العرض الكويتي "غفار الزلة" تنهض على توظيف الموروث وجماليات السينوغرافيا
المدينة نيوز :- نهض العرض المسرحي الكويتي "غفار الزلة" اخراج عبدالله العابر على توظيف الموروث الكويتي الثري بفنون السامري والشعر النبطي واللوحات الغنائية والادائية الحركية وجماليات السينوغرافيا. المسرحية التي عرضت مساء امس الاربعاء على المسرح الرئيس في المركز الثقافي الملكي بعمان ضمن مهرجان الاردن المسرحي في دورته الــ25، كانت حصدت خمس جوائز، في ختام مهرجان الكويت المسرحي الـ18، وهي جوائز أفضل مخرج لعبدالله العابر، وأفضل ممثل دور ثان للفنان مشاري المجيبل وأفضل اضاءة لعبد الله النصار وأفضل مؤثرات صوتية لعبد الله البلوشي وأفضل ازياء للدكتور فهد المذن.
العرض الذي يستهل بمؤثر صوتي غنائي من الموروث لا سيما فن السامري المعروف في الكويت ومنطقة نجد، يصاحبه دخول 13 ممثلا ومؤديا في ظل شبه تعتيم فيما تسقط على منتصف الخشبة 3 حزم عمودية من الاضاءة العلوية البيضاء، ليشكل 12 من الممثلين والمؤدين "الجوقة" بشكل متساو من اربعة اشخاص ثلاثة اضلاع لشبه مربع بضلع مفتوح باتجاه متموضعين في منتصف الخشبة جلوسا يؤدون غنائيا وحركيا مصاحبين للمؤثر فيما تتموضع وقوفا احدى الممثلات خلف الضلع المغلق اقرب الى عمق الخشبة في اداء غنائي يقود الجوقة.
وحملت المسرحية الكويتية "غفار الزلة" في بنائها الدرامي الخارجي وباتكائها على الموروث دعوة إلى التعامل الإنساني ونبذ الأحقاد، من خلال شخصية فتاة تعيش من البداية في حالة قلق شديد ورغبة في الانتقام من قاتل أبيها، وتتذكّر اللحظة التي انقضّ فيها القاتل على والدها، ويكبر الحقد في قلبها، وتغذيه والدتها، وتتواصل الأحداث لتصل إلى ذروتها عندما تتزوج الفتاة فجأة من قاتل أبيها، وتحمل منه، فيجن جنون والدتها وتحاول قتل الرجل، لكنها تقتل الجنين.
وتصدم الفتاة من هول ما حدث، ويتحول النص إلى بكائية طويلة، وتعيش الفتاة ووالدتها لحظات من الألم العنيف وكل منهما تندب حظها، لكن مفاجأة القاتل تخرس الألسن وتصدم الجميع، لأنه انتقم لوالدها، ويظل السؤال قائما من المسؤول عما حدث؟ ولماذا حدث كل ذلك في بيئة واحدة يسكن أهلها المكان نفسه من سنين؟.
وفي بنائه العميق حمل العرض المسرحي "غفار الزلة" الذي جاء نصه المنطوق شعريا وشاعريا، رسائل موجهة للراهن العربي الذي يعاني من حالة الخصومات المتتالية بين الاشقاء والتي بالتالي يجني تداعياتها السلبية وأثارها الوخيمة الاجيال المقبلة.
وفق المخرج في توظيف الموروث وفن السامري الذي يستخدم غالبا في الافراح وهو غناء جماعي ويعتمد على ايقاعات الدفوف والمرواس لاسيما عندما نحا باتجاه اسلوبية التغريب واستخدمه في مواضع الحزن والحقد والكره والالم من خلال تبطيء الايقاع، كما وفق في توظيف القضبان البلاستيكية الطويلة السوداء التي كانت في كلتي يدي المؤدين يستخدمونها لاحداث ايقاعات "السامري"، علاوة على ما حملت من دلالة اللون الذي يدل الحقد الاسود الدفين ودلالة السوط في مشاهد العرض الاخيرة التي تحيلنا الى جلد الذات بعد الندم. كما وفق في توظيف قطع الديكور الخشبية السوداء المتحركة والمرتفعة في الفصل بين الفضاءات والمشاهد علاوة على الستارة السوداء الشفافة الخلفية التي انبعثت منها مصابيح بيضاء تعبر عن ابناء القبيلة في مشاهد معينة من العرض، الا ان العرض شهد العديد من "انتي كلايمكس"/ أفول الشخصية؛ والذي احيانا لا يفي بالتوقعات التي كان السرد يبنيها.
وشارك في العرض تمثيل عبدالله البدر وحنان المهدي وهبة عيدان ومشاري المجيبل ومحمد مالك.
--(بترا)