”Sorry we missed you“.. فيلم بريطاني حول حقوق العمال المسلوبة
المدينة نيوز: يسلط المخرج البريطاني كين لوتس، الضوء على أزمة حقوق العمال المسلوبة في إنجلترا والعالم، بذكر قصة عامل إنجليزي وعائلته، متناولا العديد من الأبعاد الاجتماعية المحيطة بذلك، في فيلمه ”Sorry we missed you “ المنتج آخر2019.
وتدور دراما الفيلم حول قصة ”ريكي“ عامل البناء الكادح، الذي يفقد عمله، ويضطر للبحث عن أي عمل، لسداد إيجار منزل عائلته ومستلزمات الحياة الصعبة، حيث زوجته ”آبي“ والابن ”سيب“ والابنة ”لايزا“.
ويكون عمل“ريكي“ الجديد سائقا على شاحنة، يقوم بتوصيل الطرود لزبائن شركة ”pdf“ لشحن الطلبات عن بعد للعملاء، وتستمر مدة العمل اليومي لمدة 14 ساعة دون توقف، لدرجة أنه يحمل قنينة زجاجية في سيارته، لقضاء حاجته فيها، وضمن بنود الاتفاق المجحفة أن ”ريكي“ الذي مثل دوره كريس هنشن، مع الشركة باليومية، على أن يكون يمتلك شاحنة نقل، هو من يدفع أقساطها التي تستنزف ثلثي دخله اليومي، مقابل عمله.
ولم تكن صيغة التأمين على العقد واضحة، لقد أخفاها ”مالوني“ صاحب العمل، وفي حال تعرض العامل لأي حادث، فإنها لا تحمي الحد الأدنى من حقوق العامل، ولا توفر له حاضنة لتخطي أي طارئ في حياته الشخصية ليرسب وزنا ثقيلا في حياة العامل، يحمله دون تقدير مقابل، يجعل ميزان حياته مختلا.
وتبدو الزوجة الممرضة ”آبي“ التي تقدم دورها ”ديبي هونيود“، أنها قادمة من سينما الأبيض والأسود، ببرود انفعالاتها حتى في وقت الأزمات، وتفاصيل شخصيتها التي تلزمها على تحمل العمل مع المسنين، فتذهب كراعية لهم إلى بيوتهم، وتساندهم في قضاء حاجاتهم وتنظيف أجسادهم وملابسهم، التي غالبا ما تكون ملطخة بالأوساخ نتيجة للإهمال من الأبناء، كما وتحتمل نوبات الصرع التي تتملكهم أحيانا أثناء العمل معهم، ما سبب لها الكثير من الخدوش والأورام في جسدها. وتحولت بعد فترة إلى امرأة منهكة، غير مستعدة لأي لحظة حميمية مع زوجها.
زلزال
وقدّم ”لوتس“ من خلال فيلمه صرخات مسكوت عنها، لدى الملايين من العمال في إنجلترا والعالم كذلك، هذا الصوت يمكن سماعه، خطوات زلزال قادم، نظرا للطبقية التي تسمم أجواء المجتمعات في أغلب العالم.
وأدار ”لوتس“ المشاهد بشكل فني مشوق، وعرض العديد من اللقطات المؤثرة عن يوميات العائلة وهامش آخر ألا وهو المسنين، الذين يتعرضون للنسيان من الأبناء. ولم يكن بودلا فرتي سيناريست الفيلم مهتما كما يبدو، بالجملة العميقة المؤثرة، التي كانت تحتاجها الأحداث في لحظات فارقة.
ويعود متن الفيلم إلى مرحلة الأزمة الاقتصادية التي حلت ببريطانيا في العام 2008. وكيف أصبح آلاف العمال في لحظة واحدة دون عمل، ولا يستطيعون تدوير عجلة حياتهم، دون القبول بحلول مذلة من أجل الخروج من قعر البئر.
هذا النمط من الحياة الذي تستخدمه الرأسمالية، لتجعل العامل في طاحونتها، مجرد حبات قمح، لا يُنظر إلى الجانب الإنساني من حياته، بل إلى المال الذي سيكون قد حققه مقابل استهلاك كافة حياته، لتحصيل قوت يومه.
فلا تكون النتائج على الصعيد الشخصي إلا انعكاسا للمرآة المهشمة التي يطل منها العامل الكادح، حيث ينتهي الهدوء الرهيب الذي بدأت به مسيرة الفيلم بشكل تدريجي، ويصعد ”سيب“ الابن المراهق، ويمثل دوره ريسن ستون إلى عتبة المسرح، ليروي قصته كنموذج خسارة للعائلة، ليس هو سبب كل ما يحدث، إنه ضحية لنظام اجتماعي يهرس الأشخاص الذين في أسفل الهرم الاجتماعي، حتى يجعلهم كأنه غير مرئيين.
”سيب“ المراهق، الذي يمتلك موهبة الرسم، وجد مساحة الفراغ، وعدم التفات الأبوين لدراسته، مجبريْن، فتكرر غيابه عن مدرسته، واتجه لتلبية رغبات موهبته، وانغمس في إحباطه، حينما فقد المراهقة التي أحبها، لانتقالها إلى بلدة أخرى.
طلاء
ووراء شغف إظهار الموهبة، يبيع“سيب“ معطفه الوحيد الذي لن تستطيع عائلته توفير بديل له؛ لشراء قارورات دهان، لرسم الجداريات في الأماكن العامة.
الخطوة التالية للحصول على المال عند ”سيب“ تكون سرقة الطلاء من محل تجاري، ما يضع الأب تحت طائلة المسؤولية، وبتسبب له في عدم إيفاء التزامه في عمله الشاق، وهو ما يدخل الأب والابن في صراع تربوي، بعد فصل الابن لمدة أسبوعين من المدرسة لتكرر غيابه، وينتهى الحال بعد تأزم العلاقة باعتداء الأب على ابنه لفظيا، وطرده من المنزل.
وفي نفس الليلة، التي يعود الابن المراهق للانتقام لنفسه، بأن يقوم بالرسم على كافة اللوحات المعلقة في المنزل، بنية تشويهها ربما، أو إثبات موهبته بطريقة ما. لكن اللغز الذي هز المنزل، هو اختفاء مفتاح شاحنة الأب، واتهامه للمراهق“سيب“ بذلك، ما أوصل الأمر إلى الاعتداء عليه مرة أخرى بضربه.
الطفلة الذكية ”لايزا“ وقامت بدورها كاتي برتوكتور شاركت أبيها في العمل ليوم كامل، وحصلت على إكراميات مالية، كانت سببا في قضاء العائلة لحظات ممتعة على العشاء، هي النقطة الوحيدة المضيئة في الأحداث. لكنها لم تكتمل، لأن الأم كان يجب عليها المغادرة لعمل طارئ، رغم أنه يوم عطلتها.
استخدمت ”لايزا عقلها الصغير، لحل الأزمة بين الأب والأخ، فهي كانت من خبأت المفتاح بهدف أبيض الرؤية، لكنه زاد الأمر تعقيدا، ليتغيب الأب عن العمل يوما آخر.
وتزداد وتيرة الأحداث سوءا، بتعرض ”ريكي“ لحادثة سطو من مجموعة منفلتين، تتسبب في جروح في وجهه، وانتفاخ في عينه، ليكون على ”ريكي“ أن يدفع لرب عمله، غرامات مرتفعة، لأنه لم يكن له تأمينا يحميه وعائلته في مثل هذه الظروف.
كانت نهاية الفيلم مفتوحة على واقع أكثر حلكة، لظروف ستعترض طريق العامل، طالما أنه لم يحصل على حقوقه، ويتم استلاب حياته، عنوة، لأنه في أمس الحاجة لدخله المتدني، للاستمرار في الحياة.