وزير الخارجية القطري يؤكد وقوف بلاده وأميرها إلى جانب لبنان بعد الحدث الجلل
المدينة نيوز :- بين لبنان وقطر أكثر من علاقة أخوية تجمع الدولتين والشعبين، وبعد النكبة التي حلت ببيروت لم تميز قطر بين منطقة وأخرى فسارعت إلى لملمة جراح أهالي العاصمة والمستشفيات المدمرة والوقوف إلى جانب الدولة اللبنانية، تماما كما سبق ووقفت بعد حرب تموز حيث تولت إعادة إعمار العديد من القرى والبلدات الجنوبية التي تعرضت للعدوان الإسرائيلي.
وإذا كانت قطر فتحت أبوابها منذ سنوات طويلة للبنانيين للعمل على أراضيها وفي مشاريعها العمرانية، فإنها فتحت قلبها مرة جديدة للبنان وكانت أكثر الدول العربية اندفاعا للمساعدة من خلال إرسال طائراتها حاملة المساعدات والمستشفيات الميدانية للتخفيف ما أمكن من الكارثة، على الرغم من التشكيك العربي والدولي بالدولة اللبنانية وبإصلاحاتها وعدم تجاوبها مع الدعوات المتكررة لمكافحة الهدر والفساد.
وفي إطار النخوة القطرية والوقوف إلى جانب لبنان كما فعل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عندما وصل فجأة إلى بيروت قبل سنتين لإنقاذ ماء وجه القمة العربية الاقتصادية برئاسة العماد ميشال عون، وصل إلى بيروت اليوم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في زيارة رسمية تستمر يوما واحدا لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين وتنسيق عمليات الإغاثة بعد الانفجار في المرفأ.
ووصل الوزير القطري والوفد المرافق له إلى مطار رفيق الحريري الدولي ظهر اليوم، حيث كان في استقباله وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية شربل وهبة.
وأكد وزير الخارجية القطري خلال الزيارة أن هناك حاجة للاستقرار السياسي والاجتماعي في لبنان لدعم مسيرة الإصلاح.
ونقلت “الوكالة الوطنية للإعلام” اليوم عن الوزير القطري قوله، عقب لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا ببيروت لتنسيق عمليات الإغاثة بعد انفجار مرفأ بيروت: “نؤكد تضامن دولة قطر مع الشعب اللبناني الشقيق، وهناك حاجة للاستقرار السياسي والاجتماعي في لبنان من أجل دعم مسيرة الإصلاح”.
وأضاف: “نحن على وشك الانتهاء من دراسة إعمار المدارس الحكومية وتأهيل المستشفيات المتضررة في لبنان”.
ومن المقرر أن يلتقي الوزير القطري أيضا رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والوزير وهبة، كما سيزور رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري.
ومن قصر بعبدا أكد الوزير عبد الرحمن على “تضامن دولة قطر حكومة وشعبا مع لبنان”. وقال: “زيارتنا اليوم لبنان الشقيق تتم وهو يمر في وضع حرج. أتيت لنقل تعازي أمير دولة قطر والشعب القطري إلى أسر ضحايا هذا الانفجار وهذا الحدث الجلل الذي هزنا جميعا، ونتمنى الشفاء العاجل لكل المصابين والمتضررين، فترجع الأمور بإذن الله إلى طبيعتها. ونؤكد على تضامن دولة قطر حكومة وشعبا مع الشعب اللبناني الشقيق”.
وأضاف: “ما حل في بيروت هزنا في الأعماق، وخصوصا إزاء الخسائر البشرية وخسائر الأرواح والآثار الإنسانية والاقتصادية التي سببها هذا الانفجار، وسط أزمات مختلفة قبله. وموقف دولة قطر ثابت تجاه التضامن مع الشعب اللبناني، ولذلك سعت لأن تكون من أول الحاضرين إلى لبنان لدعم الجهود للخروج من هذه الأزمة، بإرسال فرق الإنقاذ والمستشفيات الميدانية والمساعدات التي يمكن أن تسهم في التخفيف عن الشعب اللبناني الشقيق”.
وتابع: “توجيهات سمو الأمير واضحة بدراسة المشاريع المتضررة جراء هذا الانفجار. نحن على وشك الانتهاء من دراسة إعادة إعمار المدارس الحكومية بالشراكة مع اليونيسيف، وبإعادة تأهيل بعض المستشفيات المتضررة. طبعا كانت هناك خطة من قبل دولة قطر قبل هذا الحدث للنظر في إمكانية مساعدة أشقائنا الشعب اللبناني لتجاوز الأزمة الاقتصادية. ولدينا تصورات سيتم بحثها مع الحكومة اللبنانية. لا شك بأن هناك حاجة للاستقرار السياسي والاجتماعي في لبنان حتى تُدعم مسيرة الإصلاح، ونتطلع إلى كافة القوى السياسية والاجتماعية في لبنان لتجعل مصلحة الشعب اللبناني في صميم هذه الإصلاحات، كي تكون نابعة من احتياجات الشعب اللبناني بعيدا عن أي ضغوط خارجية”.
وسئل هل هناك وديعة قطرية كما يُقال؟ فأجاب: “ليس هناك أي تصريح رسمي من دولة قطر بأن هناك وديعة للبنان. كانت هناك محادثات بشأن كيفية دعم لبنان للخروج من الأزمة الاقتصادية، ومن المؤكد أن هذا الدعم يتطلب تعاونا من جميع الأطراف في مجال التشريعات اللازمة له، ونحن ما زلنا في إطار المحادثات. لكن الانفجار الذي حصل عطل هذه المحادثات، ونتطلع إلى استئنافها من جديد فور حلول الاستقرار”.
وعن نوع المساعدات التي ستُقدم للبنان، قال: “البرنامج غير محدد حتى الآن بتفاصيله، ولكن دولة قطر في إطار برامجها الاقتصادية تسعى دائما لكي تكون هناك مشاريع استثمارية تدعم الاقتصاد وخصوصا في المجالات التي يتطلبها الاقتصاد اللبناني وتعود بالنفع على الشعبين، ومن المهم أن تمس الاحتياجات الأساسية للشعب اللبناني”.
وهل قطر في وارد لعب دور في حل الأزمة السياسية في لبنان؟ قال: “نحن نتمنى أن تحل الأزمة السياسية بين الأطراف اللبنانية، ودولة قطر ستدعم أي جهود تجاه الوحدة الوطنية. وكما ذكرت سابقا إننا نتمنى من أشقائنا في لبنان والأحزاب السياسية المختلفة أن يضعوا مصلحة الشعب اللبناني في صميم التفاهمات وأن تكون بعيدة عن كافة الضغوط الخارجية”.
أما الرئيس عون فأعرب عن “امتنان لبنان لوقوف دولة قطر إلى جانبه في المحنة التي أصابته”، ورأى أن “هذا الموقف ليس بغريب عنها وعن أميرها الذي أكد في كل المناسبات أنه مع لبنان وشعبه في كل الظروف وآخرها مشاركته شخصيا في المؤتمر الدولي الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وخُصص لدعم بيروت والشعب اللبناني”.
وقام الوزير القطري بزيارات ميدانية إلى المستشفيات القطرية في مستشفيي الروم والجعيتاوي، وتفقد موقع الانفجار المدمر في مرفأ بيروت.
وقد تابع اللبنانيون باهتمام زيارة وزير الخارجية القطري، ولوحظ أن أحد رؤساء البلديات في جبل لبنان رفع لوحات ضخمة على عدد من الطرق الرئيسية تحمل صورة أمير قطر كعربون شكر وتقدير لدولة قطر على مواقفها الأصيلة والداعمة للبنان في كل المجالات ليس في فقط في المجال الإنساني والاقتصادي والعمراني بل حتى في المجال السياسي، عندما رعت عام 2008 اتفاق الدوحة بين الزعماء اللبنانيين وتم في خلاله التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة وحدة وطنية.
وتبقى منذ ذلك الوقت عبارة “شكرا قطر” راسخة في ذهن اللبنانيين، كتعبير صادق وحقيقي عن التقدير لوقوف هذه الدولة العربية الشقيقة إلى جانب شقيقها لبنان في مِحَنه وأوقاته العصيبة وحتى في خطف عسكرييه على يد “جبهة النصرة” والمساهمة في إطلاق سراحهم بين عامي 2014 و2015.
القدس العربي