أكبر ركود اقتصادي لبريطانيا منذ 3 قرون .. مبيعات التجزئة تتراجع والتضخم يرتفع
المدينة نيوز :- تواجه بريطانيا أكبر ركود اقتصادي منذ ثلاثة قرون، في وقت يهدد فيه نقص الأيدي العاملة بسبب مغادرة عشرات الآلاف بعد "بريكست"، التعافي الاقتصادي مع تزايد معدلات توقعات التضخم.
وغادر أكثر من 200 ألف من مواطني الاتحاد الأوروبي المملكة المتحدة، العام الماضي، بسبب الخروج البريطاني من أوروبا والأزمة الاقتصادية، وفقا لـ"بلومبيرج" للأنباء.
وتشير أرقام مكتب الإحصاء الوطني البريطاني أمس، إلى أن هناك 3.5 مليون من مواطني الاتحاد الأوروبي، يعيشون في البلاد، مقارنة بـ3.7 مليون في 2019.
وتغير عدد المواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي بشكل طفيف، حيث بلغ 2.6 مليون، وهذه الخسارة تساعد على تفسير السبب الذي يجعل بريطانيا تشهد نقصا في العمالة، ما أدى إلى أرفف فارغة في المتاجر، وارتفاع الأسعار وتهديد التعافي من الركود الاقتصادي بسبب الجائحة.
وتعتمد قطاعات، مثل البيع بالتجزئة والضيافة بشكل كبير على عمال الاتحاد الأوروبي، ولم يتضح عدد هؤلاء الذين سيعودون، ممن غادروا البلاد. وضربت الجائحة بريطانيا بشكل أقوى من معظم الدول، وربما وجد المهاجرون فرصا جذابة في أوطانهم.
وتراجعت مبيعات التجزئة في بريطانيا للشهر الرابع على التوالي، في آب (أغسطس) الماضي على نحو غير متوقع، في أسوأ سلسلة متواصلة من التراجعات على مدار 25 عاما على الأقل، ما يشير إلى أن زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا وتعثر حركة الإمدادات ألقيا بظلالهما على المبيعات.
وذكر مكتب الإحصاء الوطني في بريطانيا أن حجم السلع المبيعة في المتاجر وعبر الإنترنت تراجع في آب (أغسطس) بنسبة 0.9 في المائة مقارنة بتموز (يوليو) عندما انخفضت المبيعات 2.8 في المائة.
وأفادت وكالة "بلومبيرج" للأنباء بأن خبراء الاقتصاد كانوا يتوقعون ارتفاع المبيعات 0.5 في المائة في آب (أغسطس).
وتتزايد الشكوك حاليا بشأن مستقبل الإنفاق الاستهلاكي الذي يغذي الاقتصاد البريطاني. وتواجه ملايين الأسر البريطانية حاليا خطر ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كورونا، فضلا عن تراجع حاد في مستويات المعيشة بعد الارتفاع الكبير في معدلات التضخم.
ونقلت "بلومبيرج" عن ستيوارت كول، كبير خبراء الاقتصاد الكلي في مؤسسة إيكويتي كابيتال للخدمات المالية، قوله "إن هذه الأرقام تثير مزيدا من المخاوف بشأن تباطؤ وتيرة تعافي الاقتصاد البريطاني، وإن انتعاش الطلب الاستهلاكي في البلاد وصل بالفعل إلى ذروته".
إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي أن المستهلكين في بريطانيا يتوقعون أن يبقى التضخم أعلى من المستوى الذي يستهدفه بنك إنجلترا المركزي خلال الأعوام الخمسة المقبلة، على أقل تقدير، في مؤشر على ترسخ الآراء بشأن ارتفاع الأسعار.
وتوقع المشاركون في الاستطلاع الذي أجرته شركة أبحاث السوق "كانتار" بشأن معدل التضخم ربع السنوي لدى بنك إنجلترا المركزي، ارتفاع الأسعار 2.7 في المائة خلال العام المقبل، مقارنة بـ2.4 في المائة عن التوقعات لأيار (مايو) الماضي.
كما يتوقع المستهلكون المشاركون في الاستطلاع ارتفاع الأسعار 3 في المائة خلال الأعوام الخمسة المقبلة. وجاءت جميع آراء المستهلكين بشأن معدل التضخم أعلى من 2 في المائة الذي يستهدفه البنك المركزي.
ويرصد البنك المركزي الآراء بشأن التضخم بعناية، ويسعى إلى الحفاظ على تصورات بأن المستوى الإجمالي للأسعار سيظل مستقرا لمنع حدوث دوامة من التوقعات التي من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع التكاليف والأجور في مختلف قطاعات الاقتصاد.
وسعى صناع السياسة في بريطانيا خلال الأسابيع الأخيرة إلى التقليل من المخاوف بشأن كيفية منع فرط في النشاط الاقتصادي.
وتشير "بلومبيرج" إلى أن الحكومة البريطانية بدأت تقييم الكيفية التي ستعمل بها على تقليص الحوافز المالية التي قامت بضخها في الاقتصاد منذ بداية تفشي وباء فيروس كورونا.
ويقول أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، "إنه من المسؤولين الذين يعتقدون أنه تم استيفاء الحد الأدنى من المعايير لتشديد السياسة النقدية".
ويتوقع بنك إنجلترا أن تصل ارتفاعات الأسعار إلى الذروة عند 4 في المائة بنهاية العام - وهو ضعف المستوى المستهدف - ثم تنخفض في 2022 و2023. وتم إجراء الاستطلاع في الفترة من 10 آب (أغسطس) إلى 16 آب (أغسطس) الماضي.
ويظهر الاستطلاع أن 43 في المائة من المشاركين يتوقعون ارتفاع أسعار الفائدة خلال الـ12 شهرا المقبلة، مقارنة بـ39 في المائة خلال أيار (مايو) الماضي.
من جهة أخرى، ذكر تقرير إخباري أن وزارة التجارة والطاقة والاستراتيجية الصناعية في بريطانيا تعتزم السماح للموظفين بطلب ظروف عمل مرنة بدءا من اليوم الأول في أي وظيفة جديدة، بدلا من فترة الـ26 أسبوعا المطبقة حاليا.
وأفادت محطة تلفزيون "سكاي نيوز"، نقلا عن مصدر لم تفصح عنه، بأنه يمكن إعلان هذه الخطوة خلال الأيام المقبلة، التي كانت مقررة في الأصل قبل الانتخابات العامة التي أجريت في 2019، وفقا لوكالة "بلومبيرج" للأنباء.
وأضافت المحطة أنها "ستعطي الموظفين الحق في طلب ساعات عمل مرنة، مع الأخذ في الحسبان وقت وساعات وموقع العمل".
وقال ناطق باسم الحكومة لـ"سكاي نيوز"، "وفقا لما هو منصوص عليه في بيان 2019، "الحكومة ملتزمة بالتشاور بشأن جعل ساعات العمل المرنة هي الأساس، إلا إذا كان لدى رب العمل سبب لعدم فعل ذلك، ما يعزز الإنتاجية في العمل ويساعد حتى مزيد من الموظفين على الانضمام إلى سوق العمل، وسيتم نشر مقترحاتنا قريبا".
ويعتزم بنك جيه.بي مورجان تشيس الأمريكي إطلاق خدمة تجزئة مصرفية رقمية في بريطانيا الأسبوع المقبل، وهي الخطوة الأولى في خطط البنك لتوسيع نشاطه في مجال التجزئة المصرفية خارج الولايات المتحدة.
ومن المقرر أن تبدأ الخدمة الجديدة باسم "تشيس" الثلاثاء المقبل، من خلال إتاحة فتح حسابات جارية للعملاء عبر الإنترنت، بحسبما نقلته وكالة "بلومبيرج" للأنباء عن مصدر مطلع.
وقال سانوكي فيسواناثان رئيس قطاع خدمات التجزئة الدولية في "جيه.بي مورجان" خلال مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية "إن الخدمات التي سيقدمها البنك الأمريكي عبر منصته الإلكترونية الجديدة في بريطانيا ستزداد بمرور الوقت، حيث يعتزم البنك استثمار مئات الملايين من الدولارات في هذه المنصة".
يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه سوق الخدمات المصرفية الاستهلاكية في بريطانيا منافسة قوية خلال الأعوام الأخيرة مع ظهور الشركات الناشئة للخدمات الرقمية مثل مونزو بنك وستارلينج بنك.
كما أطلق بنك جولدمان ساكس جروب الأمريكي خدمته الرقمية ماركوس في بريطانيا 2018. وقال فيسواناثان لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، "إن "جيه.بي مورجان" يخطط لدخول سوق التجزئة المصرفية الإلكترونية في بريطانيا منذ عامين".
وكان البنك البريطاني وافق على شراء صندوق إدارة الثروات الرقمي نوتمبج سافينج آند إنفستمنت في حزيران (يونيو) الماضي، مشيرا إلى أن البنك يدرس القيام بمزيد من صفقات الاستحواذ.
وأضاف فيسواناثان أن "البنك يريد أن يصبح قوة مؤثرة في سوق التجزئة المصرفية في بربيطانيا، مع إمكانية التوسع في أوروبا وأمريكا اللاتينية".