لماذا أطلق اسم زعيم الأباتشي "جيرونيمو" على عملية بن لادن؟
المدينة نيوز - جيرونيمو" هو الاسم الحركي الذي اطلقته القوات الامريكية على عملية قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن التي نفذها جنود من وحدة النخبة في البحرية الأمريكية "نيفي سيلز".
جيرونيمو لمن لا يعرف التاريخ الأمريكي هو أحد زعماء قبيلة الأباتشي أحد أشهر قبائل الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليون الذين قاتلوا الأمريكيين البيض.
آخر صورة معروفة له التقطت عام 1887 وتظهره حاملا بندقية في وضع قتالي يظهر تحديا يتناسب مع أشهر محاربي الأباتشي.
ولد جيرونيمو عام 1829 فيما أصبح حاليا نيومكسيكو، وباعتبارة من زعماء الأباتشي فقد ورث كل تقاليد مقاومة "الغزاة" القادمين من العالم القديم.
وقد بدأ المحارب الهندي في اكتساب سمعته من خلال هجمات جريئة على القوات المكسيكية التي أغارت على قريته وقتلت بعض أفراد عائلته فكان رده أن قتل أكبر عدد من الجنود المكسيكيين في هجماته المتكررة.
ويقول الكاتب والمؤرخ رون جاكسون إنه بحلول عام 1872 قامت الحكومة الأمريكية بتجميع جيرونيمو والمئات من أفراد قبيلته في منطقة بولاية أريزونيا فيما عرف بعد ذلك باسم" محميات السكان الأصليين".
لكن بعد أربع سنوات قاد جيرونيمو عددا كبيرا من الأباتشي إلى منطقة جبال سييرا مادر التي اتخذها نقطة انطلاق لشن الغارات التي تستهدف أي شخص يقوده حظه العاثر للاقتراب من هذه المنطقة.
ومنذ ذلك اعتبر زعيم الأباتشي متمردا وأصبح ملاحقا من الجيش الأمريكي الذي أرسل تجريدات لاعتقاله وصل عددا أحيانا إلى خمسة آلاف جندي.
وسبب جيرونيمو في مرات كثيرة الحرج للضباط والجنود الأمريكيين بنجاحه في الهروب منهم عدة مرات حتى تمت الاستعانة ببعض عناصر الأباتشي المتعاونين مع القوات الأمريكية للإيقاع به عام 1886.
لكن مع مرور الزمن تحول إلى رمز تاريخي بأعماله الشجاعة ومهاراته في القتال والقفز التي جعلت منه ما يشبه بالأسطورة لدرجة أن وحدتين من قوات النخبة بالجيش الأمريكي تحملان اسمه.
وفي قاعدة فورت بينينغ بولاية جورجيا اعتاد جنود المظلات على لفظ اسم جيرونيمو قبل القفز من الطائرة.
بحسب تقارير المؤرخين فقد حدث في عام 1940 أن غادر جنود امريكيون قاعدتهم لمشاهدة فيلم في سنما محلية عن جيرونيمو عشية تدريبات في القفز بالمظلات فما كان من أحدهم وهو أوبري ابينهارتد إلا أن قال لزملائه إنه سيصيح قائلا غيرونيمو لتحفيز نفسه قبل القيام بقفزته.
وتقول القصة إن صيحة الجندي في اليوم التالي خلال التدريب سمعها من تابعو قفزته من على الأرض، ومنذ ذلك الحين أصبحت صيحة "جيرونيمو" نوعا من التقليد لدى المظليين الأمريكيين.
وقد أطلق على أول كتيبة مظلات أمريكية وهي الكتيبة 501 اسم جيرونيمو، وتكرر الأمر مع الكتيبة الأولى المحمولة جوا وفوج المشاة 509 الذي قام بمهام في العراق وأفغانستان.
ومن خلال الخبرات الميدانية للفوج 509 امكن وضع برامج تدريب بقية القوات على أساليب القاعدة وطالبان في تنفيذ الهجمات.
يشار إلى ان جيرونيمو دفن في فورت سيل بأوكلاهوما لكن المجموعات المنحدرة من سكان البلاد الأصليين يطالبون بإعادة دفن رفاته في مسقط رأسه بجبال غيلا في نيومكسيكو، وحتى يتم ذلك وفق معتقدات هؤلاء فستظل روحه هائمة.
"العدو جيرونيمو"
ويوم الأحد الأول من مايو/آيار 2011 أبلغ الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن "العدو جيرونيمو قتل في العملية العسكرية" في إشارة إلى زعيم تنظيم القاعدة.
وبعد ذلك لم يعلق المسؤولون الأمريكيون على ما تردد بأن عملية مهاجمة المجمع السكني الذي كان يختبئ فيه بن لادن قرب إسلام آباد سميت "جيرونيمو".
منذ 2001 أخذت جملة ملاحقة بن لادن طابعا تأثر بأفلام الغرب
والحقيقة أن عملية تعقب بن لادن منذ عام 2001 اخذت في بعض مظاهرها طابعا مرتبطا بأفلام الغرب الأمريكي التي قدمتها هوليود.
فالرئيس السابق جورج بوش طالب بالقبض على بن لادن "حيا او ميتا" وهي العبارة التي كانت تستخدم في إعلانات مكافآت الإرشاد عن عتاة المجرمين في الغرب الأمريكي.
اما المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانتستان التي تعتبر من اهم معاقل القاعدة وطالبان فقد صورها البعض بأنها مثل المناطق الوعرة في وسط وغرب الولايات المتحدة.
وتمت الإشارة كثيرا إلى بن لادن على أنه" جيرونيمو القرن الحادي والعشرين" الذي يراوغ الجيش الأمريكي ويفر في مناطق جبلية وعرة.
وبالتالي أصبح من السهل تصوير الكهوف الجبلية في تورا بورا بأفغانستان على انها مثل جبال سييرا مادر معقل زعيم الأباتشي ورفاقه والتي ساعدته في الهروب كثيرا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
وفي عام 2001 قال ألان ميليت الأستاذ بجامعة أوهايو وكولونيل مشاة البحرية المتقاعد إن إطلاق صواريخ على مخابئ القاعدة في جبال أفغانستان مثل فكرة إطلاق النار على جيرونيمو في معقله الجبلي فقد كانت تصيب بعض مساعديه لكنها لم تحدث فارقا.