انهيار أسعار النفط يدفع أسهم ناقلاته للتحليق عالياً
المدينة نيوز: في الوقت الذي كان فيه النفط الأميركي ينهار إلى الحد الذي لم تجد له أسعاره قاعاً عند الصفر لتتداول عقود مايو بالنطاق السالب، كانت أسعار أسهم ناقلات النفط العالمية تحلق عالياً مع ارتفاع غير مسبوق في الإقبال عليها في وقت ترزح به أسواق النفط العالمية تحت طائلة أسوأ أزمة لا تتعلق فقط بالعرض والطلب ولكن أيضا بتخزين الخام.
ولم تتوقف وتيرة هبوط أسعار الخام الأميركي على العقود الخاصة بشهر مايو فقط والتي حل موعد تسويتها أمس ولكن استمرت وتيرة الهبوط مع تكبد العقود الآجلة للخام الأميركي بدءا من تسليم يونيو المقبل وحتى مارس 2021 ما بين 15% إلى 45% بحسب بيانات Investing التي اطلعت عليها "العربية.نت" فيما بدا أنها أسوأ أزمة على الإطلاق تعرفها أسواق النفط تتعلق بإيجاد المساحات الكافية لتخزين الخام.
وفي الوقت الذي امتلأت به السعات البرية التخزينية للنفط بالولايات المتحدة مع تراجع حاد في أنشطة المصافي ومعامل التكرير وسط تراجع حاد على منتجات النفط المكررة، كان الجميع يبحث عن سمة وسيلة لتخزين النفط ليس فقط بالولايات المتحدة فكانت شركات ناقلات النفط هي الجواد الرابح في السباق.
عن كثب... تعويم النفط
وحينما كانت أسعار النفط تهوى بشدة في الفترة ما بين 2014-2016 مع زيادة في المعروض وتراجع بالطلب كانت هناك مخزونات نفطية تقدر بنحو 1.1مليار برميل من بينها نحو 120 مليون برميل كانت مخزنة على متن الناقلات النفطية العملاقة فيما يعرف ظاهريا باسم "تعويم النفط".
وتعويم النفط يعرف على كونه تأجير ناقلات النفط العملاقة وتخزين الخام عليها دون الارتباط بعقود لتسليم الخام وهي ظاهرة تحدث حينما ترتفع الأسعار في العقود المستقبلية عن الأسعار الفورية فيما يعرف باسم "الكونتانغو".
وبحسب بيانات IHS Markit فإن سعة ناقلات النفط حول العالم تبلغ نحو 2.4 مليار برميل متاح منها سعة تبلغ نحو 200 مليون برميل لتخزين النفط.
ولكن الشركة البحثية تشير إلى أن كل انخفاض في حجم تجارة النفط بنحو 5% من شأنه أن يرفع سعات تخزين النفط العائم بنحو 100 مليون برميل.
وتقول في دراسة بحثية اطلعت العربية.نت على نسخة منها،" مع توافر المزيد من الناقلات وتراجع حركة الشحن البحري فإن تخزين النفط سيصبح أكثر جاذبية للشركات العاملة في حقل النقل البحري".
قفزة في الأسعار
وبالنسبة إلى الشركات التي تمتلك حاويات نقل النفط العملاقة فإن انهيار أسعار الخام واللجوء إلى تخزينه كان يعني ارتفاع جنوني في أسعار تأجير ناقلاتهم.
وفي أسواق ناقلات النفط العملاقة التي تعرف اختصارا بـ"VLCC" فإن السعر اليومي لإيجار الناقلة كان يبلغ نحو 180 ألف دولار يوميا في وقت وصل به السعر بالوقت الحالي إلى نحو 400 ألف دولار يوميا بحسب ما ذكرته وكالة بلومبرغ.
ونقلت الوكالة عن إحدى سماسرة إيجار الناقلات لدى Fearnley’s A/S، وهي شركة أميركية متخصصة في إيجار ناقلات النفط، قوله، "هناك طلب غير عادي على خدمات إيجار الناقلات لتخزين النفط... الكل يعرف في سوق الشحن أن الأمر يتعلق بالكونتانغو والمكاسب التي سيجنيها التجار من بيع النفط مستقبلا... من الطبيعي أن تربح الشركات المالكة للناقلات هي الأخرى... تلك هي المعادلة الكل يربح".
ويقدر الشريك المؤسس لدي Mercuria Energy، وهي شركة مختصة في تجارة النفط، بأن هناك نحو 250 مليون برميل من النفط تطفو على سطح الماء بالوقت الحالي.
وقال للوكالة، "الفائض يذهب الوقت الحالي إلى ناقلات النفط العملاقة.. من الطبيعي أن ترتفع أسعار إيجاراتها فهناك طلب مرد على خدماتها".
أسواق الأسهم
وفي أسواق الأسهم قصة تروى للشركات التي تدير الناقلات النفطية العملاقة، إذ تخالف أسهم تلك الشركات المسار الهبوطي التي تتخذه الأسهم وسط موجة بيع عنيفة في خضم الازمة الاقتصادية الطاحنة التي تضرب العالم على وقع جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19".
وفي اليوم الذي كانت عقود الخام الأميركي تسليم مايو يجري تداولها بأسعار سالبة، كانت أسهم تلك الشركات تحلق في عنان السماء.
وارتفعت أسهم شركة Teekay Tankers وNordic American بنسب تراوحت ما بين 18-20%.
ومنذ بدء الأزمة تتخذ أسهم تلك الشركات مسارا صعوديا مع ارتفاع أسهم بعض الشركات على غرار Nordic American بنسبة بلغت نحو 55% بحسب بيانات Investing.
ولم يقتصر الأمر فقط على الشركات المشغلة للناقلات، بل شمل أيضا الشركات المصنعة مع توقعات بارتفاع الطلب على منتجاتها خلال الفترة المقبلة.
وارتفعت أسهم Top Ships، وهي شركة متخصصة في بناء الناقلات العملاقة ومدرجة في بورصة نيويورك بنحو 21% في يوم الواحد فيما بلغت مكاسبها منذ منتصف مارس الماضي نحو 55%.
الرهان الرابح
وفي تلك الأثناء، كان هناك أحد صناديق التحوط الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له يراقب الأوضاع عن كثب واتخذ قرارا بالتحوط في أسهم شركات الناقلات.
ويبدو أن القرار قد أتى أكله في وقت لاحق، إذ أعلن صندوق Svelland Capital عن تحقيقه لواحد من أفضل العوائد في تاريخ الصندوق خلال مارس الماضي بفعل التحوط في تلك الأسهم بحسب ما ذكرته صحيفة "فايننشال تايمز".
وحقق الصندوق الذي تم تأسيسيه بالعام 2016 عوائد لمستثمريه بلغت 24.86% خلال الشهر الماضي مقابل عوائد بلغت نحو 3% فقط في فبراير بفضل بناء مراكز طويلة في أسهم شركات الناقلات وعقود المشتقات التابعة لتلك الشركات.
وقال تور سيفيلند، كبير موظفي الاستثمار لدى الصندوق، للصحيفة، "المكاسب التي حققتها الشهر الماضي جاءت بفضل توقعاتنا بأداء جيد للأدوات الاستثمارية التابعة لشركات الناقلات.. لقد كان رهانا جيدا حققنا من خلاله الربح للمستثمرين". العربية.نت