ما وراء دسترة فك الارتباط

تم نشره الأحد 12 حزيران / يونيو 2011 02:17 صباحاً
ما وراء دسترة فك الارتباط
المحامي الدكتور محمد فاروق المومني

عام 1950 جرت الوحدة بين الأردن وفلسطين على أساس تشكيل البرلمان بعدد متساوي من الأعضاء بين الطرفين أي ان الوحدة جرت بين شعبين ودولتين .
ورغم ان هذه الوحدة لم تعترف بها حتى تاريخ الإحتلال عام 1967 أي دولة عربية أو غير عربية سوى بريطانيا والباكستان ، إلا انها اصبحت واقعا ملموسا فرضته الظروف ،وعاش الشعبين معا بتفاهم وتعاون رغم كل الصعاب واختلاف المصالح .
أما قطاع غزة والجزء المحتل من فلسطين عام 1948 فقد بقيا خارج نطاق هذه الوحدة حيث الحق القطاع بالإدارة المصرية وأعلنت دولة اسرائيل على الجزء المحتل عام 1948 وأصبح كل منهما واقعا بإقرار الجميع.
عام 1988 صدر قرار سياسي اردني بفك الإرتباط مع الضفة الغربية بضغط المنظمات الفلسطينية وسط تأييد كافة الدول العربية التي ارتات بهذه المنظمة ممثلا شرعيا ووحيدا للفلسطينيين في الضفة والقطاع والشتات .وظل وضع اللاجئين والنازحين معلقا وكذلك وضع الوحدة التي لم تلغى تماما ، وانما اصبحت مشوبة بألف عيب قانوني بعد اعتراف الأردن بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للفلسطينيين في الضفة الغربية رغم انه لم يجري أي استفتاء للشعب بكافة أطيافه لأجل تقرير مدى صحة تمثيل منظمة التحرير للفلسطينيين الذين اتحدوا مع الاردن وحملوا جنسية الدولة الموحدة سواء كانوا بالضفة الغربية او الشرقية .
وحتى هذه اللحظة لم يتم الغاء الوحدة بشكل دستوري صحيح وفق أسس صحيحة تقتضي إجراء استفتاء عام يشمل كافة افراد الشعب الموحد سواء كان شرق النهر أو غربه يتقرر بموجبه مصير الوحدة ، وليس عن طريق قرار فك الإرتباط الذي لايدستر ولا يبستر إلا باستفتاء شعبي كامل وشامل لشعب الوحدة .
وهكذا بقيت كافة القرارات السياسية المتعلقة بهذا الشأن كفك الإرتباط أو الإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للفلسطينيين قابلة للنقض والإلغاء لتجاوزها عن وحدة لم تلغى حسب الأصول في بلد يتغنى بمقولة دولة المؤسسات والقانون سيما وأن المادة الأولى من دستوره تنص على أن :(ملكها لايتجزأ ولا ينزل عن شيئ منه ) واصبح وضع الشعب ومكانته من الوحدة معقدا ، إذ لم تعد حدود الأردن معروفة دستوريا فيما لو كانت حدود الوحدة حتى عام 1967 أم هي حدود الإحتلال على نهر الأردن .
و حتى هذه اللحظة لاتزال الضفة الغربية تحت الإحتلال ولم تنشأ الدولة الفلسطينية التي طال انتظارها وبقي وضع الفلسطينيين في الأردن معلقا بين ثلاثة مفاهيم (لاجئين ونازحين ومواطنين) كما ازداد الوضع غموضا وتعقيدا ببنود اتفاقية وادي عربة التي اعترفت بهذا الواقع وقررت في المادة الثامنة منها بأن حل مشكلة النازحين يتم من خلال لجنة رباعية تضم اسرائيل والفلسطينيين ومصر والاردن وأما مسألة اللاجئين فهي تحل من خلال إطار المجموعة المتعددة الأطراف. كما ان المادة الثالثة من هذه الإتفاقية بينت بوضوح أن الحدود بين الأردن واسرائيل هي حدود زمن الإنتداب البريطاني أي نهر الأردن وأسمتها حدود آمنه .
أي ان هناك حدودا آمنه وحدوداغير آمنه رغم انها أقرت في الفقرة الثانية منها بأن هذه الحدود الآمنه والدائمة لاتمس وضع الأراضي التي دخلت تحت سيطرة الحاكم العسكري الإسرائيلي عام 1967 وهي الضفة الغربية التي ظل وضعها النهائي معلقا ومرهونا بكل الإحتمالات ومنها إحتمال ضمها لإسرائيل واحتمال إعادتها للأردن واحتمال إنشاء كيان خاص بها كدولة منزوعة السلاح.
ورغم وجود هذا الواقع المتشابك الذي لم تنتهي معه قضية اللاجئين أو النازحين بالإضافة لما أطلقت عليه اتفاقية وادي عربة خصوصية وضع الأراضي التي وقعت تحت الإدارة العسكرية الإسرائيلية . ومع ذلك كله فقد وجد على الساحة من يطالب بدسترة قرار فك الإرتباط والعمل بدستور الوحدة لعام 1952 بعد تجاهل كل الإتفاقيات والمعاهدات والوقائع على الأرض وإغماض العينين عن كافة الأحلام الوطنية لأطراف الوحدة دون ان يعرف سر هذا الطرح المفاجئ الذي يجد رواجا وحماسة منقطعة النظير تحت شعار إرضاء المتظاهرين أو كما قال المصريون الجمهور عايز كده.
وشعار إرضاء المتظاهرين دفع بالحكومة الى تشكيل لجنة لمراجعة الدستور وقانون الانتخابات وإجراء الأصلاحات التي طلبها من لايمثلون الشعب من أي وجه كان عبر الشوارع .ومع ذلك فلو افترضنا فراغ هذه اللجنة من أعمالها متجاهلة حقيقة وجود نصف الدولة تحت الإحتلال وأرادت تطبيق الدستور والتشريعات المعدّلة على ضوءه فكيف يتسنى لها تطبيق هذا الدستور والنصوص على الفلسطينيين الموصوفين بثلاث اوصاف ومعايير متضاربة (لاجئين ونازحين ومواطنين )؟ وأين هي حقوقهم المتعلقة باللجوء والنزوح وأراضي الدولة التي توحدنا معها (الضفة الغربية)؟ وماذا لو اعلنت الدولة الفلسطينية على أراضي الضفة الغربية فجأة واعتبرت كل الأردنيين أجانب بالنسبة لها؟
المطلوب الآن تجاهل كافة حقوق أبناء الضفة الشرقية في الجزء المحتل من وطنهم الموحّد (الضفة الغربية) والتعامل مع أبناء الضفة الغربية الموجودين شرق النهر كمواطنين يتساوون بكافة الحقوق والواجبات مع غيرهم بما في ذلك حق الإنتخاب وإشغال المقاعد النيابية وتشكيل الحكومة بالنتيجة سندا لأحكام المادة السادسة من مواد الدستور وهي :
الاردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين.
ولو افترضنا تطبيق ما سبق فإن الأمر يعني ببساطة الغاء كافة التحفظات بشأن حقوق اللاجئين والنازحين والأراضي الأردنية غرب النهر ومنح الفلسطينيين في الأردن مقاعد نيابية قد تفوق نسبة مقاعد الأردنيين ثم تطلع علينا فجاة دولة فلسطينية في الضفة الغربية لاتجيز للأردني أي حقوق فيها وربما تطلب الوحدة من جديد مع الضفة الشرقية على اسس جديدة يكون فيها مجموع المقاعد النيابية للفلسطينيين بشكل عام 75% وهي مكونة من 50% للضفة الغربية و50% للشرقية التي اصبح نصف سكانها ومقاعدها للفلسطينيين (واعلق يا أجلق) بالوطن البديل الذي تحقق بهذه اللفة البارعة تحت شعار الإصلاح والمصالح.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات