سرطان الثدي: رسالة التوعية تنقذ الحياة قبل تفاقم الاصابة
تم نشره السبت 10 تشرين الثّاني / نوفمبر 2018 07:11 مساءً
سرطان الثدي
المدينة نيوز :- لاسباب عدة يغيب عن كثير من النساء، الاقدام على فحص الكشف المبكر عن سرطان الثدي، وكثير من هذه الاسباب يرتبط بثقافة مجتمعية، خشية فقدان ازواجهن او وظائفهن، بيد ان اخريات اتخذن من رسالة التوعية خريطة طريق للحفاظ على صحتهن من خلال الكشف المبكر او المراجعة الدورية للفحص. رجاء الحلواني، كانت على عكس كثيرات، إذ كسرت ذلك الحاجز مثلها مثل العديد من السيدات ممن يردن ان ينعمن بحالة صحية جيدة، اذ أجرت فحصا ذاتيا فحجزت موعدا لدى طبيبها المختص لإجراء الكشف السريري للثدي. الحلواني وبعد اكتشافها وجود كتلة بين الثدي والابط، ساورتها شكوك ومخاوف بأنها مصابة بسرطان الثدي، إلى ان جاء موعدها المرتقب ليؤكد الطبيب تلك الشكوك ويثبت صحة اصابتها بسرطان الثدي. تقول الحلواني ان "قوة غريبة داهمتني، فكانت بمثابة جرعة دواء، تحملت فيه رحلة العلاج الكيماوي والاشعاعي ، وكنت اواظب على العلاج باستمرار، وإحاطة عائلتي لي بكل انواع الرعاية والدعم النفسي والمعنوي، جعلني في قرارة نفسي بطلة العالم امام تحدي السرطان، استطعت هزيمته، فلم اجعله محور حياتي، مارست يومي مثل باقي الايام التي كنت اواظب فيها على الرياضة وتفقد احوال الاهل والجارات ،كنت لا اغفل الاعتناء بنفسي ولم استهن لحظة بقدراتي، فكنت في الايام الصعبة العون والاكثر قربا منهم، لم انس تلك العبارات التي يرددها علي القريب قبل الغريب، " بدنا ترفعي طاقتنا"، " شو هالطاقة الايجابية اللي عندك"، "امرأة حديدية". وتلفت قائلة "بصراحة المرض في ذلك الوقت وجعلني اعرف نفسي من جديد وتظهر طاقاتي التي ازدات في ساحة معركتي ضد السرطان الخبيث". "كنت انا من امسح الدمعة عن اولئك الذين يتعاطفون على وضعي وحالتي الصحية، تطالبهن بعدم البكاء، فالواقع يقول انه ليس هناك شيء يدعو للحزن، ما دام ينبض الامل والثقة بالله ومن ثم بالعلاج والكادر الطبي والتمريضي لمؤسسة ومركز الحسين للسرطان، الذين كانوا نعم الرفقاء ويد العون والاختصاص، لم يكن ذلك مستحيلا"، حسب الحلواني. اضافت الحلواني "جميلة انا بعد مرضي، وما لفت انتباه الحاضرين في حفلة زفاف ابني، تألقي، فبالرغم من تساقطت شعري بعد الكيماوي، واصراري على عدم ارتداء القبعة، باعتبار ان سرطان الثدي أمر عارض، كسحابة لابد من انقشاعها، وبعد الشفاء ظهر لي شعر أجمل، وعمر جديد، لم اكن انانية، اذ ولدت لديّ الرغبة ان أساعد من يريدون في تخطي محنة السرطان، فكنت امسك بأيديهن الى طوق النجاة، كنت اغتنم الفرصة عند حضور تجمع السيدات، فأسدي لهن النصائح وتلك المتعلقة بالكشف المبكر، وكيفية تجاوز حاجز الالم عند الاصابة به". استشاري الامراض النفسية والحالات الإدمانية الدكتور عبدالله أبو عدس، يقول ان لرسالة التوعية اثرا كبيرا في إحداث الفرق، اذ من المهم في برامج الدعم النفسي ان تواكب المستجدات والثقافة العصرية، بما يدغدغ المشاعر والعواطف ويحث على مراجعة الطبيب، كأن تحتوي الرسالة الاعلاميةعلى مقولات" حرصا على سلامتك وسلامة عائلتك" و"لكي تكوني قادرة على العمل واداء مهامك على اكمل وجه"، لا بد من الكشف المبكر ومراجعة الطبيب . وأشار الى انه "للأسف فان المعوقات الاجتماعية تؤثر سلبا على معنويات من أصبن بالمرض، إذ يعتبرن وصمة عار ومحطّ انتقاد، ذلك ان بعضهن يردد عبارات على مسامع اخريات تتضمن معلومات ومعتقدات خاطئة، بأن "لا تذهبي للفحص،لا تفاولي على حالك" أو "الاجراءات الطبية تزيد من احتمالية الاصابة بسرطان الثدي". أوضح عدس انه لابد من العمل على اعداد تغذية توعية اعلامية جيدة، إذ ان الاكتشاف المتأخر للمرض يؤثر على سيكولوجية ونفسية المرأة المصابة وبالتالي يؤثر على استجابتها للبرامج العلاجية، مبينا ان الدعم النفسي يؤثر بنسبة 40% من العلاج. وأضاف ان لكل محافظة خصوصية في بث مضمون الرسائل، تتصل بثقافة المجتمع المصغر فيها، بحيث تؤثر الرسائل الاعلامية على قرار المرأة في اجراء الكشف المبكر والعلاج، مبينا ان المجتمع يقع على عاتقه الدعم النفسي للمرأة حتى اثناء اصابتها بسرطان الثدي فهي تبقى امرأة كاملة ، لابد من مساعدتها وتقديم الدعم لها لتجاوز الازمة. وقال استاذ علم الاجتماع والتنمية في جامعة الحسين بن طلال الدكتور حسين المحادين ، انه من حيث المبدأ ،ووفقا للجذور الثقافية فإنه يتم استقبال الرسالة التوعوية بناء على مدى القناعة والايمان الحقيقي بالعلم، اي بالسبب وبالنتيجة او الظاهرة للمشكلة. وأضاف ان النظرة الاجتماعية للمرأة على الرغم من ارتفاع مستوى التعليم ، فإن النظرة ذكورية ما تزال قائمة، بمعنى انه لدى بعض الرجال الشرقيين يعتبرون المرأة في قرارة انفسهم بأنها ليست شريكة بالمعنى الانساني كما يجب، كما انه لا يزال ينظر الى ان الكشف المبكر أو الذهاب الدوري للوقاية منه من الموضوعات غير الضرورية، فلابد من اعادة النظر في الرسالة التوعوية موجّهة للمرأة، وفقا للوسيلة المستخدمة والفئة المستهدفة وفقا لعمر السيدة او الفتاة او اليافع. وأشار الى انه من الاهمية بمكان المساهمة في توعية الازواج والابناء بأن السرطان مرض كأي مرض آخر ، داعيا الى عدم اقتصار الرسالة للسيدات وانما توسيعها لتشمل الرجال، واشراكهم بأهمية الفحص الدوري، لكي يقوموا بالدعم والمساندة للمرأة أيضا، وكذلك ليكونوا على بينة بان المرض يصيب الرجال ايضا. وقال "لدينا أربع ثقافات فرعية تؤثر على إحجام المرأة للرسالة، وهي امرأة البادية والريف والمدينة والمخيم ،وبالتالي فإن طبيعة كل واحدة من هذه الفئات الشرائح والثقافات الفرعية، بحاجة الى اعادة نظر في توزيع الرسائل لكل فئة منهن"، داعيا الى استخدام القادة المحليين ورجال الدين والنساء القائدات تعزيزا لما يرد عبر الرسائل الالكترونية والحملات التوعوية، لما يمكّنهم من المساهمة في تعزيز قاعدة الوعي بهذا المرض. وأضاف انه لابد من العمل على المساندة الاجتماعية أي البيئة المحيطة بالمريض او المريضة لغايات تعزيز الثقة بالنفس ، وأن أي شخص بالامكان الاصابة به كي لا تتحول الى وصمة اوتمييز في نظر البعض. رئيس قسم مكافحة السرطان ومدير السجل الوطني للسرطان في وزارة الصحة الدكتور عمر النمري، بين ان سرطان الثدي مثله مثل باقي الامراض المزمنة كالسكري والضغط، موضحا أنه ونظرا لطول المرحلة العمرية لدى كثير من الناس ، فإنه أدى ذلك التعرض للكثيرمن مسببات السرطان كالسمنة والتقلبات الجوية ، إضافة الى عامل العمر الذي يعتبر من أخطر عوامل احتمالية الاصابة بالسرطان ، وكذلك التدخين وتناول اطعمة تحتوي على الدهنيات. ويشكل الاستعداد الوراثي سببا في احتمالية الاصابة بالسرطان بنسبة 5-10%، وتزداد نسبة الاحتمالية حين التعرض لعوامل خارجية، مبينا انه في الاونة الاخيرة يتم تسجيل 8500 حالة سرطان جديدة سنويا، ونسبة الاردنيين المصابينبه يشكلون 5550 اصابة جديدة سنويا، و2900 اصابة من غير الاردنيين، فيما يبلغ عدد المصابين به من الذكور حوالي 2670 اصابة، و2880 من الاناث المصابات بسرطان الثدي. وأضاف انه وفقا لاحصائيات السجل الوطني للسرطان فان عدد المصابين بسرطان الثدي من الاردنيين وغير الاردنيين حوالي 1655 حالة، منها 1135 حالة اصابة بين الاردنيين، منها 1135 اصابة بين الاناث ، و8 حالات بين الذكور، مبينا ان الاصابة بسرطان الثدي عالميا ، يبلغ نسبة 20-25% من مجموع السرطانات الاخرى، وفي الاردن تشكل نسبة الاصابة به حوالي 20%، ويشكل سرطان الثدي بين النساء حوالي 34% من مجموع السرطانات الاخرى، وهو يحتل المرتبة الاولى في نسبة الاصابة به بين السيدات. وبين ان البرنامج الوطني لسرطان الثدي الذي تم استحداثه لغايات وقائية وعلاجية، بالتعاون مع مؤسسة الحسين للسرطان ، وتحت مظلة قيادته للبرنامج، كان يسجل في العام 1996، حوالي 3200 حالة سرطان ، منها 500 حالة لسرطان الثدي، ولكن في العام 2006 ،ومع وجود حالة من الوعي لدى عدد من السيدات أصبح عدد المصابين به (1200) حالة سرطان ثدي جديدة سنويا. وأضاف ان هنالك حالة وعي لدى البعض عملت على استعداد السيدة للكشف المبكر والسيطرة على المرض في مراحله الاولى، بعدما كانت نسبة الحالات التي تأتي الينا متأخرة في المرحلة الثالثة والرابعة، مشيرا الى ان الكشف المبكر عن سرطان الثدي، يؤدي الى زيادة فرصة الشفاء بنسبة 90%، ويكون بالامكان تجاوز نفسيتها وتكون التكلفة المادية لعلاجها اقل. وبين انه من خلال التجمعات النسائية وجمعيات السيدات ، العمل على تنفيذ حملاتنا التوعوية ،إذ اصبح هنالك نوع من الوعي وكذلك داخل العيادات الصحية وعيادات الامومة ،وعقد محاضرات وتدريبهم على الفحص الذاتي ،اذ انه ليست هنالك علاقة بين الدورة الشهرية والهرمونات، وفي حالة الشك لدى السيدات نجري لهم فحصا بالماموغرام . وأشار الى ان 100 ألف سيدة خضعن للفحص ضمن الاجراءات السنوية لهن ، إذ ان الفحص يعتمد على عمر السيدة ، مبينا ان برنامج الكشف المبكر هدفه خفض مراحل تقدم مرض السرطان والعمل على علاجه في حال الكشف عنه مبكرا ، بما ينعكس على نوعية الحياة لدى السيدة. مديرة وحدة الكشف المبكر عن السرطانفي مركز الحسين للسرطان الدكتورة يسار قتيبة قالت انه لابد من الكشف المبكر وبخاصة لتلك السيدات ممن تجاوز اعمارهن الاربعين عاما، والعمل على اجراء فحص سريري وكذلك أخذ صورة أشعة ماموغرام بشكل دوري. وبينت انه يوجد اعراض لمرض سرطان الثدي ،من بينها تغير في شكل الثدي او الحلمة وظهور نتوء او تقشر أو وجود كتلة في الثدي، واذا ما سيطرت عليها تذهب الكتلة للإبط ،او ظهور طعجات او تغير حجم الثدي اوتكون سماكة الثدي مثل قشرة البرتقالة ، او دخول الحلمة الى الداخل، اووجود افرازات من الحلمة، فحينها لابدمن الفحوصات المخبرية ، بيد ان هنالك اناس يتقاعسون عن اجرائها. وأشارت الى انه نتيجة للحملات التوعوية اصبح لدى الناس تصور عنهذا المرض وكيفية التعامل مع صحتها ، وخاصة ما لاحظناه في الاربع سنوات الاخيرة، ولابد من كسر ثقافة " ما بدي اعرف عن السرطان"، او "ما بدي أفتحعليّ ابواب"، ذلك ان السرطان لا ينتظرنا إذا ما اكتشفناه ، ولابد ان نسيطر على صحتنا قبل ان يسيطر علينا السرطان. يشار الى ان الرسائل التوعية والحملات التوعوية بالكشف المبكر وحملات التوعية التي تنفذها مؤسسة الحسين للسرطان ومركز الحسين للسرطان ووزارة الصحة، خللا السنوات الاخيرة، اثبتت نجاحها في الوصول الى عدد كبير من السيدات لإجراء الكشف المبكر والفحص الدوري ، مما يسهم في القضاء على سرطان الثدي في الوقت المناسب. --(بترا) - بشرى نيروخ