دور الترجمة في الثورة الصناعية
إن الثورة التكنولوجيا أدت إلى تطور العلم حيث أفرزت مصطحات جديدة يجب على الأمم التعرف عليها من أجل الرفاه والتطور، والثورة الصناعية عبارة عن ثورات في الأنظمة وتحدث تغييرات في التفاعل المعقد بين البشر والتكنولوجيا مع عدد من التحولات التي تؤدي إلى طرق جديدة للإدراك والتصرف والوجود.
إن مصطلح "الثورة الصناعية الرابعة" يُبرز أهمية التغييرات المستمرة والمحتملة في الأسواق وتدفقات المعلومات واتجاهات التوظيف والنتائج البيئية والتغيرات في ميزان القوى العالمية، حيث أن العلوم التي تموّلها الدولة ليست هي السائدة ، فقد حفزت الثورة الصناعية المشاريع لتحفيز مزيد من الاختراقات واكتساب رؤى جديدة في التخصصات الناشئة.
تمثل الثورة الصناعية في الأساس سلسلة من التحولات المهمة في الطريقة التي يتم بها إنشاء القيمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتبادلها وتوزيعها. ترتبط هذه التحولات في القيم ارتباطًا وثيقًا بظهور التكنولوجيا الجديدة التي تمتد عبر العوالم الرقمية والفيزيائية والبيولوجية.
إن فكرة الثورة الصناعية الرابعة مرادفًا لمصطلح ” الصناعة 4″ التي ظهرت في ألمانيا بين عامي 2011 و 2015 وتركز على تطبيق التقنيات الرقمية على التصنيع. وإن هذين المصطلحين لا يرتبطا مع بعضهما البعض لكنهما يصفان أشياء مختلفة. "الصناعة الرابعة" تتكون في إطار الثورة الصناعية الرابعة الأكبرمع تركيزها الأكثر ضيقا والحيوي على العلاقة بين الرقمية والتحول التنظيمي وتحسين الإنتاجية في أنظمة التصنيع والإنتاج.
انطلقت الثورة الرابعة من حيث توقفت الثورة الرقمية وهي مجموعة وسائل حديثة سهلت تضمين التقنيات الجديدة في المجتمعات البشرية، بل وزعها في الأجسام واتسمت هذه الثورة بظهور تقنيات مبتكرة كالروبتات والذكاء الاصطناعي وتقنية النانو والحوسبة المكية والتقنية الحيوية وانترنيت والأشياؤء والطباعة والمركبات الذاتية القيادة.
تشكل التقنيات الجديدة التي نراها تغير القيادة طبقة خصبة من الابتكار تعتمد على المؤسسات الرقمية. هذه التقنيات بما تشمل الروبوتات والمواد المتقدمة والتعديلات الوراثية وإنترنت والأشياء والطائرات بدون طيار والتقنيات العصبية والمركبات المستقلة والذكاء الاصطناعي ورؤية الماكينة أصبحت أكثر اندماجًا في الفضاءات المادية والاجتماعية والسياسية وتغيير السلوكيات والعلاقات ومعانيها.
ولم هناك شك أن في كل نهضة فكرية أو علمية لا بد أن تسبقها حركة ترجمة نشيطة وفعالة، وبذلك تكون الترجمة قناة العلوم عبر الحضارات والشعوب، وعمل أساسي من أعمال التنمية العلمية واغنائها لتتولد الأفكار ولتوسيع آفاق العلم والفكر.
إن للترجمة دورا كبيرا في تسيير التنمية البشرية كلتبادل التجاري وإشاعة المعرفة العلمية ونقل التكنولوجيا من العلميات الضرورية للإستفادة من علوم الآخر وتقنياته في تحقيق التنمية الهادفة إلى ترقية حياة الإنسان. تلعب الترجمة في نشر المعرفة من خلال تصميم مصطلحاتها في جميع اللغات كما يرجع الفضل للترجمة في إثراء اللغات ونموءها باحتضانها مصطللحات متخصصة وتعابير مستجدة.
وللترجمة في هذا السياق دور ثلاثي الأبعاد:
1. البعد اللغوي: لا ينحصر دور الترجمة اللغوي في إيجاد مقابلات عربية لمصطحات علمية جديدة، بل يتعداه إلى التأثير في تطوير اللغة دلاليا وتركيبا نظرا لأهمية البالغةفي عملية التطور اللغوي.
. البعد المعرفي. أما دور الترجمة المعرفي، فيتجلى في نقل المعارف، ونتاج الفكر العلمي والأدبي والثقافي عند اللغات والحضارات الآخرى، وهذا يقتضي للتعرف بالمفاهيم والرؤي الجديدة.
. البعد الفكري: ولا تستقي الترجمة أهميتها من كونها تأتي بمصطلحات جديدة، وفي إيجاد مقابلات عربية وتسيير تداولها يؤدي إلى الرفد الفكري بمفاهيم محدثة وممارسة جديدة ومن ثم خلق واقع فكري وسلوكي جديد ينهض بالحاضر ويؤسس للمستقبل.
واليوم تعيش الترجمة في ظل ثورتها الصناعية في إطار التعاون الدولي التي يتجاوز الحدود الوطنية واللغوية. ولقد أدت الترجمة إلى انفتاح الأمم فيما بينها، فجعلت العالم قرية صغيرة للتواصل الشعوب فيما بينهم على اختلاف ألسنتهم وثقافاتهم وأحوالهم وأوضاعهم، في تبادل المعلومات والمعارف في وقت قصير جدا. وهذا لا يكون إلا عن طريق الترجمة التي أصبحت من وسائل الضرورية في العالم.
الدكتور معراج أحمد معراج الندوي
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها
جامعة عالية ،كولكاتا - الهند