الطويسي: وزارة الثقافة تؤمن بأهمية الفلسفة ومد جسور التواصل مع الأجيال الجديدة
المدينة نيوز :- قال وزير الثقافة الدكتور باسم الطويسي، إن الوزارة تؤمن تماماً بأهمية الفلسفة بهذه المرحلة، وضرورة تحريك هذه البحيرة الراكدة منذ سنوات طويلة ومنذ عقود، وأهمية مد جسور التواصل مع الأجيال الجديدة والنشء الجديد بحيث يستطيعون استخدام ادوات التفكير الناقد وادوات التحليل والتفسير والابتكار، وغيرها من الأدوات لتحسين أنماط حياتهم.
وأضاف في كلمة له في الندوة الحوارية التي أقامتها الوزارة اليوم الخميس بعنوان "الفلسفة للشباب" في المركز الثقافي الملكي بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، الذي شهد إطلاق مشروع سلسلة إصدارات تعنى بالفكر والفلسفة موجهة للشباب تشتمل على موضوعات فلسفية مبسطة بكتب صغيرة الحجم لتطوير ذائقتهم المعرفية، أنه سادت صورة نمطية خلال العقود الماضية، ان الفلسفة صعبة المنال وعصية على الفهم، مبينا أن هذه الصورة انتقلت الى الاجيال الجديدة في أن الفلسفة ليست ضرورة وليست أولوية، وان العالم تجاوز الفلسفة الى غيرها من الأفكار غير واقعية.
وأوضح الدكتور الطويسي، أن المسؤولية الملقاة على عاتقنا تحتم علينا أن نقدم للشباب الاردني مع دخول الدولة الأردنية المئوية الثانية وعيا جديدا، ونحن اليوم أكثر ثقة بأنفسنا وانجازاتنا وانجازات الدولة وبالقيم التي قدمتها، مؤكدا ضرورة تسليح الشباب الاردني بأدوات ومناهج التفكير المستقل، وأدوات التفكير الناقد، بحيث يكون لك منهم قدرته على الاستنبتاط والابتكار والتحليل، وتفسير الظواهر التي تحدث محليا وعالميا واتخاذ موقف مستقل منها، ولعل الادوات والمناهج التي توفرها الفلسفة، واحدة من هذه الوسائل التي يجب ان يتسلح بها الشباب الاردني كي يحتل يأخذ مكانته الحقيقية في المستقبل.
وقال "ان المجتمعات العربية معنية بالفلسفة بهذه اللحظة التاريخية أكثر من غيرها؛ لان الشباب العربي اليوم يشكل قاعدة الهرم السكاني وهي القاعدة الاوسع في العالم، مضيفا أن الدراسات بينت أن الشباب هم الاكثر استهلاكا للمحتوى السطحي الذي جاءت به التكنولوجيا اليوم وقدمته الادوات الرقمية، وهذا المحتوى يحتوي على معلومات اكثر ومعرفة اقل وبالتالي نرى التفسير السطحي للظواهر بعيدا عن العمق".
ودعا الدكتور الطويسي الحضور الذي يمثل نخبة من المشتغلين بالفلسفة الى ان يكونوا جزءاً من مشروع "الفلسفة للشباب" وجزء من هذا التفكير الوطني الذي تحاول الوزارة تدشينه بهذه المرحلة، للعمل معا بشكل أفضل لاستمرار هذا الفكر والمعرفة بالتدفق الى الاجيال الجديدة، والوصول الى صيغة ملائمة للطريقة التي مخاطبتهم نخاطب بها الاجيال الجديدة في مجالات الفكر والفلسفة، وكيفية الاستفادة من هذا الموئل المعرفي بما يتيحه من أدوات معرفية لتكون الحياة افضل، من حيث قدرة البشرعلى التفاهم والبناء والعيش معا.
وأكد وزير الثقافة خلال الندوة استعداد الوزارة الى إصدار 20 مؤلفا قبل نهاية العام تتضمن مختلف الموضوعات الفلسفية، ودعم الوزارة لإقامة مؤتمر وطني ثقافي العام المقبل يطرق ضمن محاوره الى أبرز القضايا الفلسفية المهمة .
وخلال الندوة التي أدارها مدير الدراسات والنشر في الوزارة الدكتور مخلد بركات، أكد الحضور أهمية مشروع "الفلسفة للشباب" وما يحمله من قراءات تعريفية لعدد من الأكاديميين في مدارس الفلسفة الإسلامية، ومدارس الفلسفة القديمة، ومدارس الفلسفة الحديثة، وتيارات الفلسفة الغربية المعاصرة، وموضوعات فلسفة العلوم المعاصرة، والفلسفة والتكنولوجيا، والفلسفة والمشكلات المعاصرة، والفلسفة والحياة.
ووصف المختص في تاريخ الفلسفة الدكتور أحمد ماضي بمداخلة له هذه المبادرة "بالريادية" ولم تصدر من اي وزارة اخرى معنية بهذا الشأن، مؤكدا ان الشباب كانوا وما زالوا رصيد الامة، وان تلاميذ الجامعات والمعاهد والمدارس هم الشريحة الاوسع في المجتمع، ومنهم ينطلق التأسيس، كما ان التاريخ الاسلامي كان يصدر الفلاسفة والمدارس الفلسفية للعالم، لذلك لابد من اعادة الاعتبار لذلك وايجاد حراك فلسفي تقوده المؤسسات المعنية بذلك.
ودعا وزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي إلى إعادة تدريس الفلسفة في المناهج، مبينا أن هذا القرار سيكون من أهم القرارات التنويرية، خاصة وانه لا يوجد اي قسم للفلسفة في اي من جامعة باستثاء قسم الفلسفة في الجامعة الاردنية.
ودعا أستاذ الفلسفة الغربية المعاصرة وفلسفة العلم في الجامعة الأردنية الدكتور توفيق شومر. الى تشكيل لجنة مختصة مهمتها تحكيم النتاج العلمي المقدم بحيث يكون على سوية عالية، وان لا يكون منتج مظلل، مع التركيز على ادوات الفلسفة ومنها التحليلية والنقدية والتوليدية والديالكتيكية، مبينا أن هذه الأدوات هي التي تعمل على انتاج العقل النقدي لاجيال الشباب.
وأكد، أن هنالك حاجة مهمة يجب التركيز عليها وهي اخلاق المهنة او الفلسفة المهنية او العملية وهي التي تسعى الى دمج الفلسفة بالعمل مع الابتعاد عن اللغة الصعبة الفهم، موضحا ان هنالك مدارس فلسفية تهتم بهذا النوع من الفلسفة الذي بات مطلبا مهما في حياتنا، ومنها المدرسة الفلسفية العملية والتي تستند الى التراث الشرقي، مع ربط هذه الانماط بوسائل الميديا الحديثة حتى يسهل توصيلها وان تتناسب مع الشباب وفضاءات التواصل الحديثة حتى يكون المشرةع قابل للحياة.
وأكد عضو الجمعية الفلسفية الأردنية الدكتور جورج الفار، ضرورة إعادة دعم الجمعية الفلسفية التي تعتني بهذا الشأن، مشيرا إلى وجود كتب مهمة وذات نوعية كانت تدرس في المدارس والجامعات قبل ان يتوقف العمل بها، وانه يجب اعادة طباعتها خاصة وان بعضها كان انتاج اردني محض.
وقالت امين سر الجمعية الفلسفية الدكتورة لينا الجزراوي اهمية مشروع " الفلسفة للشباب" في هذا الوقت الذي بات يشهد غياب تام للفلسفة في حياتنا، مضيفة أن جائحة كورنا أظهرت الكثير من السلوكيات الغريبة على المجتمع الأردني كالتنمر والشائعات وفوضى المعلومات وغيرها من السلوكيات التي أوجدها الفراغ وغياب التحليل المنطقي للاشياء.
ودعت إلى ضروة تقديم هذا المشروع ضمن وسائل العصر خاصة وان ببعض الشباب الان لا يقرأ، ولكن يمكن توصيل المعلومة التي نريد بوسائل العصر الحديثة او من خلال الوسائل اللامنهجية والتي تقدم للطلاب في المدارس والجامعات.
ورأى نائب رئيس الجمعية الفلسفية الدكتور موفق محادين، أنه لغايات انجاز وانجاح المشروع الذي يجب أن يكون بالتشاركية، وان تكون الفئات المختلفة وذات العلاقة والمعنية بهذا المشروع على طاولة الحوار كقسم الفلسفة في الجامعة الاردنية والهيئة الادارية للجمعية الفلسفية، وكبار الباحثين والمهتمين في هذا التخصص مع وزارة الثقافة لرفد المشروع وانضاج رسالته، حتى يكون مشروعا نقديا حياديا وقبل ذلك معرفيا.
وقال "إنه يتم مناقشة المفاهيم الفلسفية المهمة كالحرية والعقل والفن والمرأة والادب وعلاقتها جميعا بالفلسفة خاصة واننا نرى ان الخطاب المتخلف يستند على التقليل من اهمية ما سبق، وان نظهر العلاقة بين الفلسفة وعلم الاجتماع والسياسة والتاريخ والاقتصاد وغيرها من خلال مقاربات ينتجها متخصصون في هذا الفه.، مضيفا ان هذه الندوة الافتتاحية ستؤسس لجبهة حقيقية ضد الفكر المنغلق والمتطرف ودعاة مصادرة العقل" .
وقال استاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية الدكتور جمال الشلبي، إن الفلسفة تعطي الروح للجسد السياسي او الاجتماعي او الاقتصادي، داعياً الى التمييز بين استاذ الفلسفة والفيلسوف، وانه لابد من العمل بروح العصر على اعادة انتاج الاشياء لتكون اكثر قبولا وفهما بمنطق العصر وادواته كان تنتج اغنية مثلا تقدم فكرة فلسفية، وان تقدم هذه السلسة من خلال لغة بسيطة ومفهومة وبشكل لافت وجاذب.
ودعا إلى اصدار مجلة فلسفية فصلية او نصف سنوية تنشر الفكر الفلسفي وتكون مرجعا مهما وربط الفلسفة بالحياة اليومية، مبينا ان اعادة النظر في تدريس الفلسفة خاصة وانها ترتبط ارتباطا مباشرا بالحياة حتى تكون الفلسفة جزءاً من حياتنا اليومية.
وقال عضو الجمعية الفلسفية الدكتور احمد العجارمة، إن هذا المشروع الوطني الهام لابد ان يكون مشروع دولة للتنوير والاعلاء من شأن العقل وأن يثري المشروع الاجواء الثقافية، مضيفا ان علينا ان نجيب بشكل مباشر اولا كيف يمكن ايصال هذا المحتوى للفئات المعنية خاصة وان فئة الشباب لا تقبل اي قوالب يمكن ان تصاغ بعيدا عن اهوائهم لذلك لابد من الاهتمام بالمحتوى وطريقة ايصاله.
وبين ان وسائل التواصل ممثلة بالميديا الحديثة هي اداة التواصل المهمة الان والاكثر فاعلية لذلك لابد من ايجاد سلسلة افلام صغيرة تقدم نقاشات مختصرة ومكثفة للعديد من القضايا التي ترتب ارتباطا مباشر مع الحياة.
واشار العجارمة الى اهمية الترجمة بهذا المجال خاصة، وان الكتب التاسيسية في الفلسفة اغلبها باللغة الانجليزية، مؤكدا على ان هذا المشروع الوطني يجب ان يتبنى ترجمة العديد من العناوين التى نحتاجها.
وتحدثت الناطق الإعلامي للجمعية الفلسفية الدكتورة امال الجبور حول اهمية ان نشر الفلسفة كثقافة خاصة، حيث ان المبادرات المعنية بالشباب تأتيهم بقوالب جاهزة ترفض من قبلهم، لذلك لابد من اشراكهم فيما سيقدم لهم ليسهل استقباله وهضمه.
وقالت "علينا ن نشركهم في المؤتمرات القادمة وفي اللجان المعنية من اجل ان يتم الوقوف على وجهات نظرهم فيما سيتم انجازه وان يكونوا شركاء فيه".
وأكد استاذ الفلسفة في جامعة فيلادلفيا ورئيس جمعية النقاد الدكتور زهير توفيق ضرورة وجود لجنة ثابتة لمتابعة هذا العمل المهم، مشيرا في ذات الوقت الى غياب العرب والاردنيين بشكل عام عن ما يسمى بالاولمبياد الفلسفي العالمي والذي يقدم دائما جائزة للشباب والذين يتقدمون بمشاريع فلسفية عالمية، داعيا الى مشاركة اردنية فاعلة في هذا الالولمبياد.
رأى الباحث مجدي ممدوح ان هذا المشروع هو محاولة مهمة لتوطين الفلسفة، وسيكون خطوة اولى لارجاع الفلسفة ومناهجها الى المدرسة، ومناقشة المسائل الفلسفية الكبرى، ان نؤسس لها من خلال ربط الفلسفة بالادب والشعر والحياة اليومية من اجل هضمها واعادة توطينها.
وأكدت الأديبة الدكتورة نهلة الجمزاوي، أنه لابد من تصويب مفهوم الفلسفة في العقل الجمعي وهذا يحتاج لتأسيس ومراكمة، موضحة ان فئة الشباب تميل الى الفلسفة وتبحث عنها، الامر الذي يؤكد ان هنالك تجهيل لمناهج الفلسفة، ولابد من التاصيل لمفاهيمها بلغة بسيطة بعيدا عن التسطيح في نفس الوقت.
وبينت أهمية اللجوء الى أسمته "بالتثقيف القسري" من خلال فرض بعض الكتب في بعض الصفوف، وان تعتمد مسابقة مختصة بالفلسفة لترسيخ المفاهيم بشكل أكبر.
وقالت استاذة الفلسفة في الجامعة الاردنية دعاء سعيفان ان واقع الفلسفة واقع مؤلم، كما ان التفكير الفلسفي يغيب تماما عن مجتمعنا، لذلك لابد من عودة الفلسفة على الصعيد التعليمي وعلى الصعيد الثقافي وخلق مشاريع ثقافية تهتم بالتأليف والمسابقات والتحفيز على القراءة.
واضافت انه لابد من تشكيل لجنة تضع خطوط رئيسية للحوار حولها ومن ثم تكليف بعض بعض المختصين بالكتابة حولها ثم مناقشة ما تم تاليفه تمهيدا لاصداره ضمن هذه السلسلة.
وكان مدير الدراسات والنشر في الوزارة الدكتور مخلد بركات الذي أدار الندوة، قد أوضح في بداية الندوة التي جاءت في اليوم العالمي للفلسفة، أن الغاية من هذه الندوة تهدف إلى الاستماع الى أراء المشتغلين في حقل الفلسفة، وأخذ التغذية الراجعة فيما يخص تطوير هذه السلسلة التي خصصتها الوزارة للشباب في موضوعات مختلفة. يشار إلى سلسة "الفلسفة للشباب" الجديدة تأتي ضمن سياسة النشر الجديدة للوزارة الثقافة في العام الحالي 2020، وهي مجموعة إصدارات من الكتب الصغيرة الحجم في موضوعات فلسفية مبسطة موجهة الى الشباب الأردني والعربي، وجاء اطلالقها مع قرب دخول الدولة الأردنية مئويتها لثانية، لبناء معارف الشباب الأردني من خلال تراث الفلسفة الانسانية، وانتاجها المعاصر من مختلف المدارس، لتزويدهم بالمفاهيم الاساسية، وتطوير قدراتهم.
--(بترا)