سميح مسعود يواصل تأثيث الذاكرة في روايته الكرملي
المدينة نيوز :- صدرت حديثا رواية "الكرملي"، للكاتب الدكتور سميح مسعود، عن دار "الآن ناشرون وموزعون" في عمان.
وفي هذه الرواية، يواصل مسعود تأثيث الذاكرة بأعماله الأدبية المتنوعة بالكتابة عن التاريخ الفلسطيني بوصفه سجلًّا مفتوحًا، لأن لكل حياة قيمتها، ولكل حدث أهميته، وكل عمل يُكتب في هذا المجال يسهم في استكمال الصورة عن المرحلة التي مرّت من تاريخ فلسطين بكل ألوانها.
ورواية "الكرملي" التي اختار صاحبها ابن حيفا المدينة العريقة، المتقدمة ثقافيًّا وحضاريا، شخصيات تنتمي إلى المدينة، وتعكس تطورها الثقافي والاجتماعي والسياسي، تبرز أسماء مثل: نجيب نصار الكاتب والسياسي القادم من لبنان، مؤسس جريدة الكرمل، ورشيد الكرملي ابن حيفا ابن التاجر المعروف سليم الكرملي، ذو المواهب الأدبية، وصاحب الروح الوطنية، وتوفيق أبو غيدا، المقاول المثقف ذو النزعة الوطنية، والشيخ مناور الزعبي، إبن مدينة الرمثا الأردنية، الوطني بالفطرة، وصاحب النزعة القومية. وتتطرق الرواية إلى شخصيات قومية تاريخية بارزة ومنها الملك فيصل بن الحسين، والذي يظهر في الرواية ملكا مثقفا، عالما بالتاريخ، سياسيا بارعا، مدافعا عن حق العرب بالنهضة والوحدة، وظاهر العمر الزيداني والي حيفا الذي حوّلها من قرية للصيادين في موقع تل السمك إلى مدينة "يتمطى حولها سور عال لحمايتها"، والشهيد محمد الحنيطي وغيرها من أسماء.
والرواية تمزج بين الشخصيات التاريخية الحقيقية والشخصيات المتخيلة. وهذا، إلى جانب شيء من التوثيق التاريخي المتعلق بعدد من الأمكنة، والأحداث التاريخية مثل بناء خط سكة حديد حيفا درعا، وحيفا القدس، والمؤتمر العربي الأول، واجتماع الملك فيصل بوجهاء العرب في حيفا، والهيئة العربية العليا، والإضراب الفلسطيني العام، والثورة الفلسطينية الأولى، والحرب العربية الإسرائيلية الأولى، يضفي على الرواية بعدا توثيقيا، ويجعلها تتراوح ما بين الرواية التاريخية والرواية الدرامية.
ويستمد الكاتب مسعود موضوعات أعماله مما عايشه شخصيًّا، ومن قراءاته المتعمقة بالتاريخ، وأبحاثه في الذاكرة الحيّة، وهذا ما يعطي أعماله، والأحداث التي يقدمها مصداقية خاصة؛ فهو يعرف موضوعه بشكل جيد، ويقدم صورة قلمية لمدينة حيفا تؤكد عروبتها وحضارتها قبل أن يأتي الغازي الصهيوني.
وتدور أحداث الرواية في مرحلة زمنية دقيقة وحاسمة من تاريخ المنطقة بشكل عام وتاريخ فلسطين بشكل خاص، وهي بداية القرن الماضي التي اتسمت بضعف الدولة العثمانية التي كانت تحكم المنطقة العربية، وبتفككها وصعود التيار القومي الشوفيني التركي ممثلا بجمعية تركيا الفتاة، الذي بدأ يسيء للمكون غير التركي في الدولة العثمانية، وتجلى ذلك في المنطقة العربية بحملة القمع لطموحات الأحرار العرب، وإعدام العديد منهم في بلاد الشام، الأمر الذي استدعى ظهور الجمعية العربية الفتاة ردًّا على الشوفينية التركية، وتلبيةً لطموح العرب بالاستقلال، الجمعية التي كان أحد أعضائها ومؤسسيها فيصل بن الحسين. --(بترا)