معلمون يواجهون تحديات كورونا ويبدعون في التعليم عن بعد
المدينة نيوز:- ما بين منصات درسك و"المعلمون.الاردن" و"نور سبيس"، و"مايكروسف تيمز"، ومجموعات "الواتس أب" وصفحات "الفيسبوك" وقنوات "اليوتيوب"، تنوعت مبادرات المعلمين الاردنيين في التواصل مع طلبتهم في التعليم عن بعد منذ تعليق دوام المدارس في الخامس عشر من شهر اذار الماضي جراء جائحة كورونا.
وفرضت الجائحة على الاردن كغيره من دول العالم، التحديات في كافة القطاعات من بينها قطاع التعليم بشقيه العام والعالي، ما دفع المؤسسات التعليمية والجهات القائمة عليها للتوجه نحو التعليم عن بعد.
ورغم متطلبات هذا النمط والشكل الجديد في التعليم، والتحديات التي اعترضته وما زالت، الا انه اصبح امرا واقعيا جديدا في الحياة اليومية للأسرة الاردنية اضطر الطلبة والمعلمين واولياء الامور الى التكيُّفِ معه، فغدت بيوت الأردنيين صفوفا للتعليم عن بعد يتفاعل فيها الطلبة مع دروسهم ومعلميهم والمنهاج الدراسي، عبر مختلف وسائل ومنصات التعليم عن بعد، في الوقت الذي اصبح فيه لأولياء الامور دور هام في متابعة تعلم ابنائهم. وبرزت خلال هذه الجائحة الكثير من المبادرات النوعية والابداعية الخلاّقة في مجال التعليم عن بعد، وظف فيها المعلمون والمعلمات بشكل فردي وجماعي على امتداد مساحة الوطن وانطلاقا من الشعور بالمسؤولية والأمانة تجاه طلبتهم، وكل الإمكانات المتاحة لديهم لضمان حق الطلبة في التعليم، وذلك من خلال مجموعات الواتس أب وقنوات اليوتيوب الخاصة، فيما لجأت مدارس لتحويل صفحاتها على موقع الفيس بوك لمنصات موجهة لطلبتها للتعليم عن بعد.
وجاءت مبادرات المعلمين والمعلمات والمدارس، التي سلّطت وكالة الأنباء الاردنية (بترا) الضوء على بعضها، داعمة لمنظومة التعليم عن بعد، التي كانت قد اطلقتها وزارة التربية والتعليم من خلال منصة درسك على شبكة الانترنت، والقنوات التلفزيونية درسك 1 ودرسك 2 ولاقت جميعها تفاعلا كبيرا من قبل الطلبة واولياء الامور.
ففي الزرقاء، حوّلت مدرسة الخوارزمي الاساسية التابعة لمديرية التربية والتعليم للزرقاء الأولى، صفحتها على الفيس بوك، الى غرفة تعليمية نشطة استطاعت من خلالها ضمان حق 1200 طالب في الفترة الصباحية و 800 طالب من اللاجئين السوريين في الفترة المسائية، في التعليم في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المملكة.
وقال مدير المدرسة جهاد ابو عيّاش، إن المعركة مع فيروس كورونا، جعلتنا في موقع أقوى مما كنا عليه، وجعلتنا في تحدٍ كبير لمواصلة واستمرار العملية التعليمية واعطاء الطالب حقه في التعليم، وترجمة معاني الولاء والانتماء لهذا الوطن الى أفعال.
وبين ابو عياش، ان إعلان الحكومة الاستمرار في تعليق دوام المدارس في ظل استمرار الجائحة، جعلنا أمام مسؤوليات كبيرة تجاه ووطننا وطلبتنا ومستقبلهم التعليمي، بل فرض هذا الواقع علينا تحدٍ كبير أثبتنا أننا قادرون عليه بهمة معلمينا ودعم قيادتنا ووزارة التربية والتعليم للمعلمين.
ورغم أهمية المنظومة التعليمية التي اطلقتها وزارة التربية والتعليم للتعليم عن بعد، يرى ابو عيَّاش، أهمية كبيرة أيضا لتواصل الطلبة مع معلميهم الذين اعتادوا عليهم في مدارسهم بشكل أساسي، في ظل الانتقال الى نمط وشكل آخر من التعليم وأسلوب وصوت جديدين في العملية التعليمية، تتفاوت نسبة التفاعل معه وربما القبول من طالب لآخر.
واضاف أن المعلمين في المدرسة، طوروا مجموعات الواتس أب الموجودة من قبل للتواصل مع الطلبة واولياء الامور لمتابعة شؤون طلبتهم التعليمية والتربوية، الى منصات تعليمية مستفيدين بذلك من دعم وزارة التربية والتعليم التي خيّرت المعلمين للتواصل مع الطلبة بالطريقة المناسبة.
وعمد معلمو المدرسة بحسب ابو عياش، إلى إنشاء قنوات يوتيوب خاصة بهم، لتسجيل الحصص وشرح المواد الدراسية، ومشاركتها مع الطلبة واولياء الامور عبر صفحة المدرسة على ألفيس بوك، مبينا ان الخطوة شهدت تفاعلا كبيرا بين المعلمين والطلبة، تم تعزيزه ايضا بالاستشارات المتبادلة والاسئلة والاستفسارات وتبادل الواجبات بين الطلبة والمعلمين على مجموعات الواتس أب.
ويرى أبو عياش أهمية كبيرة لاستمرار العمل بنظام التعليم عن بعد انتهاء جائحة كورونا، بحيث يكون هذا النوع من التعليم داعما للتعليم التقليدي في الظروف الطبيعية، رغم الصعوبات التقنية التي تواجه الطلبة واولياء الامور في هذا المجال والتي يمكن التغلب عليها في المستقبل، من خلال اعداد برامج تدريبية للمعلمين والطلبة وتوفير الادوات المناسبة التي تمكن الطلبة والمعلمين على حد سواء من هذا النمط في التعليم.
وفي مدرسة رشيد طليع الاساسية التابعة لمديرية التربية والتعليم للواء الجامعة بعمان، انشأ معلمو المدرسة مجموعات خاصة بهم وطلبتهم واولياء الامور على تطبيق الواتس أب، تمكنوا من خلالها من مواصلة تعليم الطلبة وتسجيل الفيديوهات التعليمية المدعمة بأوراق عمل وواجبات،وإرسالها للطلبة واولياء الأمور وفق برنامج زمني محدد لكل صف مراعين بذلك ظروف الطلبة وأسرهم.
وعمد أستاذ اللغة الانجليزية في المدرسة رامي زلوم، الى استخدام جهاز المساعدة في المشي (الووكر) كمنصب لهاتفه المحمول لتصوير الحصص الدراسية، فيما عمد الى المخاطبة الافتراضية للطلبة بأسمائهم اثناء عملية التصوير والشرح، واستخدام الالوان اثناء الكتابة لتشجيع الطلبة وشد انتباههم للحصة الدراسية المصورة وزيادة استيعابهم لها.
وواصل زلوم بحثه في شبكة الانترنت، عن اساليب مبتكرة للمساعدة في إيصال الدروس لطلبته باستخدام التعليم عن بعد، دون ان يخفي وجود بعض التحديات التقنية التي ما زالت تواجه العديد من الطلبة في هذا المجال، مؤكدا انه وزملائه يعملون كل ما بوسعهم للتغلب عليها من خلال تحديد مواعيد إرسال الحصص او الواجبات الدراسية، وبما يلائم اوقات الطلبة وتوفر الهاتف في المنزل.
وفي مدرسة إيدون الثانوية للبنات في محافظة إربد شمالا، ابدعت معلمة اللغة الانجليزية ولاء طلفاح، في تحفيز طالباتها نحو الاقبال على التعليم عن بعد، عبر التواصل مع الطالبات باستخدام برامج متعددة، أسهمت في تحسين مستوى الطالبات وتحصيلهن الدراسي.
واثنت مديرة المدرسة نسرين البكار على اداء المعلمة الطلافحة، التي قالت انها ضربت مثالا في المثابرة والعطاء والهمة العالية، وكانت الى جانب زميلاتها في المدرسة إنموذجا في التميز والابداع في ابتكار اساليب تدريسية فعالة خلال هذه المرحلة. وفي مدرسة أسماء بنت ابي بكر الاساسية في منطقة المزار الجنوبي بمحافظة الكرك، اعتبرت المعلمة وفاء الجعافرة، ان تجربة التعليم عن بعد فتحت الكثير من افاق التميز والابداع لدى المعلم الاردني، وطورت من قدراته وامكاناته.
واستطاعت المعلمة الجعافرة انهاء منهاج الرياضيات مع طالباتها في صفوف الرابع والخامس والسادس بالمدرسة من خلال الفيديوهات المصورة التي وجهتها لطالبتها عبر الواتس أب واليوتيوب، رغم العديد من التحديات التقنية.
واستلهمت المعلمة الجعافرة، ما وصفته بالحماس في مواصلة تعليم الطلبة في هذه الظروف من الرؤية الملكية ورؤية وزارة التربية والتعليم في الارتقاء بالعملية التعليمية الاردنية، مؤكدة أن أمانة المسؤولية تجاه الطلبة كانت ايضا دافعا لعدم ترك الطالبات في منتصف الطريق.
وشكّل لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله الذي جمع اخيرا الاستاذ زلوم وعددا من اصحاب المبادرات في مجال التعليم عن بعد، فرصة لطرح التحديات التي تواجه الطلبة والمعلمين في هذا المجال.
واكد اصحاب هذه المبادرات، أهمية توفير برامج تدريبية للمعلمين للتعامل مع المنصات التعليمية، وتخصيص دروس معينة او منهاج دراسي محدد يعطى للطلبة عبر هذه المنصات، معتبرين ان عملية التعليم عن بعد في الاردن اصبحت مثار اهتمام وتجربة رائدة يمكن البناء على ما تحقق منها وتطويرها.
وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي، اكد بدوره، ان المعلم الاردني اثبت خلال هذه الظروف قدرة عالية على الابداع والتميز وتحويل التحديات الى فرص للنجاح، مبينا ان الوزارة تقدر عاليا هذه المبادرات واصحابها.
وقال إن ما حققه اصحاب هذه المبادرات النوعية وغيرهم الالاف من المعلمين والمعلمات مع طلبتهم، يؤكد أن المعلم الاردني ما زال محل ثقة وتقدير الجميع وانه على قدر من المسؤولية.
وبين أن الوزارة تنظر بالتقدير لمعلميها من أصحاب الهمم والمبادرات النوعية في التعليم، وان الوزارة ستواصل البناء على تجربة التعليم عن بعد، وبذل كل ما يمكن لمعالجة كل التحديات التي واجهت المعلمين والطلبة خلال هذه المرحلة.
وفي ظل استمرار الاسباب الموجبة لتعليق دوام المدارس، صدر أمر الدفاع 7 بهدف توسيع مفهوم شكل التعليم، ليشمل التعليم عن بعد أو التعليم الالكتروني.
واعتُبر التعليم عن بعد بموجب أمر الدفاع 7، تعليما منتظما يخدم كافة الأغراض المنصوص عليها في قانون التربية والتعليم، وتعليما منتظما لغايات حساب المدة المتبقية من الفصل الدراسي الثاني، فيما سمح بإدخال الاختبارات الالكترونية كشلٍ مقبولٍ من اشكال تقييم الطلبة.
--(بترا)