الإلغاء يُهدّد مهرجان كان السينمائي وكُبرى الفعاليات الثقافية في فرنسا

المدينة نيوز: مع حظر السلطات الفرنسية جميع التجمعات في البلاد لأكثر من ألف شخص للحدّ من انتشار فيروس كورونا المُستجد، بعد أن كان قرار الحظر يشمل التجمعات التي تضم أكثر من خمسة آلاف شخص، باتت كُبرى الفعاليات الفنية والثقافية مُهدّدة بالإلغاء أو التأجيل في أفضل الحالات إذا ما سمحت إمكانات المُنظمين وظروف المُشاركين القادمين من كافة أنحاء العالم.

وفي أعقاب اجتماع طارئ عقده الرئيس إيمانويل ماكرون مساء الأحد مع مجلس الدفاع في قصر الإليزيه لبحث تطورات الوضع الصحي في الأراضي الفرنسية والإجراءات المُزمع اتخاذها، أعلن وزير الصحة اوليفييه فيران أنّه "على المستوى الوطني، سوف يتم حظر كل التجمعات التي تضم أكثر من ألف شخص.

وسيرفع المسؤولون المحليون والوزراء قائمة بالأحداث التي تُعتبر مُفيدة لحياة الأمة، ومن ضمنها التظاهرات والمسابقات واستخدام وسائل النقل العام".

وأوضح الوزير الفرنسي "لا نزال حتى اليوم في المرحلة الثانية، هذا يعني أنّ أولويتنا هي القيام بكل ما هو ممكن لإبطاء انتشار الفيروس على التراب الوطني"، وأكد أنّ "الوباء حتى الآن لم يطال البلاد برمتها، لكنه ينتشر في بعض المناطق". وكانت آخر حصيلة في فرنسا سجّلت إصابة 1126 شخصا ووفاة 19 منهم بفيروس كورونا.

وتبدو خارطة الفعاليات الفنية والثقافية في حالة كبيرة من الإرباك هذا العام في باريس وفرنسا عموماً، حيث تمّ إلغاء الدورة الـ 40 من معرض باريس للكتاب الذي كان من المُقرّر تنظيمه من 20 إلى 23 مارس (آذار) الجاري بمشاركة ما يزيد عن 3000 كاتب و1400 دار نشر فرنسية وعالمية، وذلك بعد قرارات الحكومة مطلع الشهر بحظر التجمعات التي تضم أكثر من 5000 شخص في الأماكن المغلقة، حيث يزور المعرض سنوياً خلال أيامه الأربعة ما يزيد عن 160 ألف شخص.

أما معرض الفنون الشهير آرت باريس الذي يُقام عادة في إبريل في القصر الكبير بجادة الشانزيليزيه بمشاركة مئات الفنانين من 30 بلداً، فقد تمّ تأجيل دورته الـ 22 مبدئياً للفترة ما بين 28 ولغاية 31 مايو (آيار) القادم، بانتظار أن تتضح الأمور بشكل أكبر وانعقاد الآمال بانحسار انتشار الفيروس ليس في فرنسا وحسب وإنما على مستوى العالم، حيث يُشكل آرت باريس تظاهرة فنية كبرى تُعتبر بمثابة رؤية ومُراجعة شاملة لمشهد الفنون البصرية في العالم.

ويبدو أنّ الدورة الـ 73 من مهرجان كان السينمائي الدولي المُقرّر إقامتها من 12 ولغاية 23 مايو 2020، ستتعرّض للإلغاء هذا العام في أعقاب قرار تخفيض حدود حظر التجمعات من 5000 إلى 1000 شخص، لذا يبدو أنّ عُشّاق الفن السابع لن يكونوا على موعدٍ جديد مع جائزة السعفة الذهبية والجائزة الكبرى (ثانية أهم الجوائز السينمائية العالمية)، حيث يمتلئ قصر المهرجانات في قاعته الرئيسة المُخصّصة لحفلي الافتتاح والختام عادةً بحوالي 2300 شخص، أما مسارح المدينة وصالاتها السينمائية المُغلقة المُخصّصة لعروض الأفلام المُشاركة فتستوعب في غالبها ما يزيد عن 1000 مقعد، وهو ما يُخالف قرار الحظر الحكومي.

وهذا ما ينطبق أيضاً على الحفلات الكبرى التي تُنظمها فيلهارموني باريس إحدى أنشط المؤسسات الثقافية الفرنسية والأوروبية التي تمّ تكريسها للاحتفاء بالموسيقا والموسيقيين من مختلف الثقافات والشعوب، خاصة وأنّ قاعة الحفلات الموسيقية تستوعب أكثر من 2400 شخص، وهو ما يتجاوز قرار الحظر المُحدّد بـِ 1000 شخص كحدّ أقصى.

وعلى صعيد الأنشطة التي تهم بشكل أكبر الجاليات العربية والمُسلمة في فرنسا، لا يبدو أنّ فعاليات معهد العالم العربي في باريس في مأمن من أن يطال الإلغاء بعضاً منها هذا العام، خاصة أنّ المعهد يزوره سنوياً ما يزيد عن 2 مليون مُهتم بأنشطته الفنية والثقافية المُهمّة، وهو ما ينطبق أيضاً على معهد ثقافات الإسلام في باريس بدرجة أقل.

وتُعتبر فرنسا البلد الأوروبي الأبرز الذي منح العالم منذ زمن طويل شغفاً واسعاً بالثقافة على اختلاف أبعادها ومفهومها الواسع، من الأدب والكِتاب والفن والتراث، إلى الموسيقى والمسرح والأزياء والسينما وغيرها، لكن يبدو أنّ تأثير فيروس كورونا أشدّ تأثيراً مما كان مُتوقعاً.