السّوريّ في الجلّيل والمثّلث والنّقب وأسند ظهري إلى سورّ عكّا وأردّد: يا خوف عكّا من هدير البحر...أنا أحبّ عائلتي وجيراني وشعبي وجميع النّاس ولكنّي أكره الظّالمين والمحتّلين...أنا واحد منكم وقلمي مسخّر لكم. أنا لكم وأنت لي فاسمحوا لي أنّ أقبّل جباهكم وأبوس عيونكم.."
وشهدت الأمسية -التي ناهزت الساعة والنصف - حضورا لافتا ومشاركة واسعة، وانتهى اللقاء بتقديم د. اسعد عبد الرحمن درع تكريمي للمحاضر باسم المدارس العصرية و "مؤسسة فلسطين الدولية".
يذكر أن محمد علي طه قاصّ وروائيّ ومسرحيّ وكاتب مقالة ساخرة وهو كاتب بارز من كتاب القصة القصيرة الفلسطينية المحلية، ولد في العام 1941 في قرية ميعار في الجليل- فلسطين، وفي العام 1948 هدمت القوات الإسرائيليّة قريته وصادرت أراضيها , فلجأ مع اسرته إلى قرية كابول. انهى دراسته الابتدائية في القرية, وأنهى الدّراسة الثّانوية في ثانوية كفر ياسيف في العام 1960، ودرس الأدب العربيّ والتّاريخ في جامعة حيفا وحصل على اللقب الجامعيّ الأوّل سنة 1976، وهو من مؤسّسي اتحاد الكتّاب العرب الفلسطينيّين في إسرائيل في العام 1987 وانتخب رئيساً له في العام 1991، وهو من مؤسّسي لجنة الدّفاع عن الأراضي العربيّة التي أقرّت إضراب يوم الأرض 30 آذار 1976. انتخب في العام 1998 رئيساً للجنة "إحياء ذكرى النّكبة والصّمود" التي قامت بنشاطات واسعة في البلاد إحياءً للذّكرى الخمسين لنكبة الشّعب الفلسطيني وتوّجت عملها بمسيرة العودة – من الناصرة إلى صفورية التي شارك فيها الآلاف، ومن أعماله: لكي تشرق الشمس، سلاما وتحية، جسر على النهر الحزين، عائد الميعاري يبيع المناقيش في تل الزعتر، وردة لعيني حفيظة، عائد وحفيظة، ويكون في الزمن الاتي، عرس الفتى سرحان، النخلة المائلة، وبالعربي الفصيح. ترجمت قصصه إلى عدة لغات .