كيف نبدأ مسيرة الإصلاح السياسي في الأردن؟

تم نشره الثلاثاء 01st آذار / مارس 2011 03:22 صباحاً
كيف نبدأ مسيرة الإصلاح السياسي في الأردن؟
د. محمد تركي بني سلامه
جاءت الانتخابات النيابية الأخيرة وما ترتب عليها من منح الحكومة السابقة ثقة لم تحظ بها حكومة في تاريخ الأردن، وبعدها استقالة الحكومة بعد 40 يوماً على منحها الثقة، لتعكس واقع الأزمة التي يعيشها المجتمع والدولة على حد سواء، وذلك في ظل استمرار السلطة التنفيذية في اختراق كافة بنى المجتمع والسيطرة عليها، والتغول على كافة السلطات والتضييق على الحقوق والحريات ونبذ المعارضة والسعي والعمل على تغييبها بشتى السبل، وفي ذات الوقت يتم الاستخفاف بعقول الأردنيين بالحديث عن دولة القانون والمؤسسات وقيم العدالة والحرية والحوار والمساواة!
وفي الوقت ذاته كشفت التطورات اللاحقة من مسيرات واعتصامات ومبادرات وحراك سياسي واجتماعي مكثف عن حاجة الناس إلى التغيير والاستعداد التام للمشاركة فيه إذا أتيحت لهم الفرصة وفتحت أمامهم الأبواب دون تضييق أو تهديد مما يفرض الحاجة إلى إعادة التفكير والمراجعة لقضية الإصلاح السياسي والمؤسسي والدستوري تحت مظلة الديمقراطية وما يرتبط بها من العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية المتراكمة، فهذا الوطن للجميع والكل شريك في تحمل المسؤولية، وذلك لخدمة المصالح العامة والعليا للبلاد والعباد دون إضرار بمصالح وحقوق وحريات الجميع.
ففي ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وانتشار مشاعر الخوف والإحباط وقيم السلبية واللامبالاة والاغتراب، فإن المخلصون والحريصون على أمن واستقرار وتقدم وازدهار الوطن هم اللذين يجاهرون بالرأي ورفع الصوت عالياً من أجل التغيير نحو الأفضل، واستعادة ثقة المواطنين بالدولة ومؤساتها والحياة السياسية وضرورة المشاركة فيها.
في البدء كان الدستور
إن الإصلاح الدستوري هو المدخل الأساسي للإصلاح السياسي في الأردن، إذ لا يمكن إحداث إصلاح سياسي حقيقة بغير إصلاح دستوري، ولا فائدة ترجى من الإصلاح السياسي إذا لم يكن وليد إرادة سياسية جادة ورغبة حقيقية في إحداث تطور سياسي إيجابي في المجتمع.
إن الدستور الأردني الصادر عام 1952 والساري المفعول اليوم كان قبل التعديلات الدستورية التي طرأت عليه من أفضل الدساتير في المنطقة العربية ويشتمل على مبادئ ديمقراطية راقية ويقوم على مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات ويشتمل على نصوص دستورية غاية في الرقي والتقدم تمكن المواطن من ممارسة حقوقه وحرياته على أكمل وجه، ولكن التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور أفرغت الدستور من مضمونه وجعلت المبادئ الديمقراطية المنصوص عليها في الدستور مجرد نصوص نظرية لا قيمة لها على صعيد الممارسة العملية والتطبيق الفعلي على أرض الواقع.
أخطاء وعيوب دستور عام 1952
أن التعديلات التي طرأت على دستور عام 1952 لم تكن منسجمة مع روح ونصوص الدستور وبالتالي فإنها أفقدته روحه ومعناه، وقد جاءت جميعها بمبادرة من السلطة التنفيذية وتمت الموافقة عليها جميعاً إذ لم يسجل التاريخ الدستوري الأردني أن البرلمان الأردني باعتباره السلطة الأولى في رقابة دستورية القوانين قد رفض مشروع تعديل للدستور تقدمت به السلطة التنفيذية.
وإذا كان المجال لا يتسع في هذه العجالة للوقوف على أبرز التعديلات التي طرأت على الدستور وأثرها على المسيرة الديمقراطية فإن العودة إلى دستور عام 1952 قبيل هذه التعديلات تمثل الخطوة الأولى في مسيرة الإصلاح السياسي من أجل تحقيق الأهداف الوطنية في الحرية والعدالة والمساواة والتقدم وتعزيز المشاركة السياسية ووقف الاستبداد بالرأي أو القرار.
إن أي إصلاح سياسي يجب أن يكون من مخرجاته قوانين عصرية ناظمة للعمل السياسي في الأردن ولعل أبرزها:
1- قانون الانتخاب
2- قانون الأحزاب السياسية
3- قانون الاجتماعات العامة
4- قانون المطبوعات والنشر
على مدى العقد الماضي ارتبط الحديث عن الإصلاح السياسي بوجوب إقرار قوانين عصرية في مقدمتها القوانين السابقة بحيث تشكل الإطار العام للمرحلة الجديدة مرحلة الإصلاح والتحديث وتؤسس لقطيعة مع المرحلة السابقة التي كانت أبرز عناوينها تزوير الانتخابات، وقمع الحريات، وانتشار الفساد، وبيع مؤسسات الدولة وانتشار الفقر والبطالة وبالمحصلة إضعاف الدولة وعدم القدرة على مواجهة المشاكل والتحديات ولا سيما في ظل بيئة إقليمية غير مستقرة، وكذلك تراجع دور الأردن على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وختاماً فإن مستقبل الأردن يتوقف إلى حد كبير على معالجة هذه القضايا من أجل مستقبل واعد وحياة أفضل وأكثر يسراً وعدالة، نأمل ذلك


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات