فيصل غرايبة.. الحقيقة من منظور تنموي
المدينة نيوز: بحكم اختصاصه الأكاديمي في التنمية الاجتماعية، يتناول الباحث الأردني فيصل غرايبة في كتاباته الأزمات التي يعيشها الأردن والعالم العربي بمنظور مستقبلي، من خلال تركيزه على قيم العدالة الاجتماعية والتعدّدية واحترام الفرد بوصفها أسساً حضارية لنهوض المجتمعات.
"جوانب أخرى للحقيقة الواحدة" عنوان كتابه الذي صدر مؤخراً عن "دار الابتكار للنشر والتوزيع"، ويتناول مفاهيم عدّة تتصل بالراهن العربي، ومنها مفهوم المثقف الذي يرى أنه الإنسان الفاعل الذي يترجم ما يطلع عليها من أفكار إلى مواقف واتجاهات بصورة انتقائية إيجابية ويحوّلها إلى سلوك وأفعال في تطوير حياته ومجتمعه.
كما يوضّح الكتاب أن الثقافة فن المستحيل، إذا كانت السياسة فن الممكن، حيث السياسي يسعى إلى ما يمكن التحقيق، وأن يثبت أن ما أنجزه هو ما يمكن أن يُنجز، بينما لا يتوقف المثقف عند الممكن، بل يرفضه ويطالب بتجاوز الواقع إلى أبعد حد من الحدود الممكنة.
ويقارب المؤلّف احتلال فلسطين باعتباره قضية مركزية للعرب جميعاً، وكيف أن تراجع المواقف الرسمية في مطالبتها بحقوق الشعب العربي الفلسطيني تعيد الأنظار إلى الحاجة الماسة إلى بناء قوة عربية واحدة متماسمة تمتلك إرادة الفكر والعمل.
وينتقل صاحب كتاب "أكتب عما يكتبون ويكتبون عما أكتب" إلى التنمية المستدامة والمؤسسات الأخلاقية، مستندأ إلى النظرية التي تقول إن الإنسان يولد متمركزاً حول ذاته ومعتمداً على غيره، ولكي يصبح الفرد فاعلاً في بيئته، لا بد أن تتمثل في وجدانه قيم المجتمع وعاداته وتقاليده، لتتكون بذلك اتجاهاته وميوله، بحيث يعرف دوره في المجتمع ومسؤوليته تجاهه.
يرى غرايبة أيضاً أن الخروج من المأزق الحضاري الذي تعيشه الأمة العربية يتأسّس على البحث العلمي من أجل التصدي للمعضلات الراهنة، ما يستدعي تهيئة المجتمعات العربية لاستيعاب الحقائق العلمية، حيث "أصبح العلم، كمنهج ونشاط ثقافي، بمثابة المحرك الذي لا بد منه في أوج خطوات التصدّي للمشكلات الاجتماعية المتفاقمة".
ويُخصّص صاحب كتاب "عتبات المستقبل" فصلاً لمناقشة الواقع الافتراضي الذي استطاع أن يستبعد الوصاية في الاختيار والتعبير والنشر، ومكّن الفرد من التعبير عن ذاته، وسهلّت التعارف والتواصل بين الناس حتى لو كانوا بعيدين مكانياً وثقافياً، لكن ذلك كلّه قلل من الإحساس بقيمة الوقت والمعنى.