التدخل الإيراني المميت في اليمن
أينما وجد التوتر والنزاع والإرهاب وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، فلا بد من أن تجد أن أصابع النظام والعوامل المرتبطة به واضحة جدا فيها، وبالطبع هذا الأمر ما كان أبدا مخفيًا وسريا في يوم من الأيام.
هذه المرة، التقطت الكاميرات يوم الأحد 30 سبتمبر 2018، صورا لتحركات مشبوهة لسفينة إيرانية بالقرب من الساحل اليمني، كانت تنقل شحنات إلى قارب سريع آخر يسمى زرين.
ووفقا للأدلة التي تمت رؤيتها والتحقيق فيها هذه السفينة كانت تحمل اسم "ساويز" و خاصة للتجارة وتابعة لمنظمة الأمم المتحدة ولكن في الوقت الحالي يستخدم النظام الإيراني هذه السفينة من أجل نقل السلاح والذخائر للحوثيين في اليمن.
ووفقا للصور التي التقطت في الأفلام والصور فإن هذه السفينة تمتلك قاربين عسكريين وأكثر من ١٦ أداة عسكرية مثل رادرات للكشف السطحي والجوي وأجهزة تنصت وأيضا تمتلك نظاما عسكريا وجويا حديثا بحيث أن طبيعة هذه السفينة لا تتوافق مع السفن التجارية. من ناحية أخرى، قام مراسلو قناة العربية بتوثيق عمليات التهريب ونقل الأسلحة بشكل كامل.
وفقا لمنظمة الملاحة التابعة للأمم المتحدة إن إرساء سفينة لمدة ثلاث سنوات في البحر بدون بعثة بحث علمي يعتبر أمرا "غير طبيعي ومريب". من ناحية أخرى يعتقد خبراء الأمم المتحدة أن إيران لا تلتزم بالحظر المفروض على إرسال الأسلحة إلى المتمردين في اليمن. من خلال فحص دقيق لبقايا عدد من الصواريخ والقذائف التي أطلقت على المملكة العربية السعودية، خلصوا إلى أن هذه المعدات العسكرية "تم توفيرها للمتمردين" من إيران وذلك بعد الحظر الدولي على نقل الأسلحة إلى اليمن.
على الرغم من نفي النظام الإيراني في الإدانات والانتقادات الدولية، وأعلن أنه ليس له أي تدخل في اليمن ولايملك أي علاقات داخلية وخارجية معه، ولكن من ناحية أخرى، وبكل وقاحة فقد أكد إرسال الذخيرة والأسلحة لليمن، ومن بينهم منصور حقيقت بور، مستشار برلمان النظام الذي اعترف بهذا قائلا:
"لقد قمنا بمساعدة اليمنيين، ونأمل أن يستهدفوا عمق التراب السعودي والنقاط الحساسة والسياسية لآل سعود، مثل الرياض وجدة، بالإضافة إلى قواعدهم النفطية وذلك عن طريق زيادة مدى صواريخهم".
هذه الجملة تبين بوضوح الدور التخريبي وتصدير الإرهاب لدول الشرق الأوسط.
من ناحية أخرى نظم خبراء الأمم المتحدة في ١٢ يناير ٢٠١٨ تقريرا مكونا من ٧٩ صفحة وقاموا بنشرها في وكالة الأنباء الفرنسية. حيث صرحوا في هذا التقرير: "مجموعة الخبراء يعتقدون بأن الجمهورية الإسلامية في إيران قد انتهكت الفقرة ١٤ من القرار ٢٢١٦".
القرار رقم ٢٢١٦ من مجلس الأمن الدولي كان قرارا قد تم إقراراه بموافقة ١٤ صوت وصوت روسي امتنع عن التصويت فيما يتعلق بالحرب الداخلية في اليمن. هذا القرار تمت الموافقة عليه تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة وخلاله فرض على القوات العسكرية في اليمن حظرا على الأسلحة.
وقالت أيضا السفارة السعودية في أنقرة، في بيان يتعلق بالأحداث اليمنية الأخيرة، "لقد دعمت الحكومة الإيرانية الانقلابيين في اليمن بإرسال الأسلحة والصواريخ من نوع زلزال والخبراء للعسكريين، ولا تزال تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، مسببة عدم استقرار والتوترات في المنطقة".
وفي إشارة إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216، والذي يهدف إلى حل الأزمة اليمنية، ذكر البيان أن تورط إيران في الأحداث اليمنية، الذي قوض أمن واستقرار البلاد، وغذى الحروب الطائفية والمحلية، الأمر الذي تسبب ظهور هذا الوضع الكارثي على الشعب اليمني وسيؤدي حتما إلى فشل الجهود الدولية.
وكتب أنور قرقاش، مستشار وزارة الشؤون الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، في 28 فبراير "إن زوايا تدخل إيران في اليمن تظهر كل يوم، وفي الوقت نفسه، يتضح مدى صحة قرار عاصفة الحزم أكثر فأكثر. مما لا شك فيه أن هذا اختبار صعب، لكن الإجراء ضروري. الهدف الاستراتيجي واضح: الأمن والاستقرار في الجزيرة العربية للأجيال القادمة".
في هذه الأثناء، قدمت المندوبة البريطانية لدى الامم المتحدة كارين بيرس، الحرس الثوري الإيراني كعامل زعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، ودعا إلى حل لتقليص برنامج النظام الصاروخي للنظام. وقال الدبلوماسي البريطاني حول موضوع التدخل الإرهابي المزعزع للاستقرار للنظام الإيراني في المنطقة: "إن الطريقة التي سعى الحرس الثوري لقيام بها غالباً ما يكون لها أثر مزعزع للاستقرار. إنهم يتابعون قضايا، على سبيل المثال، في اليمن، حيث لا تتداخل المصالح الأمنية لإيران فيها".
في 19 يناير 2018، كتب قائد القيادة المركزية الأمريكية على موقع وزارة الدفاع الأمريكية: "لقد قلت مراراً أننا نعتبر النظام الإيراني العامل الأكثر زعزعة للاستقرار في المنطقة، وتركزت جهودنا في جميع أنحاء المنطقة على كشف أنشطة هذا النظام والعمل مع الشركاء لوقفه وتعطيله، وأنشطة النظام الإيراني في جميع أنحاء المنطقة ليست مفيدة. فهي تعزز عدم الاستقرار بطريقة تؤثر بشكل كبير على المنطقة."
كما هو واضح ومن موقف المسؤولين المختلفين، فإن إرهاب النظام قضية تضع الآن المنطقة والعالم تحت ظلالها الشريرة وتمثل تهديدًا فوريًا للسلم والأمن العالميين.
الطريق الوحيد لتخليص المنطقة من براثن الإرهاب الأعمى لهذا النظام في الشرق الأوسط هو الوقوف بحزم أمام تدخلاته العدوانية ودوره التخريبي في هذه المنطقة من العالم. وخاصة في دول مثل اليمن والعراق وسوريا لأن هذه الدول كانت الهدف الأساسي للتدخل القاتل لهذا النظام وذاقت جيدا طعم الذبح والكوارث.
هذا هو ما عاناه الشعب الإيراني نفسه لسنوات عديدة وشهده في الانتهاك السافر لحقوقه الأساسية والبسيطة. لذلك مطلب إسقاط نظام طهران هو مطلب إيراني واقليمي وشامل لأن الشعوب تريد التحرر من الاستبداد والعيش في سلام وصداقة وتعايش سلمي مع الجوار.
*كاتبة ايرانية