شرارة الرواتب
من العار أن يتقاضى موظف حكومي عشرون ألف دينار شهريا و مخصصات آخر تعادل مجموع مخصصات كل موظفي الدائرة.
أدت مفاجأة كشف النقاب عن رواتب موظفين حكوميين ووصولها لمستويات جنونية إلى ردود فعل غاضبة يخشى مراقبون أن تكون إضافة جديدة لمجمل الأسباب المؤدية لحراك شعبي عارم سيضع الأمن الوطني في الدرك الأسفل من الفوضى والعنف ،بدأت باتخاذ مسارات عملية ،وباتت الأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات بعد تشكل ملامحها وظهور أولى مراحلها عبر وسائل الإعلام المختلفة ،وموج المواقع الالكترونية على وجه الخصوص التي حركت ركود المسألة ،معتبرة ما يجري وجه من أوجه الفساد المالي والإداري ،ونشرت تظلمات متواصلة لموظفين هوت بهم مستويات دخلهم إلي قيعان فقر مذل، سيشكل إذا استمر بذرة مسلسل متاعب طويل يقول المختصون انه يمكن تلاشيه وإزالة مسبباته إزالة سهلة دون مضاعفات ،وتوفر بدائل منطقية مقبولة تحقق الصالح العام في مقدمتها إصدار نظام يضع سقف للرواتب بحيث لا تزيد عما يتقاضاه الوزير البالغ ثلاثة آلاف دينار شهريا .
(أسهلها أولها ) ،وعلى الحكومة مغادرة مستنقع الرواتب مبكرا ،وان تبادر لحل المشكلة والاستماع لشرارة المناداة قبل أن تخرج المطالب عن حدود الصوت ،و تنتظم بقيادة ورأس ،وان تعيد النظر بواقع مخصصات مسئولي مؤسسات الكبرى مثل الضمان الاجتماعي وأمانة عمان،وعضويات مجالس الإدارة ،ومياومات سفر رؤساء مجالس الإدارة التي وصلت إلى ضعف مياومات الوزراء ،ناهيك عن مكافآت وحصص سنوية أخرى تساوي تلك الرواتب ،وهناك أمثلة على حصول بعضهم على مجموع نقدي يقترب من ربع مليون دينار سنويا ويعادل مقدار رواتب جميع موظفي المؤسسة التي يديرونها .ويجري الحديث عن عشرين ألف دينار شهريا يتقاضاها كل من أمين عام وزارة المالية والمدير التنفيذي لشركة تطوير المفرق .
اغلب المستفيدين فاقت رواتبهم رواتب وزراء الدول الكبرى والدول الغنية وكبار العاملين في الهيئات المالية العالمية ربما أضعافا مضاعفة ،والملفت أن مخصصاتهم لم تكن تزيد عن ألف أو إلفي دينار في أحسن الأحوال في المواقع التي كانوا يشغلونها قبل ترأسهم مؤسساتهم الحالية ،وأظنهم سيقبلون بها لو تعود الآن إلى تلك المستويات والاقتناع بما جمعوه أو التنحي عن وظائفهم فهم ليسوا ندرة على أي حال ،ويمكن لدوائرهم الاستمرار بدونهم ، وكانت قبلهم تعمل بكفاءة برواتب عادية عادلة، فالبدائل والخبرات الوطنية متوفرة وعلى درجة عالية من الكفاءة ومشهود لها بالتميز والنجاح .
قد لا يكون للظاهرة اثر كبير على الاقتصاد الوطني بشكل عام لكنها ترتبط مباشرة بمفاهيم الرضا العام عن الأداء الحكومي والمساواة والعدل والفساد والفقر ومعنويات الموظفين العاملين ومعدلات رواتبهم التي تدور في فلك الثلاثمائة دينار ولا تكاد تكفي لمنتصف الشهر
هذه فرصة للحكومة يجب استثمارها للقيام بمعالجة سهلة لأهم الاختلالات المعيشية وتحقيق مطلب شعبي عاجل وهام في الظروف غير المستقرة السائدة .