أحمد عبد الجواد يكتب: ثلاث حكايات من التراث
المدينة نيوز: التراث العربي مليء بالحكايات، منها ما فيه العبرة ومنها ما يدعو إلى الضحك والسمر، ومنها ما يجعلك تقف أمامها متأملًا، واليوم نحن على موعد مع ثلاثة حكايات لها العجب. فخذ العبرة من أي منها!
الحكاية الأولى .. حكاية رجل يقسم الجنة. فقد مرت امرأة من جانب رجل مجنون، وبيده عود يرسم به على الأرض، فشفق قلبها عليه وسألته :ماذا تفعل هنا؟ قال: أرسم الجنة، وأقسمها إلى أجزاء فابتسمت، وقالت له: هل يمكن أن آخذ قطعة منها، فقال بثمنها، ردت المرأة وكم ثمنها؟
نظر إليها وقال: أحتاج فقط عشرين ريالًا، أعطت المرأة الرجل 20 ريالًا، وبعض الأكل وذهبت، وفي ليلتها رأت في المنام أنها في الجنة، وفي الصباح قصت الرؤيا على زوجها، وما جرى معها والرجل، فقام الزوج وذهب إليه ليشتري قطعة منه.
وقال له: أريد أن أشتري قطعة من الجنة كم ثمنها، رد الرجل: لا أبيع، فتعجب زوج المرأة وقال : بالأمس بعت قطعة لزوجتي بعشرين ريالًا، فقال الرجل: إن زوجتك لم تكن تطلب الجنة، بل كانت تجبر بخاطري والجنة بجبر الخواطر.
الحكاية الثانية .. قصة حبيب والحسن البصري. فقد كان حبيب العجمي يخدم الحسن البصري فصنع حبيب طعامًا لإفطارهما وإذا بسائل فأعطاه كل ما عندهم من طعام، فقال الحسن: يا حبيب إنك كثير اليقين قليل العلم فهلا أعطيته النصف وأكلنا النصف. فقال حبيب: يا سيدي ثوابه لك وأنا أستغفر الله.
فلما جن الليل وإذا بقارع على الباب فخرج حبيب فوجد عبدًا معه طعام كثير والشتاء ينزل، والغلام يبكي، فقال له حبيب: ما هذا، قال الغلام: طعام قال لي سيدي إن قبله منك الحسن البصري فأنت حر لوجه الله وقد طال علي الرق. فقال حبيب: لا إله إلا الله عتق رقبة وإطعام جائع ثم دخل به على الحسن، وقال: يا سيدي إنك كثير العلم قليل اليقين، فقال الحسن: يا حبيب تقدمناك، لكنك سبقتنا.
اليقين هو أصل كل علاقتنا مع الله عز وجل، وهم الرزق هو أقل الهموم، قال تعالى: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها"، الله عز وجل يرزق جميع الخلق من البعوضة إلى الفيل، فعليك أن تفوض أمرك إليه سبحانه، يقول عيسى عليه السلام: "عجبت لمن يعمل للدنيا وهو يرزق فيها بلا عمل ولا يعمل للآخرة وهو لا يرزق فيها إلا بالعمل". وقال صلى الله عليه وسلم: "من كان همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كان همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له وأن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه العبد.
الحكاية الثالثة .. حكاية الأم وابنها. فيحكي أحد السلف أنه كان يسير في مرة في المدينة، فوجد امرأة تدفع ابنها خارج المنزل وتنهره، حتى طردته خارج البيت، فوقف يتأمل ماذا سيحدث، فلما طرد الفتى أخذ يلف حول البيت ولم يجد له ملجأً فعاد إلى باب البيت وجلس أمامه يبكي حتى غلبه النعاس، ففتحت الأم فوجدت ابنها أمام البيت. فألقت بنفسها عليه تبكي وتحتضنه وتقول له: ألم أقل لك ألا تخالف أمري، وأخذته إلى داخل البيت مرة أخرى.
أحيانًا نحتاج إلى أن نقف أمام باب الله عز وجل مثل هذا الفتى، نحتاج إلى أن نبكي ونطيل الوقوف والبكاء حتى يتقبلنا الله عز وجل، الذي هو أحن علينا سبحانه وتعالى من الأم بولدها.