السودان من جديد
التقى نائب رئيس المجلس العسكري الفريق حميدتي «محمد حمدان دلقو» قائد قوات التدخل السريع بعدد من زعماء القبائل اعضاء الهيئات المحلية التي ارجع اليها تفويض المجلس العسكري بتشكيل حكومة تكنوقراط.
مجالس الهيئات اشبه ما تكون بالواجهات المناطقية والقبلية التي استبدل فيها حميدتي ومن ورائه المجلس العسكري الهيئات المدنية كالبرلمان والاحزاب السياسية الكبرى وعلى رأسها الحزب الوطني الحاكم جاعلا منها مصدرا للشرعية تفوق الاحزاب التي اعتبرها حمديتي مقصرة وغائبة في حين اتهم قوى التغيير بأنها معطلة للمسار السياسي.
ما قام به حميدتي انه قدم بديلا للشرعية الثورية بشرعية جهوية قبلية معمماً تجربته الذاتية في دارفور لتتحول الى اساس للتعاطي مع كامل السودان؛ فمجالس الهيئات ستحل محل الاطر المدنية؛ ما قام به حميدتي تهديد وورقة تفاوض من الممكن ان تضغط على اعصاب الاحزاب وقوى التغيير، وتدفعها للتفاوض والى القبول بشروط المجلس العسكري الا انها من الممكن ان تؤسس لمزيد من الانقسام والتشرذم في السودان فإطلاق العنان للقوى الجهوية والقبلية سيفضي حتما الى تمزق السودان وتنازع قبائله ومناطقه الواسعة.
الرهان على المجالس الاهلية وادخالها في اللعبة السياسية عمل خطر لا يقل خطورة عن العناد الذي تمارسه في بعض الاحيان قوى التغيير في السودان.
ختاما.. فإن مقترح الفريق حميدتي يعتبر من اخطر المقترحات المقدمة الى الان في السودان؛ وهو مؤشر على امكانية مراكمة المزيد من الاخطاء المفضية الى تدهور الثقة والاستقرار في السودان كالتي تبعت محاولة فض اعتصام القيادة العامة يوم 3 حزيران يونيو الحالي؛ فهي خطوة اخرى نحو الفوضى والصراع الاهلي في السودان.
السبيل - الأربعاء 19/يونيو/2019