الشراكات الأكاديمية : بين الواقع والطموح
لقد أدركت الجامعات أهمية وضرورة عقد إتفاقيات الشراكات الأكاديمية ضمن برامج أكاديمية مشتركة مع جامعات عالمية رفيعة المستوى ومرموقة وذات مكانة وسمعة ببرامجها الأكاديمية مما أصبحت على سلم أولوياتها بإعتبارها من المشاريع والتوجهات الرئيسة في الخطط الاستراتيجية الخاصة بها وذلك بغرض الأستفادة من سمعة وخبرات تلك الجامعات المرموقة كشريك إستراتيجي في تلك البرامج سعياً لبناء السمعة الأكاديمية والتطور والحاق بركب الجامعات العالمية المرموقة خاصة في ظل بما يسمى بالجودة، والتصنيفات العالمية، والمعايير الأكاديمية العالمية كتحدي أضافي لتحسين مدخلات ومخرجات التعليم والتعلم والتي أصبحت فعلياً محط أهتمام حاكمية الجامعات ليتسنى لها تحقيق أكبر قدر من المكاسب النوعية لصالح الجامعات.
أن إدراك الجامعات لأهمية عقد الشراكات الأكاديمية في ضوء ما يجري من تسابق نحو تدويل التعليم والأعتمادات ،والتصنيفات العالمية للجامعات والتي أصبحت تفرض نفسها في الأونة الأخيرة مما أصبح الأمر لزاماً على حاكمية جامعاتنا أن تسارع بالبحث عن السبل الكفيلة لعقدها حرصاً منها لتكون في مصاف الجامعات العالمية. لكن الإدراك وحده والحديث في هذا الموضوع في المجالس لا يكفي بل لابد من توفر الارادة والتفكير الجدي في كيفية الوصول إلى هذا الهدف بإعتباره هدفاً رئيسياً من أهداف الخطط الاستراتيجية للجامعات والذي يتطلب من حاكمية الجامعات وبشكلٍ خاص مجالس الامناء والعمداء والأقسام الأكاديمية ودوائر العلاقات الخارجية بحكم مسؤولياتهم البحث والتواصل مع جامعات عالمية مرموقة للتوصل إلى تفاهمات مشتركة لعقد هكذا إتفاقيات كونها أصبحت مطلباً أساسياً للجامعات وبرامجها الأكاديمية وهذا الأمر يتطلب من الجامعات قيادات أكاديمية مدركة ومطلعة على ما يجرى في ساحة التعليم الجامعي في العالم وتطوراته، والمهنية العالية والخبرات التراكمية الطويلة في رسم الخطط الاستراتيجية وأهدافها، والمعرفة الحقيقية بمعايير الجودة الأكاديمية، والمعرفة بشروط التصنيفات الأكاديمية العالمية عملاً لإبراز هوية الجامعات ومكانتها والايفاء بالمتطلبات الكاملة لعقد تلك الشراكات بكفاءة وخلافاً لذلك ستكون المهمة صعبة للغاية أمام الجامعات.
ويتسأل العديد من المهتمين بالشأن الأكاديمي عن عدد الأتفاقيات التي أبرمت بين جامعاتنا و الجامعات العالمية في السنوات القليلة الماضية؟ وكم عدد ما نفذ منها على أرض الواقع؟ وما نسبة نجاح هذه الاتفاقيات؟ وكم عدد البرامج المشتركة ومستواها الأكاديمي مع تلك الجامعات..مما يتطلب الأمر الاجابة على هذه التسؤلات بكل صراحة من قبل الجامعات مع بيان المعوقات والتحديات في عدم إبرام هكذا اتفاقيات أو عدم تنفيذها، وما الخيارات والحلول أمام الجامعات لتفعيل هذا المطلب والذي أصبح يفرض نفسه على الجامعات الأردنية.
والحق يقال بإن هناك جهوداً تبذل أنطلاقاً من أهمية الموضوع حيث لاحظنا مؤخراً وخلال السنوات القليلة الماضية بوجود توجهاً رسمياً من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وإدارة الجامعات بالحث على إعطاء الأولوية لما يسمى بالشراكات الأكاديمية للاستفادة من مكاسبها النوعية لصالح الجامعات، ونجد البعض من جامعاتنا قد نجحت نوعاً ما في ذلك والبعض منها وللأسف ما زالت تلك الاتفاقيات لم تترجم على أرض الواقع ولأسباب معروفة للجميع.
أن هم الباحثين في الشأن الأكاديمي ليس الحديث بهكذا موضوع لأجل الحديث فيه أو تسطير المقالات بعنواينها المختلفة بقدر أن نرى جامعاتنا التي نفتخر بها دائماً قد أصبحت فعلياً تسطر نجاحاتها وطموحاتها وفقاً لرؤاها ورسالاتها وأهدافها على أرض الواقع لتكون صروحاً علمية شامخة تتسابق مع الجامعات العالمية بدلاً من أن نرى هذه الطموحات مدونة في خططها الاستراتيجية وبنفس العنوان والمضمون عبر السنوات، ولا ننسى بإن عامل الزمن قد يسرقنا ونبقى في نفس المربع.
أ.د.يونس مقدادي