اعتقال صحافي فضح فساد محافظ كان حارساً لبشار الأسد
المدينة نيوز :- للمرة الثانية، أعاد النظام السوري اعتقال صحافي لنشره وثائق تدين أحد محافظيه، كان نشرها على حسابه في الموقع الاجتماعي فيسبوك.
وفي التفاصيل، اعتقلت أجهزة أمن النظام السوري، الصحافي الموالي للأسد، كنان وقاف، والعامل في واحدة من مؤسساته الإعلامية، إثر نشره وثائق تدين أحد المحافظين، في المنطقة الشرقية، ودون أن يسميه.
وكشف ناشطون موالون للنظام، أن المحافظ هو اللواء غسان خليل، محافظ "الحسكة" في المنطقة الشرقية.
حارس الأسدين، حافظ وبشار
وغسان خليل المذكور، هو من الشخصيات الأكثر قرباً، من رئيس النظام بشار الأسد، وعمل سابقاً رئيساً لسرية حمايته، كما عمل سابقا، مرافقا أمنياً أول لرئيس سوريا السابق، حافظ الأسد، والد بشار، وسبق وتقلد مناصب أمنية عليا في النظام، ويعتبر من الدائرة القريبة لرئيس النظام الحالي.
وبحسب منشورات الصحافي المعتقل، فإنه استدعي إلى سلطات الأمن الجنائي في العاصمة السورية، بتاريخ الرابع من الشهر الجاري، ثم تأكد اعتقاله، بعد يومين، وقال في السادس من الشهر الجاري، إنه في حال تمت قراءة هذا المنشور، فسيكون قد تم اعتقاله. وهذا ما كان.
نشر وثائق تدينه فاعتقله
واعتقل وقاف، إثر نشره وثائق تدين أحد محافظي النظام، دون أن يسميه، وعرف أنه محافظ الحسكة، اللواء غسان خليل، صاحب اليد الطولى في نظام الأسد، بحسب أنصار الأسد أنفسهم، كما أنه من المعاقبين دولياً، ومتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وجاء في الوثائق التي نشرها، وهي عبارة عن صور من محاضر تحقيق، إثر قيام والد عسكري في جيش الأسد، بتقديم شكوى بحق المحافظ وابنه المذكور، يتهمه فيها باختطاف ابنه، ويدعى جعفر، بعد خلاف واتهام العسكري المخطوف، بالسرقة.
المحافظ كان اختطف الجندي
ويعود تاريخ الشكوى، إلى العاشر من شهر كانون الأول/ ديسمبر 2020، ويظهر فيها، أن الجندي قد تعرض للخطف، على يد ابن محافظ الحسكة، منذ نحو شهر من تاريخ تقديم الشكوى التي قدمت بحق المحافظ، أيضا، رغم التهديدات التي أطلقها بحقهم، بأنه سيوقع الأذى بجميع أفراد العائلة، إن تم إبلاغ أي جهة قضائية بالموضوع، بحسب الصحافي المعتقل.
وأكد الصحافي وقاف، والذي اعتقل على خلفية نشره وثائق خطف الجندي، بأن من قام بالخطف، هو المحافظ، وجعل ذلك عنواناً لمنشوره بتاريخ 24 من الشهر الماضي، ليعتقل بعدها، بعشرة أيام.
وقال وقاف: "محافظ يخطف جندياً ويطالب بفدية!" ثم سرد وقائع عملية الخطف، ووقائع التحقيق في الشكوى التي كان قد تقدم بها، والد الجندي المخطوف، بحق المحافظ وابنه.
سبب الاعتقال.. قصة فساد أخرى!
ويظهر من خلال قصة وقاف، بأن الجندي المخطوف يعمل في أحد قصور المحافظ، في مسقط رأسه، صافيتا التابعة لمحافظة طرطوس، قام محافظ الحسكة في وقت لاحق، باختطافه، بحسب الصحافي، بتهمة سرقة أموال بمئات الملايين، أكد الصحافي أنها، مفبركة، وأن السبب الحقيقي لاختطاف الجندي، قصة فساد أخرى تتعلق بالنقيب عن الآثار أو التنقيب عن شيء لم يتم ذكره صراحة، بحسب الشكوى التي تقدم بها، ابن الجندي المخطوف، للنظام، أثبت فيها، أن ابن المحافظ كان يقوم بإجراء عمليات حفر، في أرضه، وبعدة نقاط، فقام بمنعه، وهناك بدأت قصة الانتقام، بعدما قام الأب بمنعه من إكمال عملية الحفر.
"بطاطا!" أم أشياء ثمينة؟
وسخر وقاف من قصة أهداف عملية الحفر، ملمحاً إلى أسباب ذلك التنقيب الذي قام به ابن المحافظ في الأرض: "عن ماذا كان يبحث يا ترى؟ عرفتم الآن، السبب؟ وما الذي كان موجودا في الأرض؟ أنا أقول: فيها بطاطا!!".
وأكد الصحافي المعتقل، بأن محافظ الحسكة، قد قام باعتقال أفراد عائلة الجندي المخطوف، ما خلا الأب الذي أسعفته المصادفة، ولم يكن حاضرا في بيته، في طرطوس، عندما جاءت دويات الأمن واعتقلتهم، ثم ساقتهم إلى محافظة الحسكة نفسها، والتي يكون اللواء غسان خليل محافظاً لها.
ويكذّب وقاف، في منشوره، سبب اعتقال عائلة الجندي المخطوف، من طرطوس إلى الحسكة، وقال إن ما روّج عن السبب هو "قصة مفبركة" فقد روّجت مصادر محافظ الحسكة، بأن سبب سوق عائلة الجندي المخطوف، إلى المحافظة، هو أن الجندي المخطوف "كان فارا من الخدمة!" ثم قام بتسليم نفسه هناك، وأقر بعمليات السرقة "بمئات الملايين" من قصر المحافظ، بحسب الاتهام.
منعهم من التنقيب فاختطفوا ابنه واعتقلوا عائلته
وكذب وقاف السبب المروّج، وقال ببساطة، كيف استطاع "جعفر" الوصول إلى الحسكة؟ في إشارة منه إلى أن غالبيتها خارج سلطة الأسد. إذ لا يسيطر نظام الأسد، على إلا على مناطق ضيقة للغاية فيها، كالمربع الأمني، والمطار، وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية، على كامل المساحة المتبقية، فيها.
وانتهى وقاف إلى أن السبب الحقيقي، لخطف الجندي، ثم اعتقال عائلته، وهو قيام والد الجندي بمنع ابن المحافظ والمسلحين الذي كانوا برفقته، من إتمام عملية الحفر والتي يبدو أنها لم تكن المرة الأولى، فقد سبق لابن المحافظ القيام بحفر في أرض تملكها عائلة الجندي المخطوف، بحسب شكوى الأب نفسه والمثبتة بالصور.
ويشار إلى أن اعتقال الصحافي وقاف، إثر نشره وثائق تدين اللواء غسان خليل، أدى لموجة تعاطف واسعة معه، خاصة وأنه سبق له وتعرض للاعتقال، في شهر آب/ أغسطس الماضي، بعد نشره وقائع فساد أخرى، في إحدى مؤسسات النظام، في طرطوس التي هي مسقط رأسه أيضا.
"أمة الفساد"
في المقابل، الصحافي المعتقل، كان تعرّض لداخلية الأسد، إثر تهديدها الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، مطلع العام الجاري، واعتقلت بموجبه ناشطين كثرا فضحوا قضايا فساد في مؤسسات النظام، وقال وقاف تعليقا على تهديد داخلية الأسد: "جوعوا، موتوا بصمت. فهمت أيها الشعب؟!".
وإثر نشر داخلية الأسد تهديدا باعتقال كل من يفضح قضية فساد، بتهمة "تسريب معلومات ملفقة لمواقع مشبوهة" قامت باعتقال عدد من الناشطين، كان منهم المذيعة في فضائية النظام، هالة الجرف، فعلّق وقاف على التهمة التي اعتقلوا بسببها وهي "وهن نفسية الأمة": "وهن نفسية الأمة؟ أي أمة تقصدون؟ أمة الفساد. نعم!".
العربية