رواية "على قرن الكَرْكَدَنّ" للإيطالية فرانشيسكا بيلّينو
المدينة نيوز :- يَصدرُ عن "منشورات المتوسط" وموقع "ألترا صوت"، وبالتعاون مع منصة الكتب العربية الإلكترونية "أبجد"؛ كتابٌ إلكترونيّ جديد، قبل صدوره ورقيًّا. في مبادرة قد تكون الأولى من نوعها في عالم النشر، حيثُ سيُتاحُ الكتابُ للقرّاء على الموقع واسع الانتشار "ألترا صوت"، وبشكلٍ مجّاني بالكامل، لمدَّة شهرٍ اعتبارًا من يوم الجمعة 1 مايو/أيار 2020 عيد العمّال العالمي.
هذه المبادرة، وكما يُصرِّح مدير النشر في منشورات المتوسّط الشاعر الجزائري خالد بن صالح: "تأتي كنوعٍ من كسرِ الحصار المفروض علينا، لنقول أنّ لا شيء يوقفنا، وسنجد دائمًا سُبلنا للاستمرار فيما نحبّ عمله، وهذا المشروع هو دليلٌ أنَّ تعاونًا بسيطًا ومدروسًا بين مجموعة من المؤسسات الخاصّة التي تتقاطع في هدفِها الثقافي، يُنتج عملًا خلَّاقًا في إطار مهمتنا التي اتخذناها على عاتقنا في انتاج المعرفة".
فيما ذهب محرِّر القسم الثقافي لموقع ألترا صوت الشاعر والروائي الفلسطيني رائد وحش إلى القول أنَّه "لطالما تعاونت الصحف ودور النشر لأجل نشر الكتب بشكلٍ شعبيّ، ولطالما كانت هذه المبادرات ذات تأثيرٍ مهمٍّ في وقتها. الآن، في زمن الصحافة الإلكترونية، لا تزال حاجتنا إلى الكتب والقراءة هي نفسها، إلَّا أن بين أيدينا وسائل تكنولوجية تُسهِّل المسألة لا بد من استغلالها، وفي الوقت ذاته هي دعوة من ألترا صوت لربط الصحافة اليومية بعملية الإنتاج الثقافي والمشاركة الحيوية فيه".
أمّا المديرة التنفيذية لمنصة أبجد إيمان حيلوز، فقالت: "أن هذا المشروع المشترك في ظلِّ الحجر المنزلي، سيمنح الفرصة للقرّاء لكي يكتشفوا كتابًا جديدًا، عميقَ المحتوى، يمنحهم مساحة للتفكير وتجديدِ علاقتهم بالعالم، خصوصًا وأنَّ الكتاب سيكون في متناول الجميع، لتصفّحِه بطريقة سهلة ومريحة لمدَّة شهرٍ كامل، وفق خصائص الكتاب الإلكتروني العالمية، من البحث بين السطور، إلى تقليب الصفحات وغيرها من التقنيات المريحة للقراءة".
تبدأ هذه المبادرة برواية "على قرن الَكركَدَنّ"، للكاتبة الإيطالية فرانشيسكا بيلّينو المعروفة باهتمامها بقضايا العالم العربي وثقافات بلدان البحر الأبيض المتوسط. ترجمت الرواية عن الإيطالية المترجمة سوسن بوعائشة، وراجع الترجمة ودققها المترجم التونسي الكبير أحمد الصمعي.
تعيدُنا رواية "على قرن الكَرْكَدَنّ" للكاتبة الإيطالية فرانشيسكا بيلّينو إلى تونس؛ أيام الثورة، ساعاتٍ قليلة بعدَ طرد بن علي، وموت مريم. وفي هذهِ الأجواء المشحونَةٍ والمُضطربَة، تصلُ ماري من إيطاليا، هي الآن خارجةٌ من المطار، مصدومَةٌ ومشوَّشَة، ولا شيءَ يشغلها إلَّا الوصول إلى مدينةِ القيروان، لحضور جنازةِ صديقتِها. كان هادي، أوَّل سائق عرَض عليها خدمته، ليُصبحَ دليلَها على خارطةِ بلدٍ يعيشُ على وقعِ الاضطراباتِ السّياسيّة التي رافقت التحرُّرَ من الديكتاتورية، وما صاحبها من آمالٍ واحتجاجات، واحتفالات ومشادّات، تنعكس، في صورٍ متسارعةٍ خلال الرِّحلة، على زجاجِ سيّارةِ أجرةٍ بالية.
تروي بيلّينو في روايتها، ذكرياتِ ماري مع مريم، بأسلوبٍ سينمائيٍّ تشويقيٍّ، كأنَّها تمرِّرُّ أمامَ أعيننا شريطَ فيلمٍ على الطريق؛ بين الحياةِ في روما والعطلات الصيْفيّة في القيروان، تستحضرُها بكلٍّ تفاصيلها، وكيفَ تتحوَّل الصداقة بين ماري عالمة الأنثروبولوجيا الإيطالية ومريم التونسية المُهاجرة إلى إيطاليا بدافعِ الحبّ والهروبِ من زوج أمّها المستبدّ؛ إلى بحثٍ عميقٍ عن الذَّات، تتكشَّفُ سُبلُهُ الخفيّة بشكلٍ مُدهشٍ، عبر قصة امرأتين تجدان الطريق إلى ثورتهما الخاصّة.
أخيرًا، أكَّد مدير منشورات المتوسّط خالد سليمان الناصري "أنّ إطلاقَ رواية "على قرن الكَركَدَنّ" سيتزامن مع عيدنا جميعًا، عيد العمّال العالمي، وقال على سبيل الدعابة: (يا عمّال العالم اقرأوا)"، مُضيفاً: "أن هذه المبادرة لن تكون الأولى وستتبعها مبادرات مماثلة في قادمِ الأيام، مع شركائنا وشركاء جدد أيضًا".
من الكتاب:
خارج التاكسي لا يزال صدى الانتفاضة متواصلاً. الهواء مُشبَع بدخان قنابل الغاز المُسيِّل للدموع والقمامة المحروقة. وهتافات النسوة الحادَّة تتبعها شعارات يردِّدها بعض الرجال بينما أصوات أخرى معدنية تخرج من مُضخِّمات الصوت. بين المباني البيضاء ونيران القمامة لا يكفُّ الشُّبَّان عن المطالبة بالعدالة، وعن الاحتفال ببداية عهد جديد. عيونهم تتَّقد ناراً، تلك النار المقدَّسة التي تتَّقد عند مَنْ هو مُستعدٌّ للموت للحصول على حقوقه. ولكنْ، إلى مَنْ يتوجَّهون بالنداء أولئك الشُّبَّان؟ هل هم جاهزون للحُرِّيَّة؟
انكمشتُ على نفسي وقلبي ينبض بشدَّة في كلِّ طرف من أطراف جسدي، ورحتُ أفكِّر كيف وأنا طفلة كان والداي يتركانني بمفردي في المنزل. لا أدري بالتحديد متى كانت المرَّة الأولى التي بقيتْ فيها الشُّقَّة على ذمَّتي بصفة كاملة، ولكنني أتذكَّر جيِّداً الفرحة التي غمرتْني في اللحظة التي أُغلِق فيها الباب، وأمكن لي أن أستحوذ على الفضاء بأكمله، دون منازع، باعتباري البنت الوحيدة، دون أخ أو أخت. لعلَّني لم أكن جاهزة للتعامل مع الحُرِّيَّة المطلقة، ولكنني عشتُ التجربة، ووضعتُ قواعدي. كنتُ أتجرَّد من ثيابي، وعارية، كنتُ أُغنِّي وأقفز في كلِّ الغرف. كنتُ أُحسُّ بنفسي مثل فراشة، جميلة وخفيفة.
عن الكاتبة:
فرانشيسكا بيلّينو؛ كاتبة وصحفية ومراسلة رحلات، تتعاون مع العديد من الصحف الإيطالية والأجنبية، بالإضافة إلى الكتابة للإذاعة والتلفزيون، ناشطة مهتمّة بثقافات البحر الأبيض المتوسّط، حقوق المرأة، وقضايا الهجرة.
من مؤلَّفاتها "بادئة الله"، 2008. "نظرة إلى البعيد"، 2010. "ملح"، 2013. كما أصدرت كتابين عن أسطورة المغني لوتشو باتّيستي، وعددًا من القصص نُشرت في أنطولوجيات مختلفة. في عام 2009، حصلت على استحقاق في مسابقة "بريميو كورنيستا – بييرو باسّيتّي" وفي عام 2013 حصلت على جائزة "تاليا" الصحفية. في 2014 توجت بجائزة "لو كوستا دامالفي ليبري"، وفي سنة 2015 حازت على جائزة "لو ماريا تيريزا دي ليفز" الوطنية وجائزة "براتا"، ثمَّ في 2016 جائزة "مارزاني".