فيلم ”Island of Shadows“.. الفن والبحث عن جوهر الحقيقة
المدينة نيوز: يعرض المخرج الكندي ليو سكيرمان مسارات قائمة على الذكاء والتحليل من أجل الوصول إلى الحقيقة، في فيلمه ”Island of Shadow“ المطلق في فبراير 2020.
أحداث الفيلم الدرامي، تتناول قصة الفتاة ”كارلي“ التي كتبت العديد من المؤلفات حول جرائم حقيقية، لم تكتمل تفاصيلها من خلال التحقيق القضائي، وتم حفظ ملفاتها، في ثلاجات باردة.
وقد لاقت، من قبل، مؤلفات كارلي -وتقوم بدورها الشهيرة ”آنا هوبكنز“- رواجًا واسعًا، وأسهمت في إعادة اكتشاف حقائق مختلفة لقضايا سابقة.
وخلال رحلة بحثها الجديدة، تذهب إلى جزيرة كراوفورد المهجورة، مع زوجها كيفن، الذي يرغب في الذهاب بعيدًا لعيش وقت لطيف، لكن كارلي تستغل هذه الرحلة لكشف ملابسات مقتل ديانا، على يد زوجها ”جون هنري“.
خيوط
ومن خلال مخطوطات متروكة، ومقالات في المكتبة الوحيدة في الجزيرة، ورسائل قديمة، تتجمع خيوط الجريمة لديها. وتكون خطوات كارلي الجريئة سببًا في اكتشاف أن جدها هو الابن غير الشرعي للقتيلة ديانا.
إيقاع بطيء
يمضي الفيلم على إيقاع بطيء، كأنه أغنية ”سلو“. فالأحداث كلها تدور حول حياة وحركات الفنانة الكندية آنا هوبكنز. لكن هذا لم يمنع تفاصيل الفيلم من جعله مشوّقا.
وما بين تنقلات الكاميرات على وجه وتفاصيل هوبكنز، تظهر في الخلفية الإضاءات القديمة من المصابيح الكيروسينية، والكشافات المكتبية.
كما يكثر في الفيلم تناول مشاهد الطبيعة، كالغابات والبحر، بينما وسيلة المواصلات المتناولة طوال الفيلم كانت القارب بين المدينة وجزيرة ”كراوفورد“ مسرح الجريمة قديما.
أحجية
ويحمل مسار الأحداث طابع الأحجية المثارة للحل، وللاكتشاف، وهو ما يكسب بنائية الفيلم المزيد من الرهبة والتوتر. وتكون آلية تكشف المخفي، مبنية على جهد البحث مرات، وعلى الصدفة أيضا، وكان على كارلي أن تمتلك مهارة تحليل النواقص، حتى تصل إلى رؤية للحقيقة.
السباحة
ففي تلك الجزيرة الغامضة، كان على كارلي كسر حاجز الرهبة، والكد من أجل التقاط مفاتيح القصة، فكان الغموض حول اختفاء أثر هنري، وعدم تحرك القارب بين المدينة والجزيرة البعيدة ليلة القتل. لكن هذه العقدة تُحلّ أخيرا، بعدما تنجح ”آشلي“ إحدى ضحايا اكتشافات كارلي، التي فقدت أمها المسجونة، لقتلها الأب في ظروف غامضة. آشلي التي حاولت قتل كارلي، كانت سببا في إثارة غموض الأحداث، بظهورها المتكرر بفستان أبيض على طرف الغابة، وظهورها في رحلة كارلي، كشف غموض انتقال هنري للجزيرة، فقد فعلتها آشلي وتجسدها ”إليكس باكستون“، بالسباحة لهذه المسافة الطويلة، ووجدت من بعدها الباحثة كارلي أن هنري كان سباحا ماهرا.
الحقيقة داخل كذبة
سيناريو الفيلم المكتوب بقلم باتريك بويل، يؤسس لنظرية تتبع الخيط البالي، الموشك على الانقطاع، بهدف العبور إلى المكان الكاشف لكافة الجزيئات في المكان. هي نظرية كشف الحقيقة، بطريقة المراوغة، وعلى نمط ستيفن كينج:“ إن الخيال هو الحقيقة داخل كذبة“. فكان تأليف الكتب عن تلك القصص وسيلة كارلي في البحث عن جوهر الأحداث. وهو ما عاندها به زوجها كيفن، ويقوم بدوره كريستوفر جاكوت.
هي رحلة البحث والفن، لا تتوقف، ولا تتجسد كاملة، فدائما هنالك في الفن، ما يبعث على إعادة صياغة الواقع، بحس آخر، وهنا لا أهمية لصوت الزمن في الأمر، دائما الأحداث تخبئ تفاصيلها، كل ما على الباحث، نفض الغبار. فبينما يقول السيناريو:“ الحقيقة هي السلام الوحيد للقتلى الذين بقيت قضاياهم عالقة“، يؤكد بايرون أن الحقيقة دائما أغرب من الخيال.
اختراع الفن
وإن ما يحمله الإنسان من هم لكشف الجوهر في أي حدث، هو الطريق المفتوح إلى ما لا نهاية، وعليه أن يصنع الحواف من حوله، ويأتي دور الفن والتأليف هنا، كمصور محترف في جعل المشهد أكثر انسيابية للتأويل. يقول نيتشه:“ نحن من اخترعنا الفن، كي لا نموت من الحقيقة“.
تكوير الصوف
هوبكنز ساهمت بشكل مميز في جعل حركة الأحداث أكثر رشاقة، فهي تمتلك خبرة مهنتها، ما يمنحها القدرة على تكوير صوف القصة حول مركز وحيد، ألا وهو شخصية كارلي. فتنقلاتها الحسية بين الخوف، والجرأة، ومشاهد الأحلام التي غالبا ما كانت ملاحقة فيها، ومعرضة للقتل، من خلالها، وما بين رسمها ملامح الرهبة في الحركات الغريبة داخل المنزل الواسع، كل هذا قدمته هوبكنز، بتلقائية، ودون أي ابتذال.
إن الأفلام التي ترتكز على بطولة واضحة لشخصية ما، يجب أن يكون البطل فيها محملا بأدوات هي خارج سياق النص، وخارج قدرات المخرج، وهذا ما تحقق في هوبكنز، فبقيت محافظة على قوة الجذب المغناطيسية للشخصية إلى آخر لحظة.