فى ذكرى رحيل نزار قبانى.. تعرف على تفاصيل دقيقة في حياته
المدينة نيوز: فى مثل هذا اليوم 30 من أبريل، تحل ذكرى الشاعر السوري الكبير نزار قبانى، والذى وافته المنية فى ذات التاريخ من عام 1998 فى لندن بعد أن عاش هناك وحيدا بعد وفاة زوجته الثانية بلقيس التي كان يحبها كثيرا، والتى تقدم لخطبتها مرتين بسبب حبه الشديد لها حيث تم رفضه فى المرة الأولى بسبب أشعاره التى تميل لوصف النساء، قبل أن يتم الموافقة على زواجهما فى المرة الثانية حتى شاء القدر أن توافيها المنية فى حادث تفجير السفارة العراقية ببيروت محل عملها ليحزن عليها حزنا شديدا ويذهب بعيدا حتى قضى نحبه فى غيابات الغربة.
ويعتبر نزار قبانى أكثر الشعراء إثارة للجدل فى عصره بسبب اهتمامه الشديد بالمرأة فى أشعاره حتى اكتسب لقب شاعر المرأة بلا منازع بسبب قصائده التى وصفت المرأة فى أوضاع مختلفة الأمر الذى وصل وصف النساء عاريات، وهو الأمر الذى كان محل انتقاد كبير لشعر نزار القبانى بسبب تجاوزه القيم الأخلاقية فى الأمة العربية والإسلامية.
تنوعت قصائده في الغزل بين من اعتبره إباحيًا وآخرون رأوا في جرأته خوضًا لكينونة المرأة التي هي جسد وروح، نظم في السياسة، في الوطن، في كل ما استفزه، دافع عن المرأة على الرغم من أنه أخذ عليه أنه عراها في شعره، لكن للمرأة قيمة خاصة عنده حتى لقب بشاعر المرأة ومن النقاط المؤثرة في طفولة وحياة نزار كان انتحار شقيقته رافضة الزواج التقليدي بغير إرادتها، ويقول نزار إن ذلك الحدث قد يكون له الأثر الأكبر في طبيعة أشعاره التي تدافع عن الحب والمرأة.
وُلد الشاعر الكبير نزار قباني في 21 مارس عام 1923 في مدينة دمشق عاصمة سورية، لعائلة أدبية تجارية فوالده توفيق قباني كان مالكا لمصنع شيكولاتة، بينما الكاتب والمسرحي أبو خليل القباني هو أحد أقاربه ، و كان لنزار قبانى أختان هم وصال وهيفاء وثلاث إخوة هم معتز وصباح ورشيد.
درس نزار بين عامي 1930-1941 في مدرسة الكلية العلمية الوطنية التي كانت مملوكة في وقتها لصديق والده أحمد منيف العايدي، تابع نزار دراسته في جامعة دمشق في كلية الحقوق، عمل نزار في السلك الدبلوماسي السوري من عام 1945 حتى عام 1966، بينما تبقى أعماله الشعرية هي البصمة الأهم في تاريخ الأدب العربي والعالمي وله العديد من الدواوين الشعرية منها: "كتاب الحب"، و"مئة رسالة حب"، و"قصائد متوحشة"، و"أشعار خارجة عن القانون"، و"إلى بيروت الأنثى، مع حبي"، و"أشهد أن لا امرأة إلا أنت"، و"كل عام وأنت حبيبتي"، توفي في لندن في 30 نيسان عام 1998 ودفن في دمشق.
مرّت في حياة الشاعر نزار قباني الكثير من النساء، اذ إنه تزوج من زهراء أقبيق، وأنجبت له ابنة تدعى هدباء، وتوفيق الذي توفي عام 1973 وكان طالبًا بكلية طب جامعة القاهرة في السنة الخامسة، والذي ترك الأثر الكبير في حياته، وقد نعاه نزار بقصيدة "الأمير الخرافي توفيق قباني، الا انه و في عام 1970 تزوج نزار قباني مرة ثانية من سيدة عراقية اسمها بلقيس الراوي التي كانت حب حياته، فما إن التقى بلقيس حتى أحبها من النظرة الأولى وتقدّم لخطبتها في عام 1962 إلا أن عائلتها رفضت لما تسمع عن نزار من أنه شاعر النساء والغزل والحب، ولكن نزار بقي على حبه وتقدم لها مرة ثانية بعد سبع سنوات وتزوجا وعاشا في بيروت، وأنجبت له زينب، وعمر، لكنّ فرحته لم تكتمل، حيث إنها كانت ضحية تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981، وكتب نزار لها قصيدة بلقيس، والتي تعتبر من أروع قصائد الرثاء في الشعر العربي.
فى أعقاب نكسة 1967 التي هُزمت فيها الجيوش العرب أمام إسرائيل، وهو ما شكل نقطة تحول في حياته ولوَّن الكثير من قصائده بعد ذلك، وأهمها قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" التي سببت منع بث أغنيه وأشعاره في مصر ووصلت حد منعه من دخول البلاد، وعلى أثر ذلك كتب رسالة إلى الرئيس جمال عبد الناصر جاء في جزء منها: "لقد أودعت قصيدتي خلاصة ألمي وتمزقي، وكشفت فيها عن مناطق الوجع في جسد أمتي العربية لاقتناعي بأن ما انتهينا إليه لا يعالج بالتواري والهروب وإنما بالمواجهة الكاملة لعيوبنا وسيئاتنا. وإذا كانت صرختي حادة وجارحة وأنا أعترف سلفًا بأنها كذلك، فلأن الصرخة تكون في حجم الطعنة ولأن النزيف بمساحة الجرح.. ولا أريد أن أصدق أن مثلك يعاقب النازف على نزيفه والمجروح على جراحه ويسمح باضطهاد شاعر عربي يريد أن يكون شريفا ً وشجاعا.. فدفع ثمن صدقه وشجاعته".
وقد نجحت هذه الرسالة في مبتغاها وعادت قصائد نزار قباني تردد في الإذاعة والتليفزيون المصريين، وكان يقول عن هذا "كسرت الحاجز بين السلطة والأدب".
جعلت سهولة لغة قصائد الشاعر الراحل نزار قباني والإيقاعات التي تفيض بها قصائده، مطربين كبارا يطلبون غناءها بدءًا بأم كلثوم وفيروز ونجاة الصغيرة وعبد الحليم حافظ وفايزة أحمد وماجدة الرومي ليس انتهاء بكاظم الساهر الذي ارتبط اسمه ارتباطًا وثيقًا باسم نزار قباني، حيث غنّى له أكثر من 20 قصيدة كانت السبب الأول في شهرته.
ولا تقتصر القصائد المغنّاة لـ نزار قباني على قصائد الحب بل تعدّتها إلى القصائد الوطنية على رأسها "أصبح عندي الآن بندقية" التي صدح بها صوت سيدة الغناء العربي عام 1968.
عاش نزار قباني آخر سنوات حياته في لندن وودع دمشق في زيارة أخيرة قبل أن يسلم الروح في لندن في الثلاثين من أبريل عام 1998، وعاد إلى دمشق مجددا، لكن هذه المرة كجثمان محمول بالطائرة، وقد أوصى نزار قائلا: "أدفن في دمشق، الرحم التي علمتني الشعر والإبداع، وأهدتني أبجدية الياسمين".