الدفاع المدني وطفاية حريق لكل مسؤول
المدينة نيوز - الزمان الواحدة والنصف من ظهر يوم الخميس الموافق 17/3..المكان مدينة العقبة الثغر الباسم بسكانه ورواده.. حين أقدم احد المواطنين على سكب كميات كبيرة من البنزين على رأسه مهددا بإحراق نفسه لكن لطف الله ثم الحضور(وقد كنت احدهم) حال دون هذه المأساة التي لو حصلت "لا سمح الله " لكان صداها في كل واد..وهذا ما أرغمني الكتابة في هذا الموضوع الذي أصبح على كل لسان ليس عن هذه القصة بعينها ولكن عن هذه الظاهرة التي أصبحت تتكرر بشكل يكاد يكون يومي..فإضرام النار في النفس أو الانتحار بطرقه المختلفة سواء أكان بإلقاء الشخص نفسه من على السطوح المرتفعة أو بشرب المواد السامة أو بأي طريقة أخرى هي جميعها تؤدي إلى نفس النتيجة ألا وهو الموت المحقق..وهل حقيقة أن يرغب إنسان بالخلاص من الحياة الدنيا ليذهب إلى ظلمات القبور وهو يعلم علم اليقين أن قاتل نفسه في النار وهو على يقين تام بان رحلته هذه هي تذكرة سفر مكتوب عليها لا عودة بعد اليوم وقد وضع عند اسمه في جميع سجلات الحدود البرية والجوية والبحرية إشارة حمراء مكتوب عليها يستحيل دخول الحدود الدنيوية تحت أي ظرف من الظروف..من يقدم على ذلك يكون في العادة بكامل قواه العقلية ولكنه وصل إلى قرار لا رجعة فيه وهو الهروب من واقعه الذي يعيش وقد يكون قد فرض عليه من حيث لا يعلم..نعم أحيانا تفرض علينا أمور كثيرة من أسمائنا وأسماء قرانا وبوادينا كالمناطق الأقل حظا والتي ألصقت بنا منذ عقود طويلة حتى أصبحت واقعا عنيدا لا يمكن تغييره بحال من الأحوال..إذا فأين بواطن الخلل ؟ وأين تكمن الأسباب ؟وهل عجزت الحلول واستحق الدعاء؟ وما هي الحلول الافتراضية السريعة؟!
مسيرات يومية وصلت إلى خمس وست مسيرات في نفس المدينة وقد تزيد ! واعتصامات يطول الحديث عنها وحالات انتحار كثرت في الآونة الأخيرة شجعتها حادثة أبو عزيزي التونسي والتي تسببت بهذه الثورات العربية التي أطاحت بأنظمة عتيدة وانتشرت هذه الثورات كالنار في الهشيم ! شعارات حفظناها لكثرة تكرارها فمقولة الشعب يريد إسقاط...ثم يعبئونها حسب ما يلائمهم في مدارسهم ومصانعهم ومؤسساتهم المختلفة وأصبحوا يتحدثون باسم الشعب ويصدرون قرارات ميدانية فورية التنفيذ وكأننا نعيش أحكاما عسكرية تفرض أثناء الحروب ومن المؤكد ا أنهم محقون بكل ذلك فهم يمارسون حقوقهم الدستورية..
كلنا يعلم قصة الحاجة عزيزة الأردنية والتي تحدث عنها موقع فرسان البرلمان(وهو ما يذكرني بأبو عزيزي التونسي) وسبحان الله بتشابه الأسماء والتي تدل على عزة الأمة وكرامتها والتي أقدمت في نهاية عام 2008 على سكب الكاز(وليس البنزين)على ملابسها مهددة بإحراق نفسها إذا لم تعد إليها ملايينها في البورصة الماتركس (وبشكل فوري) وكان هذا بعد قرار وقف البورصات وحجز أموال الشعب علما بان أموالها كانت قرابة الألف دينار ولكنها كل ما تملك ونصفها ديون ! وحال دون ذلك لطف الله ثم تدخل المواطنين المتجمهرين في ذاك المكان وقيامهم بجمع الأموال إليها رغم أنهم جاءوا ليطالبوا بأموالهم التي حجزت وهذه شيم الأردنيين وعفتهم المعهودة منذ التاريخ وفعلا شر البلية ما يضحك ؟!
الصمت كلمة كبيرة وعظيمة لا ينطقها إلا الصامتون وان تحدث بها الكثيرون فهذه المسيرات وهذه الاعتصامات وهذه الانتحارات رغم أنها تخيفنا إلا إن الخوف الأكبر يكمن خلف أولئك الأغلبية الصامتة والذين قد لا يشاركون في مسيرات ولا اعتصامات ولا يهددون باشعالات وإذا ما جالستهم لم تسمع منهم شيئا ولكن صمتهم يعبر عن مكنوناتهم ويتحدث باسم عقولهم وقلوبهم الباطنة وتظهر من خلال حركات عيونهم وما تظهره الحركات يخيف وما تخفيه يخيفنا أكثر..
كان الله في عون المواطن وفي عون المسئول على حد سواء فالظروف أصعب منا جميعا ولا بد من إصلاحات حقيقية جادة تؤخذ على محمل الجد وعلى دولة الرئيس أن يستغل الوقت فالدقائق التي تمر هي انجازات للوطن تفر..ولم يعد هناك مجالا لاستخدام المعهود ونحن كمواطنين نتوسم به خيرا ما دام نظيف اليد عازم النية على الإصلاح والتغيير ومحاربة الفاسدين أينما كانوا وحيثما وجدوا وعليه أن يبدأ بقضية البورصات فهي الهم الأكبر والخطوة الأهم والمواطنين فيها أبرياء مخدوعين فمنع الجريمة قبل وقوعها هو من أهم واجبات السلطة التنفيذية لا أن تنتظر سنوات طويلة على عمل هذه الشركات لتخرج علينا في النهاية لتقول أنها شركات نصب واحتيال ! ولا بد من إعادة الأموال التي صرفت للقائمين عليها وهي بمبالغ كبيرة وحبذا لو تم محاسبتهم على ذلك فالوطن أبقى منا جميعا ولنذهب نحن وليبقى الوطن.. وما تصريحاته هذا اليوم لهي مبعث أمل واستبشار..
العدل أساس الملك والعدالة ميزان الله في الأرض وقد جعل الله الإمام العادل قوام كل مائل وقصد كل جائر وصلاح كل فاسد وقوة كل ضعيف ونصفة كل مظلوم ومفزع كل ملهوف..وهو القائم بين الله وعباده يسمع كلام الله ويسمعهم وينظر إلى الله ويريهم وينقاد إلى الله ويقودهم ..وان لا يحكم بحكم الجاهلين ولا يسلك بهم سبيل الظالمين ولا يسلط المستكبرين على المستضعفين..فالظلم ظلمات يوم القيامة وكل ما نعانيه هو بسب الظلم الشامل المتراكم في التعيينات والترفيعات والحوافز والمكافآت والإحالات والدورات والبعثات والهبات وكل ما هو على وزن تفعيلات ؟!! بالإضافة إلى حالات التنفيع وورثنه المواقع العامة حتى أصبحت العائلة أب وأبناء وزوجة لا ينادون أنفسهم إلا بلقب المعالي ولم تقف عند ذلك بل تجاوزت الأحساب والأنساب !! وأبناء المناطق الأقل حظا عجزوا أن يحصلوا حتى على ألقاب العطوفة ويكفيهم نظافة اليد وعفة اللسان..وما الفساد إلا نتيجة هذه التفعيلات الظالمة والتي اتخذت من مسئولين متنفذين لم يبروا أقسامهم حين اقسموا بان يكونوا مخلصين للملك وان يحافظوا على الدستور وان يخدموا الأمة وان يقوموا بالواجبات الموكولة إليهم خير قيام !! فخانوا القسم وخانوا الأمانة ليخونوا أنفسهم ويصبحوا أعداء لدودين لقائدهم ووطنهم ولا بد من محاسبتهم وعقابهم ليعودوا إلى رشدهم..وكل ذلك بسبب أطماعهم فالحر عبد إذا طمع والعبد حر إذا قنع..
فيروس الفساد تجاوز عناد فيروسات أنفلونزا الطيور والخنازير وكأن هؤلاء الفاسدين أصبحوا منبوذين من البشر والطير والحيوان على حد سواء ولم تعد المضادات الحيوية والمسكنات تفيد في العلاج ! ولان الضحية هي الوطن لا المواطن فحسب ! فهذا يحتم على دولة الرئيس إجراء عملية انقاد سريعة باستخدام المضاد الحيوي الأكثر قوة وان كان الأكثر كلفة وهو سن تشريع "من أين لك هذا "؟! تتلوها عملية أو عمليات تجميل تشمل جميع مؤسسات الدولة لينهض الوطن والمواطن من جديد وتعود الحقوق إلى أصحابها ونكون جميعا متساوون في الحقوق والواجبات..
الإنسان أغلى ما نملك وهو ثروتنا الحقيقية هو نفطنا وهو ذهبنا وهو إراداتنا وهو مدخراتنا وعليه رهاننا يوم لا وجود للفاسدين ! ولا يهون علينا أبدا أن يقدم شخصا على قتل نفسه بأية طريقة كانت وعليه فعلى إخوتنا في الدفاع المدني أن يسارعوا إلى تسليم المسئولين طفايات الحريق المخصصة لإخماد الحرائق المشتعلة بواسطة النفط بكل أشكاله حتى يسارع هؤلاء المسئولين لإطفاء الحرائق حال حصولها !! حيث لا يمكن انتظار وصول الدفاع المدني لإنسان من لحم ودم يحترق فلا جدوى من ذلك آملين أن لا تزيد هذه الظواهر وان يستتب الأمن والأمان وحمى الله الأردن من كل فاسد.