الدول المدينة بحاجة إلى متنفس للنمو

تم نشره الأربعاء 18 كانون الأوّل / ديسمبر 2019 02:17 مساءً
الدول المدينة بحاجة إلى متنفس للنمو
تعبيرية

المدينة نيوز:أحد الدروس الاقتصادية الرئيسة في العقد الماضي هو أن التقشف ليس مفيدا. كما وجدت اليونان وعدد كبير من البلدان الأخرى، لا يمكنك أن توجد نموا عندما يخفض كل من القطاعين الخاص والعام الإنفاق. الرياضيات ببساطة غير فعالة.
لكن في الوقت الذي أصبح فيه السياسيون والعامة يستوعبون هذه الحكمة إلى حد كبير، صناع السياسة الاقتصادية والأسواق المالية لم يستوعبوها حتى الآن.
تعيين ناقد التقشف، مارتن جوزمان، الأسبوع الماضي وزيرا جديدا للاقتصاد في الأرجنتين، وما تلا ذلك من استقرار في أسعار السندات الأرجنتينية والبيزو، يمثل نقطة تحول مهمة في الحكمة التقليدية السائدة حول كيفية إصلاح الدول الضعيفة. كما أنه يمثل خطوة أخرى في التحول الاقتصادي الأكثر أهمية في عصرنا، الانتقال من عصر تراكم الثروة الذي بدأ في الثمانينيات إلى عصر توزيع الثروة.
للوهلة الأولى، قد يبدو أن تفاؤل السوق حول جوزمان لا معنى له. فهو، في النهاية، شخص دعا إلى قواعد من شأنها أن تجعل من الصعب الدفع لبعض الدائنين -على المدى القصير.
بصفته أستاذ اقتصاد في جامعة كولومبيا وتلميذا لحائز جائزة نوبل وناقد صندوق النقد الدولي، جوزيف ستجليتز، يدرك جوزمان أن الأمم المكافحة تحتاج إلى متنفس كاف للنمو. إذا كانت هذه الأمم حبيسة برامج سداد الديون غير الواقعية، فستكون أكثر عرضة للتخلف عن السداد مرة أخرى. شارك جوزمان في تحرير كتاب مع مرشده يجادل بأن إعادة هيكلة الديون السيادية غالبا ما تكون صغيرة جدا، ومتأخرة جدا، وهذا أحد الأسباب وراء أن أكثر من نصفها يتبعها إعادة هيكلة أخرى أو تخلف عن السداد في غضون ثلاثة إلى سبعة أعوام.
لو كان الأمر بيد جوزمان، فسيكون أكثر صعوبة على المستثمرين مثل باول سينجير الدخول في مسائل الديون وتحقيق عوائد بنسبة 1270 في المائة على ديون البلدان المنهكة. فعل ذلك في 2016 بعد معركة قانونية استمرت 14 عاما مع الأرجنتين التي انتصرت في مساومة مع حاملي 92 في المائة من سنداتها الذين استقروا على صفقة أقل ربحا.
جادل جوزمان من أجل محكمة دولية للإفلاس تجعل من المستحيل على "الدائنين المحتالين" استخدام المراجحة القانونية لتخطي طابور الائتمان والضغط على البلدان على حساب كل من الدائنين الآخرين والسكان المحليين المحاصرين.
هذا تحول مهم في التفكير. الطريقة التقليدية للتعامل مع الأزمات السيادية على مدار الـ40 عاما الماضية، كما مارسها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تتمثل في إعطاء الأولوية لمصالح الدائنين من القطاع الخاص على الجميع، بمن فيهم المواطنون على أرض الواقع. لكن هذه الاستراتيجية غالبا ما تؤدي إلى حالات مثل تلك التي شهدناها في اليونان، حيث أفضت الجهود المبذولة لجعل الديون "أكثر استدامة" إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة بلغت 25 في المائة. هذا لا يقلل من احتمال السداد فحسب، بل يخلق استقطابا سياسيا يباعد بين مصالح السياسيين والدائنين حتى أكثر من قبل.
حتى الآن هناك انقسام واسع بين أولئك الذين يؤمنون بـ"الانضباط المالي" والذين يؤمنون بأنواع السياسات الأكثر تقدمية ويريدون الاعتراف بالواقع المؤلم الذي يمكن أن يحدثه التقشف للمواطنين العاديين.
في الواقع، قد يكون جوزمان قادرا على سد هذه الفجوة. يقول البروفيسور ستجليتز: "الأمر الذي يميز مارتن هو أنه رائع في النماذج الرياضية والنظرية العالية (عن النوع الذي يحبه الاقتصاديون التقليديون والأسواق) لكنه مهتم أيضا بتغيير الأشياء في العالم الواقعي". على مدار الأعوام القليلة الماضية، قسم جوزمان وقته بين الحياة الأكاديمية في نيويورك، والحقيقية الأكثر فوضوية على أرض الواقع في الأرجنتين.
وهذا يمثل أيضا إعادة توازن مهمة. لفترة طويلة أكثر من اللازم كانت مهنة الاقتصاد مغبوطة من مهنة الفيزياء، بسبب مكافأة وترقية أشخاص هم أفضل في الرياضيات منهم في الأخلاق. لكن الفجوة بين البرج العاجي والعالم الحقيقي جعلت المهنة هائمة على غير هدى.
جانب كبير من الحكمة التقليدية لليبراليين الجدد في الـ40 عاما الماضية افترض نوعا من مثالية وكمال السوق لم يكونا موجودين أبدا. أزمات الديون تتسم بالفوضى، وافتراض حقيقة سردية واحدة حول أفضل طريقة للتعامل مع البلدان "المبذرة" وأزمات الائتمان هو اتخاذ قرارات سياسية تجعل الجميع، في النهاية، أكثر فقرا.
بفضل الاختراعات مثل مصادم الهدرون، أصبح بإمكان الفيزيائيين الآن رؤية كيف تتطور نظرياتهم في العالم الواقعي. ستتاح لمارتن جوزمان فرصة مماثلة، في الأرجنتين، ليظهر للعالم ما إذا كان نهج اقتصادي غير تقليدي أكثر سيكون مفيدا. وهو يتحرك مسبقا بسرعة لمحاولة إيجاد حل مفاوضات الديون حتى يتسنى للبلاد أن تنمو مرة أخرى، وهي النتيجة الوحيدة التي ستجعل السداد لدائنيها ممكنا.
طريق التقدم هذا لا يأخذ الاقتصاد في الاتجاه الصحيح فحسب، بل يأخذ أيضا تفكيرنا في الاقتصاد السياسي (وأؤكد على كلمة سياسي) في الاتجاه الصحيح أيضا. الأحداث الحقيقية لا تقع في صندوق أسود. في العالم الواقعي هناك تداعيات ونتائج حقيقية -اقتصادية وسياسية- عندما تدع الدائنين يتخطون المتقاعدين.
من الواضح أن البلدان المثقلة بالديون، مثل الأرجنتين، لا يمكنها الحصول على كل ما تريده. كذلك لا ينبغي للقطاع الخاص أن يحصل على كل ما يريد. لا بد من التأرجح في حركة البندول. هناك ديون في العالم اليوم أكثر مما كان قبل الأزمة المالية في 2008. الأمر فقط هو أن الحكومات اليوم مدينة بجزء كبير من هذه الديون. ومساعدتها في الإتيان بطرق أفضل للسداد سيكون في مصلحة الجميع.

الاقتصادية



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات