الشعر العربي؛ بين الإمارة والتآمر
لا يستطيع أحد أن ينكر فضل الشعر ومكانته، ويكفيه فخرًا أنه ديوان العرب ومرآة العصر قديمًا وحديثًا؛ وقد كان أولى بالأنظمة الحاكمة في الدول العربية، أن تدرك ذلك، وأن تجتهد في الحفاظ على مكانة الشعر، وتذبَّ عنه كل مدَّعٍ أو متطفلٍ.
إن الشعر العربي يتعرض لمؤامرة دنيئة، تقودها فئة ضالة، وتعكف على تنفيذها أذرع منتشرة في بقاع الدول العربية، لا هدف لها إلا القضاء على الهويَّة العربية الأصيلة، ولا سيَّما الشعر الذي هو ديوان العرب؛ حيث تقوم تلك العصابة وأعوانها بعقد مسابقات شعرية كبرى، تعمِد من خلالها إلى اختيار مجموعة من الضعفاء والمنتحلين، لتجود عليهم بأرفع الألقاب الشعرية والأدبية بغير استحقاق، ثم تقوم بتعميم تلك "النتيجة الوهمية"، في محاولة منها لفرض أصحاب "الألقاب المزيفة"، التي منحها من لا يملك لمن لا يستحق.
إن ما يفعله أولئك المرتزقة، هو تشجيع لكل مدَّعٍ ومتطفلٍ، في مواجهة الأدب بمعناه الحقيقي، حيث تتمخض هذه الحَمْلة الدنيئة عن ظهور كثيرٍ ممن لا يجيدون العربية ولا يعرفون شيئًا عنها، ويجدون من يخدعهم ويسوِّل لهم أنهم أعلامٌ ورموزٌ في عالم الأدب والثقافة، من خلال ما يمنحون لهم من جوائز مادية ومعنوية، الهدف منها تسليط الأضواء عليهم، وصَرف الأنظار إليهم، في محاولة آثمة للتأصيل لذلك العبث الفكري؛ استخفافًا بالعقول، مستغلين في ذلك منافذهم الإعلامية التي يروِّجون من خلالها لكل ما يسعون إلى تأصيله وفرضِه على أرض الواقع، من أمورٍ تأباها الفطرة ويرفضها الواقع.
إنهم بذلك يحاولون ضرب الشعر في مقتل، من خلال إساءاتهم المتعمَّدة التي لا تنتهي، والتي يمكِّنهم منها سكوت الأنظمة الحاكمة في الدول العربية، بل إن من تلك الأنظمة من يشجع هذه المهاترات؛ ربما لجهلِهم ببواطن الأمور وحقائقها، لكن النتيجة واحدة في النهاية.
إن الحفاظ على أصالة شعرنا العربي ومقوماته؛ هو حفاظٌ على لغتنا العربية العريقة، وتمسُّكٌ بهويَّتنا الثقافية الأصيلة، التي تحاول بعض المؤسسات الدخيلة تشويه صورتها، من خلال محاولاتها فَرْضَ "الصدارة الوهميَّة" لبعض أدعياء الأدب، الذين يأتون بخواطر نثرية تعجُّ بأخطاء اللغة ويسمُّونها شعرًا، أو تفيض أشعارهم بكسور العروض ثم يجدون "الإمارة المزيفة" في انتظارهم؛ وهم لا يعلمون أن "الإمارة الحقيقية" تسعى إلى أهلها الذين تعرفهم ويعرفونها.