المشروع النووي الاسرائيلي
منْ منـا لا يعرف مردخـاي فعنونو؟ هذا الاسم الشهير في حلم الدولة الصهيونية الساعي لبناء قدراتها النوويـة والذي كان لـه الـدور الأبـرز بعد ذلك فـي فضح المشروع الشيطاني النووي الصهيوني، الأمر الذي كلفه ثمانية عشر عاما في السجن بعد عملية اختطاف تشهد على قدرة هذا الكيان على تنفيذ مخططاته على أي أرض وتحت أي سماء مدعوما بذلك من المنظومة العالمية التي تدير عجلتها الفلسفة الصهيونية.
وقد عمل خيرا هذا الرجل حين قام بتسريب ما في جعبته من صور وتقارير إلى صحيفة الصنداي تايمز اللندنية ، والتي كشفت ولأول مرة ما كانت تحرص (إسرائيل ) على أن تبقيه سرا غير قابل للإفشاء ، وبهذا التسريب بدأت مرحلة جديدة كلفت هذا الكيان جهدا مضافا لإنكار ما يتداول عن امتلاكه لمشروع نووي متقدم جدا مكّنه من الدخول إلى النادي النووي مبكرا ، وربما جعله ضمن المراتب الخمسة أو العشرة بامتلاك السلاح النووي قنابلا ورؤوسا تحملها الصواريخ المعدة لهذه الغاية.
وإضافة لما يشكله هذا المشروع من مخاطر عسكرية كارثية على المنطقة في حال نشوب نزاع مسلح مع هذا الكيان ، فإن مخاطر التلوث الإشعاعي من هذا المفاعل القديم تعتبر من أهم التحديات التي تواجه دول المنطقة وبالذات منها الأردن الذي يقع في دائرة الإشعاع الأخطر إذا ما أخذنا بعين الاعتبار اتجاه الريح والمسافة الجوية القريبة جدا .
ومما يأسف له أن نقف موقف المتفرج وكان الأمر لا يعنينا في حين تبادر جهات صهيونية للتحذير من خطورة الوضع في هذا المفاعل على الأردن والمنطقة عموما ، بدءا من التصريحات المتكررة لفعنونو وانتهاء بتحذير البروفسور عوزي إيفن المسؤول السابق في مركز البحث النووي في ديمونا والذي أشار فيه إلى أن التكنولوجيا المستخدمة في مفاعل ديمونا مشابهة إلى حدٍ كبير للمفاعلات اليابانية والتي بنيت قبل 40 إلى 50 عاما ، وعلى خلفية ما حصل في مفاعلات فوكوشيما حذر البروفسور عوزي من أن الأنظمة القديمة في ديمونا وغياب المراقبة الخارجية على العمليات في المفاعل تشكل خطراً حقيقياً وتنذر بإمكانية حصول انهيار خطير.
ولنا أن نتصور كم ستكلفنا دبلوماسيتنا الناعمة بأناقة تعبيراتها ونعومة تصريحاتها التي تتناول فيها على عجل وخجل هذا الخطر الذي دفع أهل الخبرة من أهله لوضعه تحت المجهر مستندين في ذلك لاستشراف علمي وواقعي للنتائج الكارثية التي ستدهم المنطقة إذا ما فُتحت أبواب الجحيم من ديمونا؟.
ويبقى السؤال دائماً: لما هذا الصمت الرسمي عن قضية يفترض أن يتم التعامل معها كقضية وطنية ذات طابع استراتيجي ؟ وهل من مبرر كذلك لغياب الصوت الشعبي الفاعل عن خطر بات يرسم نتائجه على الأرض الأردنية؟فالأعداد المتزايدة من المصابين بمرض السرطان في المناطق المجاورة للمفاعل مثل الأغوار الجنوبية والطفيلة والكرك والشوبك تدل على مدى فداحة الأمر وتشير إلى حجم الكارثة التي تنتظرنا.