دعونا نلتقط الانفاس
تمر جميع دول العالم قاطبة حالة من الترقب والخوف من القادم , وتقبع الشعوب في حالة من عدم الاطمئنان , ويغمس عالمنا الحديث بشيء من الصعوبة , فبعد أن جاءت التكنولوجيا وغيرت وجه العالم , وقلبت حياة الانسان وسعت عليه وضيقت عليه في آن , نعزي سبب ما يحدث في عولمنا الحديثة , والعالم العربي كجزء من العالم الى الغلاء العالمي الذي دب في حاجات الانسان الاساسية من غذاء وماء ونذكر منها ارتفاع اسعار القمح والاعلاف والسكر والارز واللحوم ومشتقاتها الصناعية والمنتوجات النباتية فشهد عالمنا هبوط المعروض وارتفاع الطلب ,مما ولد حالة من تموج الاسعار صعودا وهبوطا غير انه غلب عليها الصعود الحاد .
ايضا نشير الى تأثير البترول الغير عادي على اسعار الغذاء والحاجات الاساسية للانسان , فهو قيمة مضافة الى سعر السلعة الاساسي المستورد كأجور نقل وشحن ورفع وتنزيل ...الخ, وأيضا الضيق الذي حصل للانسان نتيجة ارتفاع رهيب لاجور الموصلات وسعر الواط الكهربائي المباع الى المستهلك الاخير , ولا نحتاج كثير للحديث عن أثر البترول في الاسعار فهو يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في 80 بالمائة من اساسيات الانسان على وجه الارض .
دعونا نحلل سبب ارتفاع اسعار البترول احد اسباب توليد الازمات باشكالها في العالم ,منها أزمة ارتفاع اسعار الغذاء وارتفاع مخرجات الصناعة والزراعة والاجور والنقل وغيرها الكثير ,تحليل الاسباب يندرج في امرين او شقين ,الشق الاول منطقي اما الشق الثاني فهو غير منطقي , الشق المنطقي من تحليلنا يعود الى ارتفاع كلف استخراج البترول وشح حقول البترول الرخيص الاستخراج ,وزيادة عدد السكان وزيادة الطلب العالمي والصناعات البتروكيمائية التي اكتسحت السوق .
الشق الثاني غير المنطقي هو تلاعب الراسماليين ودول عظمى فيه ربما بطريقة غير مباشرة فلا اعتقد ان دول كالولايات المتحدة لها مصلحة من ارتفاع البترول الجنوني , ولكن سياساتها الاقتصادية المدمرة حولت العالم الى مقامرين فشركات الطيران تشتري في العقود الآجلة والبورصات العالمية تضارب وتشتري , والتخزين الكبير للبترول ايضا يساهم , وسحب سيولة كافة اثرياء الارض ومقدرات الشعوب المكدسة في البنوك العالمية كقروض للمضاربة ايضا هو عامل , وشركات التأمين واعادة الشراء والوسطات والعمولات ,وتكرار القرض بين البنوك والشركات كلها ساهمت في شب النار في اسعار البترول , واحتلال العراق ومحاولة احتلال منابع النفط في العالم .
أخواني قارئي هذه المقدمة تقودنا الى وجود اسباب اساسية لارتفاع الاسعار العالمي للغذاء والدواء وقوت الانسان ومواصلاته وملابسه وكل ما يدخل في شؤون حياته , وبالتالي دولة كدولتنا العزيزة دعونا نسلط الضوء على أن ارتفاع الاسعار جزء كبير من اسبابه هو خارجي ولا علاقة لنا به , واريد ان ازيد على بيت الشعر بجملة أن المساعدات التي تصل الى بلدنا العزيز باتت شحيحة الى حد هذه اللحظة مع تفاؤلنا بوقوف الشقيقة العربية السعودية الى جانبنا في هذا الظرف القاسي .
دعوني يا اخواني نجعل الحكومة تلتقط انفاسها , ونكف عن مظاهرتنا لبعض الوقت ونرى جهد مبذولا من نوابنا لمكافحة الفساد ,فالفساد موجود في كل ارجاء الارض لان المحاسب الاول لبني البشر هو الضمير والذات فان غابت فمن غير السهل محاسبته , فمجلس النواب اخذ على عاتقه موضوع محاسبة الفاسدين وتوقيف المساس بمؤساستنا الاسترتيجية .
لا ننكر وجودة محتكرين في بلدنا ولكن اسمعوا مني فلن يستمروا انتهى عصر الاحتكار , وتجار حصر السوق , ولا ننكر وجود ترهل وارى ان التوجهات بكل المستويات تتجه الى ترشيق القطاع العام وتفعيل القطاع الخاص والاستفادة من دور قواتنا المسلحة في بناء مرافق والبنية التحتية لمؤسسات وافراد المجتمع المدني .
اذا فلندع بلدنا العزيز ينعم بامنه واسألكم أن تشغلوا ضمائركم في هذه الفتره العصيبة في العالم , وان تكتبوا بامانة وان لا تشيعوا الفتنه ,وتقلبوا النفوس على النفوس , فأن كانت الحكومة ضعيفة فمجلس النواب سيحجب عنها الثقة , واذا كان مدير الامن قد أخطا فسيعاقب على خطأه , وان غلب احد او عشيرة او طائفة مصلحة العشيرة او مصلحة اي فئة مما ذكرت فمصحلة الوطن اعلى واولى واسمى , فعطفا على المقولة الجميلة " الاردن اولا " اقول الاردن اولا وثانيا وثالثا ورابعا وخامسا وسادسا وسابعا وثامنا وتاسعا وعاشرا , فهو اولى من الولد واولى من العشيرة واولى من الزوجة واولى من انفسنا الغالية فلا كرامة بدون بلد حر ديمقراطي آمن وكل شيء سيسر بأذن كما يريد المثقفون وكما يريد الشارع والله تعالى الموفق .