طفل فلسطيني أصيب بالعمى إثر صاروخ إسرائيلي يحلم بالعودة إلى المدرسة- (صور وفيديو)
المدينة نيوز :- انتهت الحرب على غزة أواخر مايو/ أيار الماضي، لكن مآسيها لم تنتهِ بعد، واحد من أولئك الذين لازالت تبعات الحرب عالقة في وجههم، هو الطفل محمد هاني شعبان، الذي أكمل لتوه الـ8 سنوات، بعد أن أفقده صاروخ إسرائيلي كلتا عينيه دون أن يمهله ولو لآخر مرة لرؤية أمه التي كان يرافقها إلى السوق لشراء ملابس العيد.
الصغير الذي تغير لون الدنيا في عينيه، وبات يراها بلون واحد فقط، أصبح اليوم مثالاً واضحاً للعنجهية الإسرائيلية، التي يغض العالم طرفه عنها، فعلى الرغم من السماح له بمغادرة قطاع غزة قبل نحو شهرين لتلقي العلاج في العاصمة المصرية، إلا أن محاولات إعادة بصره بائت بالفشل، ليعود محملاً بكثير من خيبات الأمل والشعور بالوحدة.
محمد الذي اعتاد أن يرافق أخوته وأبناء عمومته إلى المدرسة في بلدة بيت لاهيا (شمال)، بات اليوم عاجزاً عن استعادة الحياة بشكلها الطبيعي، فالوحدة، والخوف من المستقبل المظلم هو أكثر ما يخيم عليه وعلى عائلته.
عودة العام الدراسي في غزة، الإثنين الماضي، تحولت لمناسبة حزينة بالنسبة لهذا الصغير، وأضحت مأساة جديدة تضاعف ألمه، بعدما استفاق وحيداً بعد أن ذهب أقرانه إليها وبقي هو وحيداً في المنزل، يحاصر ذويه بكم من الأسئلة التي يقولون “إنهم غير قادرين على تقديم إجابة شافيه ومقنعة له عنها”.
وبالرغم من أنه ذهب ليومٍ واحد فقط إلى المدرسة إلا أن قراراً بمنع مواصلته الذهاب إليها جاء بسبب عدم ملائمة حالته الصحية والنفسية لواقع التعليم الاعتيادي، فهو بحاجة ماسة للالتحاق بمدارس لذوي الاحتياجات الخاصة.
أصيب محمد في اليوم الأول من العدوان الإسرائيلي على غزة والذي بدأ في 10مايو/أيار الماضي، خلال استهداف طال سوق غزة المركزي، بينما كان هناك برفقه والدته لشراء ملابس العيد.
أكثر الأسئلة التي يطرحها الطفل باستمرار على والديه هي التي تدور، بحسب والده هاني شعبان، حول “الوقت الذي سيعود ليرى فيه العالم من جديد” لكن الأب وبكثير من العجز يقف حائراً عن إيجاد إجابة يقول “إنها لن تتحقق يوماً ما”.
ويضيف: “كثير ما يسألني متى سأرى، أو متى سأعود إلى المدرسة مع باقي الأطفال، أو متى سأخرج إلى الشارع، متى سأراكم مجدداً”.
أما سمية شعبان، والدة محمد، فهي الأخرى لا زالت تعاني من صدمات نفسيه عديدة، تتضاعف يومياً كلما نظرت لطفلها، وشعرت بالعجز عن تقديم المساعدة له، تقول ودموعها تغلبها: “أريد أن أساعده لكن لا أعرف كيف”، وتضيف “الحياة اليوم تغيرت كلياً، اتمنى أن يتم تسجيله في مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة، ليتمكن من استعادة حياته واستكمال تعليمه”.
وأشارت إلى مطالبه المتكررة بالعودة إلى المدرسة، لكنها لن تسمح له بذلك مراعاة لظروفة النفسية والصحية، غير أنها تحاول قدر الإمكان أن تبقيه متصلاً مع الأدوات المدرسية التي تشعره بأنه سيعود قريباً كما السابق ولو بشكل جزئي، إذ تأخذ دفتراً وقلماً من حقيبته وتضعهما بين يديه، مبررة ذلك بأنها لا تريد أن يشعر بأي نقص.
وتتابع وهي تحتضن طفلها: “سأحاول تدريسه في المنزل قدر المستطاع، إلى أن نتمكن من إيجاد مدرسة مناسبة لحالته، لكن ذلك قطعاً سيؤثر نفسياً على كلانا”.
ويحاول الأبوان مساعدة طفلهما على الاعتماد ذاتياً على نفسه، يسير برفقة والده في الشارع ورأسه نحو الأرض ممسكاً بيده، بينما تقوم والدته بإرشاده في المنزل للمساعدة على الجلوس والاتكاء على الوسائد وجدران المنازل كي لا يضل الطريق.
القلق من عدم قدرة الأبوين على مساعدة طفلهم التأقلم مع واقعه الجديد، يربك العائلة، لا سيما في ظل استمرار حالة التقلب المزاجي التي يعانيها محمد منذ إصابته.