رواية "تنين الجليد" للأمريكي جورج مارتن.. "فانتازيا" تحاكي تاريخ الإنسان مع الحرب
المدينة نيوز: يعيد الروائي الأمريكي جورج مارتن إلى الذهن حقبة تاريخية، ارتبط عقل الإنسان خلالها، بالقوة الخارقة للأسطورة، خلال حروبه ومعاركه، وصراعه على العروش، في روايته الفانتازية "تنين الثلج" التي صدرت ترجمتها عن دار تكوين للنشر والتوزيع 2019، وترجمها للعربية هشام فهمي.
وتحكي الرواية القصيرة المقسمة لثمانية فصول، عن الفتاة "أدارا" التي ولدت في شتاء بارد، مع أسوأ موجة برد يمكن لأي شخص تخيلها. وعلى إثر ذلك، توفيت أمها، وهي تلدها.
كطباع شخصية، تعشق "أدارا" فصل الشتاء وتشعر بالانجذاب إلى البرد، مفضلة اللعب بالثلج والجليد والسحالي الجليدية. ويظهر على الطفلة أنها عاطفية، وبشرتها باردة دائمًا عند لمسها. كما أنها لطالما شعرت، أن تنين الثلج كان دائمًا في حياتها. فعندما كانت في الرابعة من عمرها، لمست التنين الجليدي لأول مرة، وركبت على ظهره العريض البارد للمرة الأولى في عامها الخامس، في الوقت الذي كان فيه سكان بلدتها يخشون التنين الجليدي، الذي يقال إنه مخلوق أسطوري لا يمكن دحضه. فكان عندما يطير فوق أي أرض، يتركها باردة ومجمدة و مقفرة. لكن "أدارا" لم تخف من التنين الجليدي، ووصفت بالطفلة الشتوية.
إنقاذ العالم
و في عامها السابع، في يوم صيفي هادئ، انقضت تنانين نارية من الشمال على المزرعة البعيدة، التي كان فيها منزل أدارا. لكن الفتاة قاومت الهجمات على مزرعتها، بصحبة تنينها الجليدي، ونجحت في حماية أهلها، ولم يستطيع أحد سوى طفلة الشتاء - والتنين الجليدي الذي أحبها - إنقاذ عالمهم من الدمار التام.
هذه الفتاة الصغيرة، اعتقد الناس أنها غريبة الطباع، وتبين بعدئذ أنها بطلة عظيمة. بعد ذلك، تغيرت أشياء كثيرة للأفضل، و"أدارا" التي كانت تؤثر الاحتفاظ بأسرارها لنفسها، تبدأ في الضحك، كما بقية الأطفال.
تغير في منحنى الشخصية
في رواية "تنين الجليد" تظهر ملامح التحدي والبطولة، والتضحية من أجل الجميع، وتناقش البعد النفسي، الناجم عن عدم اهتمام الأهل باختلاف الطباع الشخصية لأحد أفراد العائلة، كيف يكون سببا في عزلة هذا الشخص، وعدم اندماجه الاجتماعي. وتحكي كيف يكون الدافع النفسي الإيجابي، سببا في ممارسة ذلك الشخص، حياته بشكل سليم.
التمسك بالأرض
ومن جانب آخر تعطي شخصية الأب ملمحا حول التمسك بالذكريات، والعلاقة العاطفية مع الأرض، وتظهر ما لا يستطيع الإنسان محوه من ذهنه، من علاقات، هي في الأصل تاريخه. حيث يقول مارتن على لسان الأب:" هذه أرضي وأرضك أيضا، ولو أنك نسيت هذا على ما يبدو، والدانا مدفونان هنا، و"بث" كذلك، أريد أن أدفن إلى جوارها حين أرحل".
ملامح التنين
وتستعيد الرواية حقبة تاريخية تعود إلى العصور الوسطى، حين كان الصراع الإنساني على ممالك العروش، وكيف كان الملك وقتها، يستعين بالتنين الضخم، من أجل صنع جيش لكسب معاركه.
ويتمكن مارتن بخياله ولغته من أن يرسم ملامح المخلوق الأسطوري تنين الجليد، بجسمه الضخم، وظهره العريض، ولونه البلوري الناصع البياض، وجلده الثلجي، الذي تتكسر رقاقاته لمجرد تحركه، وتطقطق قشرته، لمجرد لمسه. كما أنه له عينان صافيتان، ثلجيتان، ممتلئتان بالقوة. بينما جناحاه، هائلان، شبيهان بجناحي الوطواط، بلون أزرق شبه شفاف. وتبدو أسنانه الثلاثية، مصففة متناهية في النصاعة، مصنوعة من الثلج المدبب. وحين يخفق تنين الثلج، تهب عاصفة ثلجية، وريح شديدة البرودة، وينكمش العالم من هول ذلك.
شخصية مُخترَعة
ويركز الروائي مارتن على خصوصية تنين الجليد الذي اخترعه من جذور عقله، حينما ألمح له في أغنية "الثلج والنار" التي تناولها في إحدى مؤلفاته عام 1980، ليعود وينمي النبتة بعد أكثر من ثلاثة عقود، في روايته هذه، حينما يضع صفات تنينه الخاص، وبتحدث عن طبيعته الشكلية، كما ويضع له طبيعة محتوى، فيكتب:" عندما زار هال المزرعة في ذلك الصيف، قال: مسألة سيئة تنانين الجليد تلك، إنها ليست كالتنانين الحقيقية، لايمكنك أن تخضعها لسيطرتك، وتدربها. إن عندنا حكايات عمن حاولوا ذلك، وعثر عليهم متجمدين، ممسكين بالسوط والسرج، وسمعت عن أناس، فقدوا أيدي، أو أصابع، لمجرد لمس واحد منها، قضمة الصقيع". كما وتم انتاج مسلسل "لعبة العروش" الشهير كتطوير لهذه الرواية، وبإنتاج من جورج مارتن.
جدل تصنيف
ولا يمكن تصنيف الرواية المكتوبة بأسلوب شاعري، على أنها للأطفال، على الرغم من أن تجريدية مضمونها، تحيل إلى فكرة تعليمية، وترسخ بعض المبادئ لليافعين. فظهر فعلا، بأن المهتمين بالرواية في العالم، من كافة الأعمار. كما أنه من غير الممكن أن يحتمل خيال الطفل ان يروى له عن رجل مضروب بفأس في رأسه، يحمله ويترنح أثناء العودة من الحرب. حسبما جاء في الأحداث .
أزرق داكن
ويوضع في تصميم غلاف النسخة المترجمة للعربية، الذي صممه ناصر العبد الله، شكل تنين عملاق يعلو أفق منطقة شاحبة، داكنة الملامح، بأرض جليدية، وسماء بالأزرق المشبع المائل للغامق، وفي المنتصف طفلة تقف في هيئة التحدي، والترقب لهجمة التنين. أما غلاف النسخة الأصلية الصادرة عام 2014، فيحتوي على تفصيل واضح لملامح تنين الثلج، كما وصفه الكاتب، ويتم دمج سحالي على الأطراف.