حذر تركي وتريث أميركي.. طالبان تشكل حكومة وتؤكد التمسك بالشريعة وتقدم رسائل طمأنة للعالم
المدينة نيوز :- أعلنت حركة طالبان الثلاثاء تشكيل حكومة جديدة وعينت قائدا للجيش، في حين طغى الحذر على أبرز ردود الأفعال تجاه الخطوة التي ترقبتها الأوساط الدولية خلال الأسابيع الأخيرة.
وقالت حركة طالبان إن الملا محمد حسن أخوند سيكون رئيسا للحكومة الجديدة في أفغانستان.
وأوضح الناطق باسم طالبان ذبيح الله مجاهد خلال مؤتمر صحفي أن المؤسس المشارك لطالبان عبد الغني برادر سيكون نائبا لرئيس الحكومة.
ويحظى برادر باحترام مختلف الفصائل في طالبان، وترأس خصوصا المفاوضات في الدوحة مع الأميركيين، التي أدت إلى انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان.
وضمن التعيينات التي أُعلنت مساء اليوم الثلاثاء سيتولى الملا يعقوب -نجل الملا عمر- وزارة الدفاع، في حين يتولى زعيم شبكة حقاني سراج الدين حقاني وزارة الداخلية.
وعُيّن أمير خان متقي الذي مثل طالبان في مفاوضات الدوحة وزيرا للخارجية.
وأعلنت الحركة عن تعيين المولوي فصيح الدين قائدا للجيش بالوكالة.
وأفادت مصادر للجزيرة بأن مولوي عبد الحكيم شرعي تولى منصب وزير العدل بالوكالة، في حين شغل الملا عبد اللطيف منصور منصب وزير الكهرباء والمياه.
وعُيّن عبد الحق وثيق رئيسا للمخابرات في حين تولى حاجي إدريس منصب رئيس البنك المركزي.
وتداولت وسائل الإعلام أسماء أخرى تولت حقائب وزارية، من بينها شؤون القبائل والمهاجرين والإعلام.
وأكد مجاهد أن "الحكومة غير مكتملة"، لافتا إلى أن الحركة التي وعدت بحكومة "جامعة" ستحاول "ضمّ أشخاص آخرين من مناطق أخرى في البلاد" إلى الحكومة.
وقد طلب زعيم طالبان من الحكومة الجديدة التمسك بتطبيق الشريعة، وذلك في أول موقف له منذ تولي الحركة السلطة في أفغانستان.
وقال الملا هبة الله آخوند زاده في بيان "أؤكد لجميع المواطنين أن الحكام سيبذلون كل ما في وسعهم للتمسك بالشريعة الإسلامية في البلاد".
تعليق أممي
وتعليقا على إعلان تشكيل الحكومة، قال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن المنظمة الدولية لا تشارك في أعمال الاعتراف بالحكومات لأن القرار يعود إلى الدول الأعضاء.
وأضاف "من وجهة نظرنا فيما يتعلق بإعلان اليوم، فإن تسوية شاملة يتم التفاوض عليها هي وحدها التي ستحقق سلامًا مستدامًا في أفغانستان".
وتابع "لا تزال الأمم المتحدة ملتزمة بالمساهمة في حل سلمي، وتعزيز حقوق الإنسان لجميع الأفغان -ولا سيما النساء والفتيات- وتعزيز التنمية المستدامة، بما يتماشى مع جدول أعمال 2030، وتقديم المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة والدعم الحيوي للمدنيين المحتاجين".
وأدلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الثلاثاء بتصريحات حذرة عن الحكومة الأفغانية الجديدة التي أعلنتها حركة طالبان، مؤكدا أنه سيرصد مسارها المستقبلي عن كثب.
وخلال ظهور إعلامي مشترك مع ضيفه رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي قال أردوغان "كما علمتم للتو، من الصعب تسميتها دائمة، تم الإعلان عن حكومة موقتة".
وتابع "لا نعرف إلى متى ستستمر هذه الحكومة الموقتة. واجبنا الآن هو متابعة هذا المسار عن كثب".
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مقابلة تلفزيونية "نأمل أن تكون الحكومة الأفغانية القادمة حكومة شاملة تضم الجميع، وألا تقتصر على طالبان والبشتون فقط، يجب أن تشمل أعراقا أخرى مثل الطاجيك والهزارة والتركمان والأوزبك، ويجب أن تضم النساء أيضا، وكما تعلمون فإن النساء ينظمن مظاهرات في هرات وكابل وغيرهما كي يأخذن موقعهن ويحصلن على حقوقهن، وهن محقات".
وكان جاويش أوغلو قد أكد في وقت سابق الثلاثاء أنه "لا حاجة للمسارعة" إلى الاعتراف بحكومة طالبان.
الموقف الأميركي
وفي وقت مبكر من فجر الأربعاء، وصف الرئيس الأميركي جو بايدن الصين بأنها تواجه مشكلة حقيقية مع حركة طالبان.
وقال بايدن إنه متأكد أن بكين وموسكو وإسلام آباد وطهران ستحاول التوصل إلى تفاهم مع حركة طالبان التي شكلت حكومة تصريف أعمال، مشيرا إلى أن تلك الدول تحاول معرفة ما يتعين عليها فعله للتعامل مع طالبان.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس "نشعر بقلق من انتماءات وسجلات بعض أفراد الحكومة الجديدة التي أعلنتها طالبان.. نحن نقيم الحكومة المكونة من أفراد ينتمون للحركة ومقربين منها وتخلو من نساء".
وشدد برايس على أن الشعب الأفغاني يستحق حكومة شاملة، وأن بلاده تتوقع أن تضمن طالبان عدم استخدام الأراضي الأفغانية لتهديد أي دولة.
وأضاف "طالبان أعلنت قائمة الحكومة على أنها مؤقتة، وسنحكم عليها من خلال الأفعال لا الأقوال".
وأكدت الخارجية الأميركية أنها ستواصل إلزام طالبان بتعهدها السماح بمرور آمن للأجانب والأفغان الذين يرغبون في مغادرة البلاد.
أما السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، فقال إن تشكيل طالبان حكومة لتصريف الأعمال لا يمنحها الشرعية تلقائيا.
وأضاف أن الولايات المتحدة وبقية العالم سيراقبون عن كثب لمعرفة الطريقة التي يحكمون بها البلاد في الأسابيع المقبلة.
وقبل ذلك بساعات، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن واشنطن "ليست في عجلة" للاعتراف بالحكومة الجديدة، معتبرة أن "الأمر سيعتمد على الخطوات التي تتخذها طالبان"، وأن "العالم سيراقب ومن ضمنه الولايات المتحدة".
وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد -في لقاء إذاعي مع "بي بي سي" (BBC)- إن طالبان ستواجه تحديات ولن تتمكن من تحقيق الاستقرار حتى لو وصلت إلى السلطة بالقوة.
وأضاف خليل زاد أن واشنطن ستستخدم نفوذها، ولن تقدم 3.3 مليارات دولار من المساعدات ولن تبرم اتفاقا سياسيا ولن تعترف بطالبان.
كما قال المبعوث الأميركي إنه علم بزيارة وفد من طالبان للرئيس الأسبق حامد كرزاي أواخر عام 2001 حاملا رسالة ترحيب من الحركة بالحكومة الجديدة آنذاك، معتبرا أن هذه قد تكون فرصة مهمة لم تستغل وقد تكون من أخطاء السنوات الـ20 الماضية.
الدبلوماسية وحرية التعبير
في سياق متصل، قال سهيل شاهين -وهو متحدث آخر باسم طالبان- إن الحركة تسعى لعلاقات جيدة مع جميع الدول بما فيها الولايات المتحدة التي احتلت أفغانستان لمدة 20 عاما.
ولكنه شدد على أن طالبان لن تقيم علاقات مع إسرائيل التي قامت على أراض عربية مغتصبة عام 1948، ولا تزال تحتل القدس والضفة الغربية وتحاصر قطاع غزة، كما تحتل الجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية.
وفي حوار مع وكالة سبوتنيك الروسية، قال شاهين "نريد علاقات مع جميع دول العالم، ونود أن تكون لدينا علاقات مع جميع دول المنطقة والدول المجاورة وكذلك الدول الآسيوية. إسرائيل ليست من بين هذه الدول، وبالطبع لن تكون لنا أي علاقة معها".
ورحب شاهين بالعلاقات مع واشنطن "إذا كانت أميركا تريد أن تكون لها علاقة معنا، وإن كان ذلك في مصلحة البلدين والشعبين، وإذا كانوا يريدون المشاركة في إعادة إعمار أفغانستان، فنحن نرحب بهم".
وبخصوص حرية التعبير، قال شاهين "لن نفرض أي قيود على وسائل التواصل الاجتماعي، ونؤمن بحرية التعبير".
مظاهرات في كابل
في سياق متصل، أطلق عناصر طالبان اليوم الثلاثاء النار في الهواء لتفريق مئات الأشخاص الذين نظّموا عدة مسيرات في كابل، ولا سيما قرب القصر الرئاسي وأمام السفارة الباكستانية.
ونظّمت 3 مسيرات على الأقل في أنحاء كابل، وقالت المتظاهرة سارة فهيم "تريد النساء أن تكون بلادهن حرة. يردن أن يعاد إعمارها. تعبنا".
وأضافت "نريد أن يعيش جميع أبناء شعبنا حياة طبيعية. إلى متى سنعيش في هذا الوضع؟"
ورفع متظاهرون في مدينة مزار الشريف لافتات وهتفوا بشعارات للتعبير عن امتعاضهم من الوضع الأمني، وللمطالبة بالسماح بالسفر بحرية، بينما اتّهموا باكستان بالتدخل، نظرا للعلاقات التاريخية الوثيقة التي تربطها بطالبان.
وفي منطقة شهر ناو في العاصمة كابل خرجت مسيرة شارك فيها المئات استجابة لدعوة أحمد شاه مسعود للتنديد بسقوط ولاية بنجشير تحت حكم طالبان، وشاهد مراسل الجزيرة حماية عناصر حركة طالبان لهذه المظاهرة التي رفعت شعارات تندد بما وصفوه تدخل باكستان في الشأن الأفغاني.
وقالت متظاهرة أخرى تدعى زهرة محمدي، وهي طبيبة من كابل، "نريد أن تصبح أفغانستان حرة. نريد الحرية".
كما خرجت مظاهرات متفرّقة في مدن أصغر خلال الأيام الماضية، من بينها هرات ومزار شريف حيث طالبت النساء بدور في الحكومة الجديدة.
تآمر أجنبي
واتهم ذبيح الله مجاهد، في مؤتمره الصحفي، جهات خارجية لم يسمها بالوقوف خلف المظاهرات، وقال إن هذه الجهات تهدف إلى "خلق المشاكل في البلاد"، موضحا "نعلن أنه حتى فتح جميع المؤسسات والإدارات لا ينبغي أن يتظاهر أحد".
واعتبر مجاهد أن البلد خرج من المأزق والحرب وأن هذا ليس وقت المظاهرات، مضيفا أن المظاهرات يجب أن تخضع للقانون وأن تتم بالتنسيق مع وزارة العدل والشرطة لتأمينها.
وقال مسؤول في طالبان يتولى الإشراف على أمن العاصمة ويدعى الجنرال مبين إن حراسا في طالبان استدعوه إلى المكان، قائلا إن "النساء يحدثن اضطرابات". وأضاف "تجمع هؤلاء المتظاهرون بناء على تآمر مخابرات خارجية".
وأفاد صحافي أفغاني كان يغطي المظاهرة بأن طالبان صادرت بطاقة هويته الإعلامية والكاميرا التي كانت بحوزته. وقال "تعرّضت للركل وطلب مني المغادرة".
وفي وقت لاحق، قالت جمعية الصحافيين الأفغان المستقلين التي تتخذ من كابل مقرا لها إن 14 صحافيا، من الأفغان والأجانب، أوقفوا لفترة وجيزة خلال الاحتجاجات قبل إطلاق سراحهم.
وأضافت في بيان أن "الجمعية تدين بشدة التعامل العنيف مع الصحافيين في التظاهرات الأخيرة، وتدعو سلطات الإمارة الإسلامية إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع العنف وحماية الصحافيين".
وأظهرت صور تم تداولها على الإنترنت مراسلين مصابين بجروح وكدمات في أيديهم وركبهم.
المصدر : الجزيرة + وكالات