اللاجئ – المشبوه الدائم
![اللاجئ – المشبوه الدائم اللاجئ – المشبوه الدائم](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/74354.jpg)
المدينة نيوز - خاص : يطلق تعبير اللاجئ بشكل عام على مجموعات متجانسة من الشعوب وجدت نفسها خارج وطنها ومناطق نشوئها بعدما استنفذت كل فرص البقاء بسبب اشتداد الصراع وتعاظم احتمالية التصفية الجسدية خلال الحروب والأزمات أو بسبب الإبعاد القصري المرتبط بضعف مقاومتها للتهجير ولاحتلال موطنها.
وبحسب تعريف الانوروا- اللاجئون هم المقيمون في فلسطين بين عامي 1946 و1948 ممن فقدوا بيوتهم وأصبحوا منفيين من الأراضي التي احتلتها (إسرائيل) في عام 1948 وأحكمت السيطرة عليها.
في الحالة الفلسطينية وبعد أكثر من ستة عقود على اللجوء الذي تخلله طرح أكثر من 14 مشروع عربي وعالمي لحل المشكلة ودون نتيجة، نجد أن مصطلح اللاجئ أصبح رداءا مميزا للإنسان الفلسطيني خارج الوطن وبغض النظر عن تطابقه مع تعريف الانوروا حيث شمل هذا التعريف نازحي حرب 1967.
ويتفق جميع اللاجئون على حق العودة وضرورة إدامة الصراع مع الكيان المحتل كمطلبا أساسيا ينتهي بالعودة بعد زوال الاحتلال.. وبالمقابل نجد أن التفاصيل اليومية في حياة اللاجئ أصبحت تفرض عليه نوعا من التناقضات التي تظهر إثناء ممارسة (اللجوء) بشقيه العملي والرسمي، فاللاجئ يشعر بواجب التخلص من حالة اللجوء باعتبارها حالة مؤقتة فرضت عليه لحين انتهاء أسباب اللجوء أو إنهاءه من خلال ممارسة العودة بجميع الوسائل المتاحة والمشروعة حكما طالما تم استحقاق لقب اللاجئ رسميا عن طريق الأمم المتحدة ليمثل ذلك إقرار العالم بأسره بحق العودة، وفي المقابل نجد أن العمل على إنهاء حالة اللجوء ذاتيا تصطدم مع السياسات الداخلية والعلاقات الخارجية للبلد المضيف قبل أن تصطدم بالعناد والإصرار (الإسرائيلي) على مسح حق العودة ومحاولة إنهاء منظومة اللجوء بطرق عدة.
كما أن استلام منظمة التحرير الفلسطينية لملف اللاجئين عبر اتفاقات أوسلو أعطت المبررات للدول المضيفة لتضييق الخناق عليهم باعتبارها أصبحت خالية الطرف من واجب إنهاء حالة اللجوء لهم بعد السماح لها بإسقاط دورها كطرفا رئيسيا في القضية الفلسطينية مما أدى إلى بروز أطرافا في هذه الدول ترى في وجودهم عبئا على التوازن الإقليمي السياسي أو الاقتصادي أو الطائفي مع اصطدام مصالحهم الشخصية أو الفئوية مع استمرار وتيرة التعايش التوازني مع منظومة اللاجئين كما هي مفترضة وفقا للتاريخ والديناميكية الناتجة عن شمولية المسئولية والهدف من الناحية العملية والأخلاقية.
بالتالي أصبح اللاجئ يشعر بأنه أصبح دخيلا على الحكومة المضيفة له بغض النظر عن الجنسية التي يحملها وتاريخه فيها، ومشبوها بغض النظر عن الانتماء الشمولي العروبي الذي يؤمن به ومدى تطابقه مع بالايدولوجية الخاصة بالدولة، وعبئا اقتصاديا بغض النظر عن المدخولات التي ينتجها والضرائب التي يدفعها في الدولة المضيفة أو التي يحولها من عمله في الخليج مثلا أو من استثماراته، وبنفس الوقت يرى مصيره مطاردا بقانون امن الدولة في الوقت الذي يفكر فيه باستلام ملف عودته بنفسه عبر النضال الذي يراه الحل الوحيد لإنهاء حالة اللجوء.
وبالرغم أن عروبة الشعب الفلسطيني وآماله بالوحدة العربية يجعل من انتماءه للدولة المضيفة انتماءا أصيلا لإقليم من الأقاليم العربية.. فـأن هذا الانتماء للإقليم العربي ولعبه دورا فيه لا يعني تخليا من الفلسطيني عن حقه في العودة.. بل كان اللاجئ الفلسطيني دوما يعمل على استثمار هذا الانتماء لتوسعته أفقيا ليجعل من حلم العودة حلما عربيا جماعيا، ولم يكن يعلم بأنه سينظر له كمنافس سياسي واقتصادي في بعض الدول المضيفة وكمشبوه امني في دول أخرى رغم إيمانه الكبير بأن الانتماء للوطن الأم لا يعني الغربة أولا الاغتراب المعنوي في الدولة المضيفة والعكس صحيح.